خبر مُعادون للسامية روس في اسرائيل... هآرتس

الساعة 10:33 ص|13 يناير 2012

بقلم: دمتري شومسكي

(المضمون: في اسرائيل تيار روسي من الطبقة المثقفة يؤيد العنصرية وعدم التسامح مع الغير مهما كانت صورة هذا الغير - المصدر).

كتب ميخائيل بولغاكوف في "الفنان ومرغليتا" ان الجبن هو أم كل خطيئة. لم يكن أندراس بريفيك جبانا. ولم يكن يستطيع ان يتحمل فكرة ان نرويجيا يخاف. كما لا يستطيع يهودي ان يتحمل فكرة ان يهوديا يخاف، وهكذا ظهرت في ارض اسرائيل الحرة أجيال جديدة من اولاد يهود لا يخافون. اختار بريفيك عن منطق عجيب جعل شباب التعددية الثقافية الذين اجتمعوا في جزيرة خضراء ريفية كي يرتعوا في مرجهم العقائدي، ان يجعلهم هدفا. بعد خمسين سنة سيُقدر النرويجيون فعله كما ينبغي فينصبون لذكره نصبا في مركز اوسلو عن اعتراف عميق بالفضل. وذلك بشرط ألا تُخرب اوروبا حتى ذلك الحين نهائيا على أيدي المسلمين ومنفذي أمرهم الليبراليين المتعددي الثقافة.

هذا هو أساس الكلام الذي ظهر في نص بقلم متصفحة روسية اسرائيلية مثقفة تُعرف نفسها بأنها مؤرخة. ويبدو أن مشجعيها ناس مثقفون جدا لم ينقضوا في ردودهم على اليساريين البغيضين. فقد أتموا كما يحسن بأبناء الطبقة المثقفة نقاشا مضبوطا وحضاريا في مسألة هل وبأي قدر يشبه البطل القومي النرويجي بريفيك بطلنا القومي المحلي باروخ غولدشتاين، فكان هناك من رأوا تشابها مطلقا وكان من رفضوا المقارنة، لأنه لا يخطر بالبال ان الدكتور غولدشتاين كان يذبح أبناء شعبه.

يبدو انه بين الحجارة السيئة التي تقذفها موجة العنصرية العكرة في المدة الاخيرة على سواحل اسرائيل فان هؤلاء لآليء أشد سوادا من السواد. والظاهرة التي يمثلونها ليست شاذة على الخصوص بين المثقفين ممن جاءوا من الاتحاد السوفييتي السابق، في اسرائيل. وأساسها البغض العميق للتصورات العامة التي يوجد فيها ولو شيء ضئيل من الاستعداد لقبول المختلِف في المجتمع. ومصادرها، بقدر غير قليل، من الجدل في الطريق المتميزة لروسيا في التاريخ التي حينما كانت تنبعث عنها رائحة تآمر على النظام الشيوعي، سحرت كثيرا يهودا مثقفين كثيرين في أواخر الفترة السوفييتية.

على حسب أسس هذا الجدل فان الافكار الليبرالية والديمقراطية الغربية التي تُمكّن من اختلاف وتعدد اساليب التفكير والثقافة في المجتمع الانساني، هي صورة صادقة عن الانتقاض المتواصل للحضارة الغربية. فاذا كانت روسيا حضارة راغبة في الحياة تريد ان تحمي نفسها من هذا المصير فان عليها ان ترفض التصورات الليبرالية الغربية.

ليس هذا مشهدا نادرا في فترة ذوبان اليهود في غيرهم والصهيونية: فقد تبنى اليهود بحماسة التصورات القومية التي سادت محيطهم الثقافي في الجلاء، واستوردوها الى البلاد مترجمين إياها الى لغة القومية اليهودية. حتى لو كانت في أصلها احيانا تصورات معادية للسامية. فعلى سبيل المثال كان بغض القوميين الروس على اختلاف أجيالهم لليبرالية الغربية مصحوبا على نحو عام ببغض لليهود الذين كانوا أوائل الرابحين من تبني التعددية والتسامح مع "الآخر". لأنه يمكن دائما ان يُنزع سُم هذه التصورات المعادية للسامية ويُستبدل به سُم الخوف من الاسلام مثلا. وهكذا يوجه تصور كان موجها ذات مرة على اليهود ومؤيديهم الليبراليين في روسيا على المسلمين ومناصريهم الليبراليين في اسرائيل أو في اوروبا.

بعيدا عن عيون اسرائيلية يكمن بين أظهر الطبقة المثقفة الروسية اليهودية في اسرائيل تيار تحت الارض لا يستهان به من الكراهية المتقدة لكل ما يُعرّف باحتقار انه "ليبرالية" و"تسامح" و"تعدد ثقافي". وهي كراهية لا تُفرق بين "مركز" و"يسار"، وبين يسار "صهيوني" ويسار "معاد للصهيونية"، وبين مؤيدي دولتين للشعبين ومناصري دولة واحدة. ينبغي وضع الاصبع على هذا التيار بأمل حماية السدود الاخلاقية التي بقيت للمجتمع الاسرائيلي لصد المياه العكرة للعنصرية التي تغرقها. ينبغي فعل هذا بحزم وبلا خوف. لأن الجبن كما كتب ميخائيل بولغاكوف هو أم كل خطيئة.