خبر عمرو: ستفشل فتح بالانتخابات إذا استمر الوضع على حاله

الساعة 06:58 ص|19 يناير 2012

رام الله

حذر نبيل عمرو عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح السفير الفلسطيني السابق بالقاهرة الاربعاء في حديث مطول مع 'القدس العربي' من تكرار تجربة الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت عام 2006 وفازت بها حركة حماس جراء الفرقة التي كانت سائدة في صفوف حركة فتح، مطالبا بالعمل بشكل جاد لتوحيد صفوف الحركة، وتعزيز مكانتها بالشارع الفلسطيني استعدادا للانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في ايار (مايو) المقبل وفق اتفاق المصالحة الذي وقع في القاهرة قبل شهور.

واضاف عمرو الذي شارك في دورة اجتماعات المجلس الاستشاري لحركة فتح التي عقدت الاسبوع الماضي بحضور الرئيس محمود عباس قائلا للقدس العربي الاربعاء 'نعم هنالك قلق واذا استمر الوضع في فتح على حاله فان ما حدث في الماضي من فشل على صعيد الانتخابات المحلية والنقابية والتشريعية سوف يتكرر'.

وفيما يلي الحوار الذي اجرته 'القدس العربي' مع عمرو حول اوضاع حركة فتح في ظل الاستعدادات الجارية للانتخابات في ايار المقبل وما تشهده الساحة السياسية الفلسطينية.

- استاذ نبيل عمرو عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح لماذا طالبتم في بيان اصدره المجلس مؤخرا عقب اجتماعه الاسبوع الماضي برئاسة الرئيس محمود عباس بضرورة عقد مؤتمر استثنائي للحركة قبل اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ايار المقبل ؟

- هنالك اغلبية كاسحة في فتح، ترى ان وضع الحركة بحاجة الى معالجة فعالة، ولقد طالبت اقاليم فتح في مذكرة للرئيس محمود عباس، بعقد مؤتمر استثنائي لترتيب الوضع الداخلي، بعدما يقارب السنوات الثلاث على انتهاء اعمال المؤتمر السادس في بيت لحم، دون ان يلمس احد تطورا في وضع الحركة بل على العكس هنالك تراجع ملحوظ، ان وضع القضية الوطنية والتحديات الكبرى المحيطة بها والاحتمالات المتزايدة لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ووطنية تحتم عقد مثل هذا المؤتمر كجهد مركزي لمواجهة المرحلة المقبلة بكل صعوباتها، واذا كان متعذرا عقد المؤتمر العام خلال فترة وجيزة فمن الضروري والملح عقد 'الكونفرنس' وهو مؤتمر مصغر يشير النظام الداخلي لحركة فتح انه يقوم مقام المؤتمر العام.

- هل تخشون في الاستشاري من فشل الحركة في الانتخابات القادمة بسبب وجودة حالة من الغضب في صفوف قطاعات واسعة في الحركة من عدم تحسن وضعها رغم مرور اكثر من سنتين على عقد المؤتمر العام السادس؟وهل هناك احتمالية لتكرار تجربة الانتخابات التي جرت عام عام 2006 والتي فازت بها حماس؟

- نعم هنالك قلق واذا استمر الوضع في فتح على حاله فان ما حدث في الماضي من فشل على صعيد الانتخابات المحلية والنقابية والتشريعية سوف يتكرر حتما، لهذا ولان الانتخابات اصبحت محتملة وربما قريبة فان فتح يجب ان تنتبه الى نفسها وان تضمن سلامة تصويت اعضائها ولعل احد اهم ما يمكن ان يفعله المؤتمر المقترح هو تسمية ممثلي فتح في الانتخابات لمنحهم شرعية قوية، ان الانضباط الداخلي في فتح ازداد ضعفا بعض المؤتمر السادس واذا ما استمر فان ما حدث في الماضي سيحدث مجددا.

- كيف تصف وضع حركة فتح الحالي في ظل اللجنة المركزية التي افرزها المؤتمر العام السادس الذي شهد حالة من التذمر في صفوف الحركة بعد انعقاده؟

- في كل المؤسسات وعلى كل المستويات تعطى القيادة المنتخبة مائة يوم لإثبات حضورها وقدرتها على احداث مؤشرات ايجابية نحو تحقيق برامجها. ولقد اخذت قيادة فتح بعد المؤتمر ما يقارب الالف يوم ولا احد يستطيع القول ان نجاحا ما جرى تحقيقه، لهذا لا مناص من مراجعة الموقف واتخاذ الاجراءات الفعالة لمعالجة الوضع، لان المؤتمر او الكونفرنس هو من يمنح القيادات والتوجهات شرعيتها.

