خبر بلاد المطاردات- معاريف

الساعة 09:25 ص|15 يناير 2012

بلاد المطاردات- معاريف

بقلم: حنان غرينبرغ

(المضمون: قادة الجيش في الحدود الجنوبية متوترون دائما لكثرة الانذارات بالمتسللين على انواع أغراضهم - المصدر).

        جرس الانذار القصير الذي يدل على حدث شاذ، اقتراب او لمس للسياج الفاصل في قطاع غزة، يرن في الغرفة الحربية لكتيبة 50 من لواء الناحل مرة كل ربع ساعة. قائد الكتيبة، المقدم يريف بن عزرا، يتلقى بلاغا سريعا ويقر فتح النار لغرض التحذير. ويشرح فيقول ان "هذه لعبة عقول دائمة. الطرف الاخر يحاول كل الوقت ايجاد السبل لمفاجأتنا، ونحن نحاول تشويش خططه. عندما يقترب ثلاثة أطفال من السياج، فانك لن تعرف ابدا ما هو سبب ذلك. لعلهم يرغبون في اجتذابنا الى الداخل، أو يبدو أن احدا ما بعثهم لفحص يقظتنا كي يخطط للعملية التالية".

        من الحدود الاكثر هدوءا لاسرائيل في العقود الاخيرة تحولت في السنة الماضية الحدود المصرية الى خط أحمر. شبه جزيرة سيناء هي أرض سائبة، الساحة الخلفية لغزة. الحكم المتفكك في مصر تخلى عن قطعة الصحراء هذه في صالح عصابات الارهاب. الاف المتسللين في الشهر، بدو، تجار مخدرات وسلاح، أنفاق ومخربون ينتقلون عبر الحدود الطويلة والفالتة هذه. مؤخرا يستكمل الجدار الامني، تقريبا 250كم، الذي يفترض أن يخلق فاصلا. لواء الناحل ينتشر اليوم على طوله من نيتسانا في الشمال الغربي وحتى ايلات. قادة الكتائب الاربعة، قائد كتيبة 931 المقدم يوغاف يفرح، قائد كتيبة 932 المقدم روعي شطريت، قائد كتيبة 50 المقدم يريف بن عزرا، قائد الكتيبة الجوالة المقدم آفي، الى جانب قائد قاعدة التدريب للواء، المقدم يسرائيل شومير، جمعناهم هذا الاسبوع في حديث عن الحراسة لتلك الحدود الساخنة في الدولة.

        المقدم شطريت، الذي يوجد مع كتيبته بجوار كتسيعوت على الحدود الاسرائيلية – المصرية، يفهم جيدا بان العملية التي وقعت هنا في الصيف هي مجرد السنونو الاول لما من شأن هذه الحدود ان تخلقه. "فرضية العمل هي انه في المرة القادمة سيكون هذا شيئا آخر، اكثر تعقيدا"، كما وصف التحدي الذي يواجهه.

        جاهزون للمفاجآت

        كتيبة الدورية في اللواء قضت في الاشهر الاخيرة في منطقة نتفيم المجاورة لايلات، حيث وقعت العملية في آب من العام الماضي. "هذا هو المكان الذي يعتبر الاسخن"، روى قائد الكتيبة، المقدم آفي، "بطبيعة الاحوال يوجد للمقاتلين اهتمام كبير ان يكونوا في مثل هذا المكان، الذي يتغير لنا امام ناظرينا، وكذا حتى في الظروف الاقل شدة فاننا نكون في حالة تأهب قصوى". تعزيز القوات السريع في الحدود المصرية بعد العملية سبق اعداد البنية التحتية بحيث أن جنود قائد الكتيبة الجوالة ينامون في الخيام ويأكلون وجبات قتالية. وهو نفسه أجرى محادثاته في داخل الخيمة وجعل من حاوية فولاذية فارغة مكتبا له.

        الى الشمال من هناك، في قاطع الرمال حيث توجد اعمال اقامة الجدار الحدودي في مراحلها الاولى، يروي قائد الكتيبة المقدم شطريت عن المطاردات للمتسللين ايضا، اللاجئين، مهاجري العمل، تجار المخدرات والمخربين. ويقول: "في الليلة الماضية دخل 89 متسللا. معظمهم يوقفون عند الحدود، ولكن بعضهم يركضون ويركضون، واحيانا حفاة، شبه عراة".

