خبر الدولة اليهودية يجب ان تكون ديمقراطية .. اسرائيل اليوم

الساعة 12:07 م|10 يناير 2012

بقلم: عوزي برعام

(المضمون: لا مفر من كون اسرائيل دولة يهودية وديمقراطية تأخذ في حسابها الأقلية العربية فيها وحقوقها وتعدد التيارات الفكرية والعرقية فيها - المصدر).

ليس بيني كتسوبر فقيه الجمهور العريض. لكنه زعيم قديم فصيح لجمهور المستوطنين. لهذا فان الكلام اللاذع الذي قاله بشأن تفضيل اليهودية على الديمقراطية يحتاج الى تناول عام لا الى تنقيب شخصي عن بواعثه ونهجه.

في مقابلة صحفية أجراها كتسوبر مع صحيفة القسم المسيحاني من أشياع حباد قال ما يلي: "أقول ان للديمقراطية اليوم دورا مركزيا هو ان تختفي عن الارض. ان الديمقراطية الاسرائيلية أنهت عملها ويجب عليها ان تنتقض وان تنحني أمام اليهودية". وإن لم يكن هذا الكلام واضحا بقدر كاف فقد أضاف قائلا "اعتقد ان الديمقراطية الاسرائيلية بهذه الصفة تجد نفسها في مواجهات لا تنتهي مع الهوية اليهودية. وللديمقراطية بهذه الصفة مهمة واحدة هي ان تنتقض". يمكن ان نتناول هذه المقابلة كما نتناول مقابلات صحفية لجهات فوضوية ليست لها قواعد تأييد في الشارع الاسرائيلي لكن هذا يكون خطأ. فبسبب مكانة الكاتب وبسبب الجدل الذي أخذ يقوى بين الدين والدولة يوجد مكان لمجابهته.

ان دولة اسرائيل دولة يهودية وديمقراطية. لكنه تحيا داخل دولة اسرائيل أقلية عربية كبيرة لها حق في ان تعبر عن رأيها وعن هويتها وعن نوعية ديمقراطية دولتها. والديمقراطية هي الخيط الوحيد الذي يربط السكان جميعا وأكثر الطبقات في الدولة. واسرائيل غير الديمقراطية لن تكون اسرائيل، كما ان اسرائيل غير اليهودية ستكون دولة مختلفة. يحاول كتسوبر ورفاقه ان يُحدثوا وضعا يكون لهم فيه جدل مع يسار اسرائيلي أخذ يتهاوى. وهم لا يدركون انه يوجد مركز علماني ضخم الى جانب اليسار وذو تأثير في جميع قطاعات الحياة. وتوجد ايضا يهودية شرقية – محافظة في طبيعتها أبناؤها وأحفادها جزء من النسيج اليهودي الديمقراطي.

هناك جدل شرعي في حدود الديمقراطية وقيودها وقوتها. لكن يوجد بنفس القدر جدل في جوهر اليهودية وتعدديتها. وإن يهودية بيني كتسوبر والمعبرين عن دولة شريعة يهودية تعرض يهودية أكل الدهر عليها وشرب جامدة غير متجددة. ان الرواد الذين بنوا البلاد أقاموا التوحيد الوحيد الممكن بين اليهودية والديمقراطية. يوجد اجماع عام على أهمية السبت باعتباره يوم عطلة يهودية. لكن كل طبقة من الجمهور تحتفل بيوم السبت بصورة مختلفة تماما. ويوجد اجماع عام على مأسسة الزواج برعاية الحاخامية. لكن هذا الاجماع يتصدع لا في الهوامش فحسب.

بازاء المدارس الدينية والمعاهد الدينية تقوم المؤسسات الثقافية. ولن يتجاوز الفن وطرق الاتصال العصرية المتدينين والحريديين. والانترنت والتلفاز وجميع الشبكات الاجتماعية لن تُسد لأمد بعيد. وتيارات الراجعين عن التدين غير ملغاة في مقابل الراجعين الى التدين، ولهذا وفيما يتعلق بطبيعة اليهودية تثار اسئلة عند الجمهور المتدين. ستكون دولة شريعة تتحلل من الديمقراطية دولة أقلية. ولن يكون فيها بشارة فكرية سوى الاندماج في تيار التدين. ومن حسن حظنا ان أكثر الجمهور ما يزال ثابتا على الايمان بالديمقراطية في اسرائيل. لكن لا يجوز ان ننظر اليها بأنها مفهومة من تلقاء نفسها حيال كلام كتسوبر.