- حركة فتح في الآونة الأخيرة صعدت من حديثها عن المقاومة الشعبية الا ان تلك المقاومة غير موجودة على ارض الواقع، هل هذا يعني عدم استجابة الجماهير للحركة؟ وهل هناك حالة من عدم الثقة بين قيادة الحركة والقاعدة في الشارع؟

- نعم هنالك خلل في العلاقة مع الشارع وما يؤكد ذلك ضعف الفعاليات الشعبية المتصدية للاستيطان والاجراءات الإسرائيلية في القدس وسائر الضفة الغربية، فلنأخذ مثلا التصدي للجدار، مع ان فتح تشرف على وزارة بهذا المسمى الا ان الجهد الشعبي لمواجهة الجدار الكارثة يبدو كما لو انه جهد رمزي فهنالك مثلا فعاليات النبي صالح وبلعين ونعلين وغير ذلك لاشيء، ان خيار المقاومة السلمية يحتاج الى جهد اصعب بكثير من خيار المقاومة المسلحة والجميع لا يرى جهدا في هذا الاتجاه ولا يرى نتائج.

- لماذا طالب المجلس الاستشاري في دورته الاخيرة وانت احد اعضائه بالكف عن التصريحات التي تلمح او تشير من قبل المسؤولين الفلسطينيين لحل السلطة او التهديد باللجوء الى ذلك الخيار؟

- ان حركة فتح هي من اسس السلطة الوطنية في سياق جهد دولي لحل القضية الفلسطينية عبر التفاوض، وقد استثمر العالم كله بما في ذلك الدول العربية المليارات من اجل انشائها وتكريسها ليس كنهاية للمطاف وانما كمحطة تسبق انشاء الدولة المستقلة وحل جميع قضايا الوضع الدائم واهمها بالطبع القدس واللاجئين وفي حينه قُدمت السلطة للشعب الفلسطيني على انها انجاز وطني، ومع اقرارنا بالاخفاقات الكبرى التي حدثت في مسيرة 'السلام' الا ان تحويل السلطة الى مقدمة لدولة وطنية يحتاج الى نضال مضاعف، ان حل السلطة من قبل صناعها او كما قال البعض تسليم مفاتيحها للإسرائيليين، يحمل خطرا فادحا على القضية الوطنية فما الذي يمنع الإسرائيليين من القول أن القيادة الفلسطينية سلمتنا مقدرات شعبها ثم ما هو البديل الذي يقترحه من يتحدثون عن حل السلطة او انهيارها ثم اين تذهب اجهزة الامن التي تعد بعشرات الالوف ومعها الوزارات والمؤسسات ، ثم اين تستقر القيادات، هل هنالك منافٍ جديدة ستكون هذه المرة اختيارية؟ ام انهم سيتسلقون الجبال لقيادة المقاومة السلمية؟ آن الاوان لكي يقدم القادة الفلسطينيون لشعبهم بديلا عن كل ما سيعتذرون عنه، فهل طرح بديل واحد او حتى تصور تقريبي لما بعد حل او انهيار السلطة، لهذا ونظرا للقلق الذي استبد بالمواطنين نتيجة حديث من هذا النوع نصح الاستشاري باجماع اعضائه بالكف عن الحديث في هذا الامر اذ لا ينقص الفلسطينيون مصادر قلق وخوف.

- كيف ترى ذهاب القيادة الفلسطينية برئاسة القائد العام لحركة فتح الرئيس محمود عباس الى المحادثات مع الاسرائيليين في عمان في ظل تواصل الاستيطان الذي كان الجانب الفلسطيني هدد بانه لن يذهب للمفاوضات الا بوقفه؟ وهل الذهاب للمفاوضات رغم عدم وقف الاستيطان ينعكس على ثقة الشارع الفلسطيني بحركة فتح التي يقودها عباس؟

- هنالك ظاهرة سياسية وتعبوية محيرة وهي تتعلق بالاداء، فالقيادة الفلسطينية لكثرة ما تحدثت عن شرط وقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات فقد عبأت الشارع تعبئة كاملة ضد اي اجتماع يمكن ان يجري مع الاسرائيليين ورغم ادعاءات الناطقين الرسميين بان ما يجري في عمان ليس مفاوضات الا ان نسبة كبيرة من المواطنين الفلسطينيين رأت في لقاءات عمان نوعا من التراجع عن المواقف التي الزمت القيادة نفسها بها ، كذلك فان عدم مصارحة المواطنين بدوافع الخطوات السياسية وظروفها يؤدي الى مضاعفة ردود الافعال السلبية فانا على سبيل المثال فهمت لقاءات عمان والموافقة الفلسطينية على اجرائها على انها استجابة لمبادرة الاشقاء في الاردن وكذلك اللجنة الرباعية ولو قدم الامر على حقيقته لكان الوضع افضل قليلا، على كل حال فان لقاءات عمان لن تحقق ما يكفي لاحراز تعاطف شعبي معها وبالتالي فان المصداقية لابد وان تخدش.