        القادة الذين يعملون على الحدود المصرية يعترفون بان التعامل مع التيار الذي لا يتوقف من المتسللين يستنزفهم على المستوى الجسدي والعقلي. "لقد اصبحت هذه عادة غير بسيطة، احيانا نرى أيضا اطفال، رضع"، روى أحدهم. "المسؤولية الملفاة على عاتق قادة الكتائب هي التأكد من أن الجنود لا يدخلون في حالة تراخي، انهم رغم رؤيتهم لالف متسلل بريء، سيعرفون بان المتسلل الـ 1.001 بالذات قد يكون مخربا مع حزام ناسف.

        "احيانا يمكن فهم الاحباط الذي يعيشه الجنود الذين يتعين عليهم كل ليلة ان يتعاملوا مع هذه المسألة، ولكن عندما يصلون الى الجدار ويرون وجوه اولئك السودانيين والارتيريين، وجه شخص يحتاج الى مساعدة، فان الجنود أيضا يفهمون بانه رغم الصعوبة الشديدة يجب معاملتهم بالشكل الاكثر احتراما".

        للكمائن المتواترة ضد خلايا الارهاب توجد غير قليل من أوجه الشبه للنشاطات في جنوب لبنان قبل أكثر من عقد، حين كان الضباط في بداية طريقهم القيادي. "هذا هو ذات النظام القتالي، التمويه، حركة القوات. نوع من استعادة ما كان ذات مرة، ولكن فقط في جبهة اخرى وامام عدو آخر"، يقول شطريت.

        المقدم يوغاف يفرح ايضا، قائد كتيبة 931، التي تتواجد في شمالي القطاع، واضح أن كل خطأ قد يؤدي الى نتيجة شديدة، بما فيها اختطاف جندي. وكشف جزءا صغيرا من التكتيك المتبع فقال ان "الابداعية هي عنصر هام في نشاطنا، إذ محظور أن نثبت أنماطا وذلك لان هذا قد يستغله أحد ما وبالتالي فاننا نقوم باعمال تضليل مختلفة للطرف الاخر".

        وكانت الكتائب الخمسة بدأت طريقها العسكري في ذات اللواء الذي توجد فيه اليوم، بعضها اتخذت مهام اخرى في وحدات اخرى ثم عادت الى ما يسموه "الديار". هم ابناء 34 حتى 37، ثلاثة منهم تعلموا القانون، اثنان – علوم سياسية مع اعلام او مقدرات بشرية. وهم يشيرون الى أن العلاقة الاجتماعية العميقة بينهم هي ميزة تنعكس ايضا في العلاقات بين الكتائب. وكلهم، بالصدفة أم بغير الصدفة، يسكنون اليوم في كيبوتسات او موشافات.

        عندما زار رئيس الاركان الفريق بني غانتس التدريبات واستوضح ماذا فعل قائد الكتيبة قبل يومين او ثلاثة من التدريبات، لم يتذكر الاخير فقال غانتس راضيا: "جواب جيد، في الحرب ايضا لا يتذكر الناس". انعدام اليقين الذي أكسب اللواء مؤخرا جائزة الذراع البري، اصبح واقعا بالنسبة لكتيبة 932، عندما تقرر قبل وقت قصير من وصولها الى خط غزة نقلها الى قاطع الرمال. بضع عشرات من الكيلومترات عن كرم سالم جنوبا، المنطقة التي لا يوجد فيها جدار وفيها الكثير من الانذارات.

        كتيبة 50 للمقدم يريف بن عزرا فتذوقت غير قليل مما يمكن لغزة ان توفره: قذائف هاون، عبوات، نار نحو القوات. "هذا مكان يمكن أن يتغير فيه الوضع في خمس دقائق. انذارات عديدة لجملة واسعة من السيناريوهات"، قال، ما قد يشرح لماذا أنهى مرتين 21 يوما في الجبهة. وهو يحرص على الا يصل الاباء والامهات لزيارة ابنائهم في السبوت كي لا يشوشوا انتباههم وتركيزهم على مهامهم.

        ما كان القادة ليحتاجون الى العملية في الصيف الاخير كي يستوعبوا التهديد اليومي بالاختطاف. فقضية جلعاد شليط واثارها مخطوطة عميقا في وعيهم. كما أن الطريق والذكاء لخلية المخربين وعدم النجاح في منع الاختطاف من جانبنا – ثبت جيدا في العقول. وهم يقولون: "هذا يوجد في الرأس كل الوقت. ولكن بقدر لا يقل، الدفاع عن البلدات، وبعد ذلك الحفاظ على أنفسنا، وعمل كل شيء كي لا نصاب، واذا ما اصبنا، فعلى الاقل الا نهزم، وبالتأكيد الا يختطف لنا جنود.