خبر دراسة:الاقتصاد الوطني يأن في قطاع غزة

الساعة 06:47 ص|31 ديسمبر 2011

دراسة:الاقتصاد الوطني يأن في قطاع غزة

فلسطين اليوم- غزة

رصدت دراسة اقتصادية متخصصة أعدها أستاذ علم الاقتصاد والباحث الاقتصادي الفلسطيني د.محمد فتحي شقورة، ونشرها اليوم الجمعة، أبرز الأضرار الناتجة عن الحصار والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وأشارت الدراسة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني أزمة متفاقمة جراء استمرار فرض الحصار المحكم على قطاع غزة، والمتمثل بإغلاق كافة المعابر التجارية، ومعابر الأفراد، منذ منتصف حزيران 2007.

وترصد الدراسة أثر سياسة الحصار على قطاع غزة، على تقويض فرص التنمية في قطاع غزة، كما يتناول انعكاسات تلك السياسة على القطاعات الاقتصادية المختلفة في القطاع.

كما يستعرض الكاتب المؤشرات الاقتصادية لقطاع غزة من خلال رصد لبيئة التنمية في قطاع غزة ومدى تأثرها بسياسة العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين في قطاع غزة، الذين يحاربون في وسائل عيشهم، الأمر الذي أدى إلى مزيداً من الفقر والبطالة بين صفوف العاملين فيه، بسبب التوقف شبه التام لكافة مرافق القطاعات الاقتصادية، والناجم عن استمرار إغلاق المعابر ومنع التدفق الحر للواردات والصادرات الغزية من السلع والبضائع، بما في ذلك المواد الأولية ونصف المصنعة.

وقال: يعتبر حصار قطاع غزة جزءاً من الحصار المفروض على أبناء الشعب الفلسطيني كله سواء بصورة مباشرة كما هو في الضفة الغربية، عبر الحواجز والاعتقالات ومواصلة الاستيطان وجدار الفصل العنصري، أو بصورة غير مباشرة كحال اللاجئين في الشتات الذين يتعرضون للعديد من الإجراءات التي تكرس معاناتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وأوضح أن الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة هو الأكثر بشاعة سواء في دوافعه وأسبابه الاقتصادية والسياسية المباشرة والأمنية، أو في دوافعه السياسية البعيدة وفق المخطط الإسرائيلي، كما يختلف من حيث شكل ممارساته وأهدافه عن أشكال الحصار المعروفة في التاريخ الحديث والمعاصر.

 

أهداف الحصار

واعتبر شقورة أن هذا الحصار يهدف بالأساس إلى تفكيك البنيان السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي للشعب الفلسطيني، وإيصاله إلى حالة من الإحباط والفقر والمعاناة والحرمان، لتصبح الأولوية توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة ولقمة العيش ليصبح الصراع ومقاومة الاحتلال أولوية ثانوية.

وتابع شقورة الذي يعمل أيضا باحثا في قطاع فلسطين بالجامعة العربية، أن التنمية الاقتصادية في قطاع غزة واجهت عقبات كبيرة بسبب سياسة الحصار وأن ذلك اتضح من خلال تراجع مؤشرات الأداء الاقتصادي بشكل حاد، ليتم تقييد دخول السلع والبضائع والسيولة النقدية، خاصة وأن القطاع يسهم في المتوسط بنحو 44 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني.

وأردف: ونجم عن ذلك تعرض القطاع الخاص لأضرار بالغة، لا سيما أنه يوظف نحو 100 ألف عامل، أي ما يمثل نحو 53 في المائة من عمالة القطاع، منهم نحو 40 ألف عامل يعملون في مجال الزراعة والصادرات الزراعية، ولقد أدت كل هذه الأمور إلى تزايد اعتماد قطاع غزة على المساعدات الخارجية، وتزايد الوزن النسبي للسوق السوداء في اقتصاد القطاع.

