خبر مؤججو الحرائق قادمون -يديعوت

الساعة 10:11 ص|12 يناير 2012

بقلم: حاييم غوري

سمعت من فم صديق قريب في هذه الايام أن "مؤججي الحريق ومُحرقي المساجد يحرقوننا في الواقع". فهم يشعلون النار في ثقافتنا وهويتنا واسرائيليتنا التي صيغت بجهد كبير في هذا البلد وأنتجت ممتلكات مادية وروحانية. وهم يرسمون على جدران المساجد المدنسة للشعب المجاور بقرب "محمد خنزير"، "نجمة داود"، ليقولوا ان شعب اسرائيل يوافق على هذا الحريق. يقولون ان الحديث عن "قلة هامشية". لكنك اذا أضفت الى كل هؤلاء علماء الدين وأصحاب الفتاوى على اختلاف أنواعهم، ومسيحيي الكذب والقوادين الروحانيين المخالفين للقانون واعضاء الكنيست (القوميين) جدا وآلاف المشجعين ايضا – تصورت عندك صورة مختلفة.

سنُتهم لأننا لم نمنع قبل فوات الأوان هذا الحريق الذي يكرر نفسه في أنحاء البلاد وبلغ الى قلب القدس. لم ننس حمام الدم الذي قام به باروخ غولدشتاين موجها على مصلي صلاة الفجر في مغارة الماكفيلا في الخليل، شعرنا بعار وخزي لأن هذا القاتل خرج من بين ظهرانينا الذي يراه مؤججو النيران هؤلاء قدّيسا وقدوة.

لا، لم نكن دائما صدّيقين طاهرين. ففي خلال الحروب والانتفاضتين وما لا يحصى من العمليات التفجيرية وعمليات الاختطاف صدر عنا الشر والضلال يرتفع فوقه علم أسود. كانت العودة الى صهيون مقرونة مقدما "بالمسألة العربية"، لكنها لم تشترط تخليص شعبنا في ارض اسرائيل بفناء جيراننا العرب الذين اضطرونا الى ان نحارب عن وجودنا وحقوقنا. وفي ذروة حرب الاستقلال الدامية تمت ايضا اعمال أسماها الترمان في احدى قصائده في أوج المعارك "جرائم حرب"، ومنذ ذلك الحين لا يتركنا هذا الصراع المسموم والمزمن وهو يشغل العالم كله. ان الاسوأ يحدث الآن أمام أعيننا. ان ما بدأ واستمر باعتباره صراعا مريرا بين حركتين قوميتين على هذه الارض أصبح على مر الايام حربا بين ديانتين، بين "اليهود والمسلمين". كُتب على جدران المساجد المحروقة "محمد خنزير". وهذا المس السيء من هؤلاء المتطرفين المتدينين بمساجد العرب الذين يخضعون لسلطتنا غريب عن كل ما نشأ هنا في الثورة العبرية والصهيونية التي أعادتنا الى التاريخ.

ما يزال كثيرون يتذكرون هنا نشاط "الجبهة السرية اليهودية" التي اغتالت رؤساء البلديات العربية، انتقاما. وقد تباحثوا ايضا بجدية في تفجير مسجدي جبل الهيكل (الحرم). وقد زارهم صديقي يهوشع كوهين من ليحي بطلب منهم في سجن تلموند. وسألهم أكان هدم المسجدين بمثابة خطة عملية أم مجرد خواطر. فأجابوا بصدق أنهم لو حظوا بموافقة رجال الدين الذين يعتبرونهم مُفتين ومرشدين لانتقلوا الى مرحلة التنفيذ.

قد يوجد اليوم ايضا مُختل عقلي يقوم على أحد أسطح القدس المجاورة ويطلق صاروخا على قبة الصخرة المذهب. آنذاك ستشب النار التي لن يطفئها ماء كثير، أي محاربة المسلمين جميعا لليهود. وقد حدثني كوهين عن انه سألهم ماذا سيفعلون في مواجهة هذه الحرب. وقال انه كان هناك واحد قال "ستكون تلك ساعة امتحان الرب تبارك".

منذ وقت ليس ببعيد أفردت القناة الثانية ساعة طويلة لمحادثة مع شابات وشبان من بين "شباب التلال" ومؤيديهم. وكرروا القول ان هذه الارض لليهود فقط ويجب ان يرحل العرب عنها الى واحدة من الدول العربية الـ 22. وأضافوا ايضا ان المملكة الاردنية هي ارض اسرائيل ويجب احتلالها واستيطانها لأن للاردن ضفتين كلتاهما لنا.

منذ كانت حرب الايام الستة كنا نحكم الشعب الجار ومن بيننا يأتي هؤلاء المحرقون. ليس الحديث هنا عن "ضرورة لا يندد بها" بل عن حرب دينية لا يعلم أحد نهايتها. لا ينقصنا سوى هذا. ولم نضع حدا لهذه النار. يبدو ان الوصول الى أبو ظبي أسهل. لهذا يشعر أكثر الاسرائيليين بأن الحديث عن جنون أهوج مع تحدٍ وقح للجيش الاسرائيلي الذي لولاه ما بقي هؤلاء يوما واحدا.

ان الحكمة العملية والوعي الذي يُمكّن من معرفة الواقع والتمسك بالهدف منحت الاسرائيليين قوة الصمود لأشد الاوضاع وأكثرها أسى. وليس الحديث الآن عن أيام صعبة، فقد عرفنا أصعب منها - بل عن ايام سيئة، ايام جنون مسيحاني وزعرنة عمياء. والوقت متأخر جدا. استيقظوا أيها الاسرائيليون!.