خبر « الآن فهمتكم »- يديعوت

الساعة 09:21 ص|15 يناير 2012

"الآن فهمتكم"- يديعوت

بقلم: سمدار بيري

عند مدخل قرية نائية في محافظة الشرقية في مصر علقوا لافتة جديدة للتذكير بأنها مسقط رأس "البطل القومي" و"الشهيد" سليمان خضر، الذي نفذ المذبحة الفظيعة في الاسرائيليين السبعة في رأس برقة. أمس انقضت 26 سنة منذ موت خضر في ظروف غامضة في السجن بعد أن حُكم عليه بـ 25 سنة سجن مع الاعمال الشاقة.

القاضي حمان شيلح (ابن الشاعر يونتان رتوش)، وزوجته ايلانا وابنتهما تسليل، وعوفري ايلانا الصغيرة، وأنيتا غريفل، وأمير بئوم ودينا بيري الصغيرة. آباء واولاد خرجوا ليغمسوا أقدامهم في الماء الصافي في عطلة عيد رأس السنة وخرج خضر، وهو جندي نظامي في حملة القتل في آخر يوم من خدمته.

من أراد ان يعرف عن مصر الجديدة فهو مدعو الى قراءة افتتاحية "الأهرام" أمس في ذكرى القاتل البغيض. خرج محقق صحفي الى قرية إقياد، وهو أمر كان محظورا زمن الحكم الماضي، لاستعادة القصة من وراء خيانة البطل القومي. وجد خضر ميتا في عيادة ولم يقبل أحد تصريح أنه انتحر. وأصدرت ايران طابعا لذكراه وأسمت باسمه شارعا في طهران. وافتتح في ليبيا مستشفى سليمان خضر لتخليد "بطل سيناء".

بعد مرور سبع سنين أطلق الجندي الاردني احمد دقامسة النار وقتل سبع طالبات من بيت شيمش أتين الى نهريم في اطار الرحلة السنوية. وقالوا عن دقامسة الذي يقضي سجنا مؤبدا في سجن عسكري انه مجنون كما عرّفوا خضر بالضبط في مصر.

تخرج عائلة الجندي المصري بعد 26 سنة من انهائه حياته لتصفية الحساب. ويتحدث أخوه البكر كيف أغلقوا فمه حينما حاول ان يزعم أنهم قضوا على أخيه، من اجل التخلص من الشخص الذي يُجله مئات السجناء. وعوقبت العائلة كلها بالابعاد من الخدمة العسكرية، ومُنعوا من الترشح لوظائف حكومية، وأجرت اجهزة الامن زيارات مفاجئة لهم للتحقق من أنهم لا يُدبرون للانضمام الى منظمات اسلامية.

انهم يرون حتى اليوم ان خضر نفذ رسالة سامية وبدل ان يحصل على وسام شرف لفوا حبل كهرباء حول عنقه كما يتمنون لمبارك الآن بالضبط.

قبل سنة قال رئيس تونس المخلوع زين العابدين، كلمتين سيتم تذكرها حتى آخر ايامه في قصر الجلاء في السعودية. "الآن فهمتكم"، استطاع ان يهمس في حشرجة قبل ان يدفعه ضباط الجيش الى الطائرة وكأنه لم يستوعب إلا في تلك اللحظة وحدها ان المتظاهرين في الشوارع يطلبون اليه ان ينفذ اصلاحات حقا.

أصبحت الجملة المفتاح "الآن فهمتكم" شعارا هستيريا في مسرح السخرية في عمان. في نص يتجرأ على دغدغة نقاط الاحتكاك في أشد المواقع حميمية بين السلطة والمتظاهرين. حتى ان ملك الاردن وملكته جاءا، في خطوة ذكية لمشاهدة "الآن فهمتكم"، وصعدا ليصافحا الممثل الذي تجرأ على السخرية من الفساد والفروق بين الطبقات، واغلاق الأفواه واليأس – وهو شيء ما كان ليبيحه لنفسه قبل نشوب الربيع العربي.

يصعب على عين اسرائيلية ان تقرأ عشرات التعليقات في الانترنت التي تصاحب قصة "بطولة" القاتل في رأس برقة. لكن عائلة خضر تهدد بالاجتماع في ميدان التحرير للتظاهر على "العدو": على مبارك وجماعته المتعاونين مع اسرائيل. وللجندي القاتل دقامسة في الاردن كتائب معجبين به يطلبون الافراج عنه من السجن.

لا توجد في هذه الاثناء اماكن لـ "الآن فهمتكم". حرص الملك على احتضان الممثل الرئيس موسى حجازين وتقبيله وهو الذي يؤدي دور "أبو صقر"، وهو والد العائلة الضخمة الفقيرة الذي يستبد بأبناء البيت ويستعمل نظاما متشددا.

يوجد هنا مشبَه ومشبه به، وانفجر الملك ضاحكا. لكنه يفهم ايضا خيبات الأمل والرموز الثخينة. ان شارعه في شوق الى احتضان الجندي القاتل.