خبر كان له احتمال في البقاء -معاريف

الساعة 09:49 ص|19 يناير 2012

بقلم: اسحق ليفانون

السفير الاسرائيلي السابق في مصر

        (المضمون: كانت لمبارك فرص عديدة كي يبقى أساسها الانصات الى قلب الشعب والاستجابة لمطالبه بدلا من السعي الى توريث ابنه خليفة له وتأييد وزير داخليته القاتل للناس - المصدر).

        كان هناك احتمال لمبارك بان يبقى. الصحفي، الكاتب والمذيع التلفزيوني، المسلماني، المقرب من الاخوان المسلمين، تباهى في أحد برامجه بان الغرب بأسره، وكذا الموساد الاسرائيلي، لم يتوقع ثورة يناير. كان محقا. ولكنه لم يكن محقا أيضا. فالاسرة الدبلوماسية في القاهرة التي كنت جزءا منها عرفت بوجود عدم الرضى العميق الذي يسود الجمهور المصري في ضوء اليد الثقيلة لنظام مبارك والتطلع الحقيقي في تغيير الوضع. عرفنا بل عرفنا، وفي هذا فان المسلماني ليس محقا. فأين كان محقا إذن؟ في المفاجأة بان النظام الذي يعتبر قويا ومستقرا سقط في غضون 18 يوما فقط.

        هل كان بوسع مبارك أن يمنع ذلك؟ تصوروا انه مع عودته من العملية في ألمانيا في بداية 2010 كان أعلن بانه قرر عدم التنافس على ولاية اخرى. فقد كان سيحظى بعطف الجمهور بأسره وكان سينهي حياته كأحد الفراعنة الهامين لمصر. فماذا فعل؟ واصل مخادعة الجميع، رفض بشدة الكشف عن نواياه الحقيقية حول الرئاسة وادعى بان الله وحده يعرف ماذا سيحصل. وهكذا انتشرت الشائعة العنيدة بانه في واقع الامر يعد الخلافة لابنه. مبارك كان يمكنه أن ينقذ نفسه في فرصة اخرى، لو كان الغى الانتخابات لمجلس الشعب في نهاية 2010، والتي فاز فيها حزبه بكل المقاعد تقريبا، فيما ان الاخوان المسلمين لم يفوزوا حتى ولا بمقعد واحد. هذا أغاظ الكثيرين، بمن فيهم مؤيدو مبارك. ولكن الخلافة لابنه كانت في نظره مصلحة عليا. وهكذا فان صورته أخذت في التآكل في الداخل وفي الخارج.

        مبارك فوت فرصة اخرى. كان يكفي أن يقيل وزير داخليته بعد ان قمع الاخير بقوة شديدة المتظاهرين في يوم الشرطي. بدلا من ذلك، أعرب عن تأييد علني وغير متحفظ للرجل الذي اصبح مكروها من الكثيرين. الشعب فهم في أي جانب يوجد مبارك. فرصة اخرى فوتها كانت ليلة السبت، يوم الاضطرابات الدموية، عندما احترقت القاهرة، وتلبث مبارك ولم يكلف نفسه عناء الظهور على شاشة التلفزيون والحديث الى شعبه، وجها الى وجه. فقد كان بعيدا عن شعبه. الشعب الذي بدأ بمطالب متواضعة بمزيد من الحرية والانفتاح وحقوق الانسان غير الاتجاه في ضوء ابتعاد الرئيس وعندها جاءت الدعوة التي صدعت 18 يوما وليلة الى أن تحققت: إرحل. لو كانت مبارك اكثر انصاتا ومع اليد على النبض، لكان استغل واحدة من هذه المحطات أعلاه وعندها لعله كان له احتمال في البقاء. اما الان فقد بات هذا غير ذي صلة، إذ أن مبارك ينتمي الى التاريخ.