وذكّر بتحذيرات مدير وكالة غوث اللاجئين ( الأونروا) في غزة جون جينج، من أن استمرار وإغلاق حدود إسرائيل أمام مرور الأفراد والبضائع سيحول أعداداً متزايدة من سكان غزة إلى معتمدين على مساعدات الوكالات الإنسانية الدولية والمؤسسات الاجتماعية، ما يسبب انهيار الاقتصاد الفلسطيني.

 

القوى العاملة

وتابع: فيما يخص القوى العاملة، فقد بلغ مجموع القوى العاملة في قطاع غزة وفقاً لإحصائيات العام 2009م حوالي 348 ألف منهم (105000) في القطاع العام (منهم 75 ألف يقبضون رواتبهم من حكومة رام الله، و 30 ألف من حكومة غزة) إلى جانب (119) ألف يعملون في القطاع الخاص منهم حوالي (20) ألف عامل في الأونروا والمؤسسات غير الحكومية، أما العاطلين عن العمل فيقدر عددهم بحوالي (124) ألف عاطل عن العمل ، وهؤلاء المتعطلين يعيلون ما يقرب من 615 ألف نسمة (بمعدل إعالة 1-5) (ما يعادل 41 في المائة من مجموع سكان القطاع البالغ 1.5 مليون نسمة) يعيشون تحت مستوى خط الفقر أو في حالة من الفقر المدقع في ظروف لا يعرفها إلا من يقع فيها.

وأكد أن الوضع الاقتصادي تفاقم في قطاع غزة بسبب الحصار التام الذي شل فعلياً كل حركة اقتصادية، حيث بلغ معدل البطالة في قطاع غزة وفقاً للتعريف الموسع للبطالة ( الأفراد الذين لا يعملون سواءً كانوا يبحثون عن عمل أو لا يبحثون عن عمل)، لحوالي 39,9 في المائة في الربع الثاني للعام 2010م من مجموع القوى العاملة. وكانت الظاهرة الأشد خطورة ارتفاع البطالة بين صفوف الشباب التي تبلغ نسبتها حوالي 62 في المائة. وقد سجلت محافظة دير البلح أعلى معدل للبطالة حوالي 43,3 في المائة، تليها محافظة شمال غزة حوالي 41,1 في المائة، ثم خانيونس 40,7 في المائة.

وأضاف: وفقاً لتقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يوجد أكثر من 70 في المائة من الأسر في قطاع غزة و56 في المائة في الضفة الغربية تعيش تحت خط الفقر منذ منتصف 2007م. حيث لا يزال الوضع الإنساني في قطاع غزة شديد الصعوبة حيث لا تسمح المعابر الرئيسية إلا بدخول واردات السلع الأساسية المهمة، وتكاد تكون مغلقة أمام حركة الصادرات.

وأشار إلى تدهور الوضع في قطاع غزة عقب تخفيض إمدادات الوقود من إسرائيل في بداية عام 2008، وهو ما تسبب في كبح الإنتاج في معظم القطاعات وتعطيل شبكات المياه والصرف الصحي.

أما بخصوص أثر الحصار الإسرائيلي على هيكل اقتصاد قطاع غزة، فقال: لقد استمرت الأزمة التي يعاني منها اقتصاد قطاع غزة نتيجة لسياسة الإغلاق والحصار التي أتبعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إعادة احتلال المدن الفلسطينية وتقطيع أوصال المجتمع الفلسطيني على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، ما أدى إلى مزيد من التدهور الحاد في قيم مختلف المؤشرات الاقتصادية الكلية.

وبما يخص تأثير الحصار على أبرز القطاعات الاقتصادية الرئيسية التي يعتمد عليها الاقتصاد الغزي، فأوضح أن النشاط الزراعي في قطاع غزة من الأنشطة الهامة لما له من دور رئيسي في الإسهام بالصادرات، كما يوفر الكثير من المواد الخام لمختلف القطاعات الاقتصادية، وتمثل نسبة المساحات المزروعة حوالي 9.9 في المائة في قطاع غزة، من إجمالي 1.835 مليون دونم مزروعة في الضفة الغربية وقطاع غزة للعام 2009م.

