خبر شرق أوسط عاصف -يديعوت

الساعة 09:49 ص|03 يناير 2012

شرق أوسط عاصف -يديعوت

المدى القصير والخطر البعيد

بقلم: ايتان هابر

(المضمون: لا الحرية، لا المهنة، لا الطعام. هذه مسيرة ستستغرق سنين، ولكن اذا ما تغلب في سياقها الاسلام على الخيارات الاخرى التي يمكن للشارع العربي أن يعرضها – فلدينا سببا للقلق. كما أسلفنا في المدى البعيد. في هذه الاثناء، سننتظر - المصدر).

ينبغي للمرء أن يلتقي ويتحدث مع رؤساء دول، رؤساء مؤسسات حكم، جيوش ومنظمات، وكذا أكاديميين كي ينزل الى عمق المتاهة التي تجري حولنا، في الدول العربية. زعماء كانت كل الحلول على ألسنتهم (ولهذا انتصروا في صناديق الاقتراع مثلا) يسألون زعماء آخرين، ضيوف – عن تفسيرات، لرفع الستار وتبديد الغموض.

        كما أن هذا هو احد اسباب الطلب الكثير نسبيا على السياسيين والاكاديميين الاسرائيليين في أروقة الحكومات والجامعات. لعلكم تعرفون؟ لعل لديكم تفسيرات؟ ماذا يحصل في ساحات دمشق؟ وماذا يجري في ميدان التحرير؟ واليمن؟ وليبيا؟ الكثير من العيون تتجه نحو القدس.

        وفي القدس؟ هي ايضا تسأل. غير انه محظور على القدس، خلافا لدول اخرى، ان تتلعثم. فالتطورات حولنا هي في روحنا. وهي تتعلق بكل واحد وواحدة منا، حتى وان كان "السباق نحو المليون" اكثر اثارة للاهتمام. اذا لم نتمكن لا سمح الله من متابعة التطورات في العالم العربي ويكون رد فعلنا سليما، فسنستيقظ صباح ذات مع جنود الحرس الثوري الايراني في قلقيليا، على حدود كفار سابا.

        الفرضية في هذه اللحظة والتشديد هو على "هذه اللحظة"، هي أنه يوجد لاسرائيل سببا وجيها للقلق على المدى القصير والمتوسط، وبقدر أقل في المدى البعيد. في المدى القصير والمتوسط تنشغل المجتمعات العربية المختلفة بنفسها، في حسابها للنفس، في اقامة المؤسسات و – وهذا أمر لا يصدق – في دراسة الاحداث، كل في بلاده. لفهم ما حصل، والعمل كل ما يمكن لا يحصل هذا مرة اخرى.

        الزعماء الجدد يفهمون جيدا بان الاضطرابات وتغيير الحكم في بلدانهم لم يكن مسؤولا عنها انتشار الاسلام. ومع كل الاحترام، لمن لديه احترام، للاخوان المسلمين، فليسوا هم من أحدث الثورات. في ميدان التحرير مثلا، لم يكونوا موجودين في بداية الطرق. ولكن لما كانت هذه هي الحركة الاكثر تنظيما، فقد نجحت في ان تركب على الموجة وان تمتطي بالمجان بالضبط نحو الهدف.

        هل معنى الامر أن في القاهرة وفي دمشق، بعد استكمال الثورة، في ليبيا، في اليمن، في كل مكان، سيسيطر الاسلام بسيفه؟ كنتاج ثانوي للثورة؟ ربما نعم. كهدف رئيس، اساس، للثوار؟ يبدو أن لا.

        الناس الذين يوجدون في هذه اللحظة في الحكم (المؤقت؟) يفهمون جيدا بان جموع أبناء شعبهم خرجوا الى الشوارع اولا وقبل كل شيء بسبب وضعهم الاقتصادي الشخصي البشع. حياتهم ليس حياة. وحتى الاكاديميين في قسم هام من البلدان العربية يجوعون الى لقمة الخبز. عشرات ومئات الملايين في هذه البلدان رأوا على مدى السنين، عبر التلفزيون والانترنت بانه توجد حياة اخرى، على مسافة غير بعيدة من حدودهم.

        وقد علمهم الاطلاع على انه يمكن السكن في بيت جميل، الاكل الجيد، الترفيه، التعليم. حياة الفقر والتعفن ليست قضاءا من السماء.

        ومثل السدادة التي تنزع عن زجاجة الشمبانيا أمس في احتفالات رأس السنة الميلادية، هكذا اندفعت الجماهير نحو الشوارع. الخوف من الشرطي الذي كان كلي القدرة، اختفى. والى اين هرب الشرطي؟ هو أيضا رأى حياة اخرى وهو ايضا يريد أن يحسن وضعه الاقتصادي، وهو ايضا مل رعب الحكم.

        لهذا التسونامي لا توجد قيادة، لا توجد يد موجهة، ولا توجد حتى ايديولوجيا موحدة: (نحن مع الضد) – ولكن توجد له طاقة هائلة. أكثر من مائة مليون في أعمار 16 – 30 يعيشون في البلدان العربية. وهم المحرك.

        اليوم، غدا، في الفترة القريبة القادمة، وربما أيضا بضع سنوات، ستبحث القيادات الجديدة عن سبيلها. ولكن ليس للجماهير وقت. الشباب يريدون ان يقيموا عائلة، ان يبنوا بيتا، ان ينالوا رزقهم بكرامة.

        هذا بالضبط يفهمه رجال الدين. والدين يغمز للكثيرين. وهو يرمز الى شيء نقي، طاهر. "افيون الشعوب" على حد قول كارل ماركس. والدليل: في القاهرة لم ينجح 16 حزبا ليبراليا في التغلب على "الاخوان المسلمين".

        في مثل هذا الوضع ليس لاسرائيل الكثير مما تفعله، غير المتابعة ورؤية كيف سيفعل الزمن فعله. الدين الذي يتوجه اليه الشباب لا يرضي رغباتهم: لا الحرية، لا المهنة، لا الطعام. هذه مسيرة ستستغرق سنين، ولكن اذا ما تغلب في سياقها الاسلام على الخيارات الاخرى التي يمكن للشارع العربي أن يعرضها – فلدينا سببا للقلق. كما أسلفنا في المدى البعيد. في هذه الاثناء، سننتظر.