- هل تعتقد بان البوصلة غير واضحة بالنسبة للقيادة الفلسطنية وان ما تقوم به يأتي بشكل ارتجالي؟ أم هناك فعلا خطة فلسطينية موضوعة يجري التحرك في اطارها؟

- البوصلة اكثر من واضحة والتجربة الفلسطينية مع الاسرائيليين والامريكيين والرباعية غنية بما يكفي وفيها دروس متكررة ، الرباعية تعمل على ملء الفراغ ليس الا وحين يعترف الرئيس اوباما بعدم قدرته على احراز تقدم ما في العملية السياسية على المسار الفلسطيني الاسرائيلي رغم الجهود المكثفة التي بذلها في هذا الاتجاه فمن اين تأتي الرباعية بقدرات فعّالة لتحقيق اي انجاز او اختراق، مشكلة الفلسطينيين انهم يسبحون في بحر من العجز العربي والدولي ولا يجدون من يزحزح الاسرائيليين عن عنادهم المتمادي واستمرارهم في سد الافاق واهدار فرص التقدم نحو التسوية، ان حكومة اسرائيل الحالية ربطت مصيرها في الحكم بمدى منعها الفلسطينيين من تحقيق ولو بعض من اهدافهم، اليوم على سبيل المثال طالب ليبرمان الفلسطينيين بما اسماه باجراءات لبناء الثقة مع الاسرائيليين، وكأن الفلسطينيين هم اصحاب اليد العليا واسرائيل صاحبة اليد السفلى، ان الجميع يرى ذلك، اذا ليست المشكلة في البوصلة على اهمية رؤية البدائل وانما المشكلة في القدرات وبكل اسف فان القدرات الفلسطينية متواضعة وحتى القليل منها لا يوظف بطريقة صحيحة.

- المصالحة الفلسطينية الى اين ذاهبة على ضوء لقائكم في الاستشاري الاسبوع الماضي بالرئيس محمود عباس الذي وضعكم في صورة التطورات على الساحة الفلسطينية؟

- هنالك كلام ايجابي كثير عن المصالحة واجواء ايجابية كذلك، الا ان الناس لا ترى تسارعا في الانجازات على الارض، ان معيار تقدم ورسوخ المصالحة يكمن اولا في الاتفاق على الاساس السياسي لها وهذا الامر يبدو انه لم يحسم حتى الان لا في محادثات القاهرة ولا في اي مكان اخر، كذلك لابد من تسريع عمل لجنة الانتخابات المعدلة كي تجري الانتخابات في الموعد المقرر او بعده باسابيع او اشهر قليلة ، كذلك لابد من قطع خطوات ملموسة نحو التوحد الاداري والقانوني ، اي السلطوي بين غزة والضفة، ان التفاهم فقط وتقاسم السلطة والنفوذ لا يعني المصالحة المنشودة ففي حال التقاسم ولو بالتفاهم فاننا كمن يزرع لغما مؤجل المفعول تحت البناء. الجمهور الفلسطيني الذي رفع شعار الشعب يريد انهاء الانقسام حتى الان يشعر بالقلق وعدم اليقين من تحقيق شعاره.

- الى اين يسير الوضع الفلسطيني في ظل الربيع العربي الذي بدأ التيار الاسلامي بالفوز فيه؟ وهل تعتقد بان الانتخابات الفلسطينية القادمة ستكون نتائجها كما جرى في تونس ومصر من فوز للاسلاميين؟

- الربيع العربي الذي اتى بالاسلاميين الى احتلال موقع الاغلبية في البرلمانات ليس بالضرورة ان يتكرر بذات الايقاع والقوة في فلسطين . لا احد ينكر قوة وجود الاسلام السياسي في فلسطين وعلينا ان لا ننسى ان اول فوز في البرلمان للاسلاميين كان في فلسطين ولو دققنا في طبيعة هذا الفوز لوجدنا ان سببه الاساسي هو الفوضى وقلة الانضباط على الجانب المنافس واعني به فتح وفصائل منظمة التحرير والمجتمع المدني. بعد فوز حماس في الانتخابات قُرأت بصورة مهنية حركة واتجاهات التصويت سواء على صعيد الدوائر او القوائم وظهر ان فتح حصلت على الاصوات الاكثر والمقاعد الاقل وهذا معناه ان قلة الانضباط والتنافس المحموم بين ابناء الحركة الواحدة هو ما ادى الى هذه النتيجة، لهذا اعد المجلس الاستشاري ورقة غير معلنة الى جانب بيانه المعلن تقترح سلسلة من التدابير والاجراءات يرى الاستشاري ان من شأنها تحسين فرص فتح في الفوز وبعد تنقيحها الأخير ستسلم الى قيادة فتح لدراستها مع امل بقبولها ووضع آليات تنفيذها.