وقال: تعد الزراعة المروية هي السائدة في قطاع غزة حيث تحتل نسبة 73.3 في المائة من مجموع المساحة المزروعة في القطاع.

وأضاف: يعمل في هذا القطاع نحو 45,000 عامل، إضافة إلى نحو 25,000 عامل، يعملون كعمالة موسمية ( مؤقتة) في الفترة من أكتوبر حتى مايو ( موسم الزراعة)، وهم عمال بالأجرة اليومية، لا يمتلكون أراضي زراعية، أو أي مصادر دخل أخرى. كما يوفر الغذاء لـ 25 في المائة من سكان قطاع غزة.

 

استمرار إغلاق المعابر

وقالت الدراسة: وتسبب استمرار إغلاق المعابر التجارية أضراراً فادحة ضربت قطاع المنتجات الزراعية الفلسطينية، والتي تشتهر بجودتها العالية، والتزامها بشروط الصحة، ومعايير الإنتاج الزراعي الدولية. فالحصار وإغلاق المعابر أدى إلى فقدان الآلاف من فرص العمل في قطاع غزة، كما أن القيود المفروضة على حركة الصيد، وتدهور الحياة البحرية نتيجة إلقاء مياه الصرف الصحي إلى البحر تعد من العوامل الرئيسية التي تؤثر في قطاع الصيد، كما أن الخطر المفروض على حركة الصادرات ونقص المدخلات الأساسية أدى إلى شلل أجزاء كبيرة من قطاع الزراعة.

وأضاف شقورة: نتيجة لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي توسيع المنطقة العازلة على طول حدود قطاع غزة بعرض يصل إلى 300 متر أدى إلى مزيد من التدهور في القطاع الزراعي، حيث حرم أهالي قطاع غزة من زراعة حوالي 25 ألف دونم من أجود الأراضي الزراعية، إضافة إلى تكرار الاحتياجات والحرب الأخيرة مطلع العام 2009= أدى إلى تدمير الأراضي والمحاصيل والمعدات، ونفوق الكثير من الحيوانات والطيور.

وذكر أنه حسب البيانات الإحصائية الزراعية فإن معدل الخسائر اليومية نتيجة عدم قدرة المزارعين على تصدير منتجاتهم يبلغ 150 ألف دولار يومياً.

وتابع: لقد تراجعت المنشآت العاملة في القطاع الصناعي بقطاع غزة، بسبب إغلاق وتدمير حوالي 90 في المائة من المنشآت العاملين بالصناعة، فيما تعمل المنشآت الباقية بطاقة منخفضة جداً، معتمدة على مواد خام مخزنة منذ فترة طويلة وبتكلفة مرتفعة جداً.

وبين أنه ترتب على إغلاق المنشات انضمام معظم العمال العاملين في هذا القطاع حوالي 35 ألف عامل إلى صفوف العاطلين عن العمل.

 

أكثر القطاعات تضرراً

وقال: أما أكثر القطاعات تضرراً فكانت صناعة الأثاث والملابس والنسيج، حيث انخفض عدد المنشآت العاملة في قطاع الأثاث من 600 منشأة عام 2005 إلى 120 منشأة في يوليو 2007، لتصل إلى أقل من 50 في يوليو 2009. وقد قدر الإتحاد العام للصناعات الفلسطينية الخسائر الشهرية للقطاعات الصناعية في قطاع غزة منذ حزيران 2007 نحو 15 مليون دولا شهرياً، أي ما مجموعه 277 مليون دولار حتى نهاية العام 2008م، إلى جانب الخسائر الناجمة عن الحرب الأخيرة والتي قدرت بـ 35 مليون دولار.

وأوضح شقورة أن إسرائيل استهدفت خلال حربها على غزة في نهاية 2008، وبداية سنة 2009 تدمير الكثير من المصانع، من خلال استهدافها حوالي 700 منشأة صناعية، كما أن إغلاق المنطقة الصناعية والتي تضم حوالي 45 مصنعاً أدى إلى هجرة 30 في المائة من أصحابها.