خبر المرجفون فى المدينة! بقلم : منير ابو رزق

الساعة 09:42 ص|30 ديسمبر 2011

بعيدا عما أشغل روافع الرأي العام الفلسطيني، على مستوى النطاقات الحزبية، والأهلية، والنقابية، وغير قريب مما افتتن به الكثيرون ممن مستهم نفحات السلطة، فانشغلوا بالبحث عن الذات والملذات، بين الرتب والمراتب. يتراءى لعين الناقد، وضعنا الفلسطيني كله، شاملا مركباته السياسية والاجتماعية والثقافية، في أسوأ حالة ، لا ينكرها إلا زاهد في الحقيقة، على حساب ما يشبع غروره الشخصي، بتجميل الواقع الذي هو فيه فاعل.

فبعد وصول الانسداد السياسي، إلى أبلغ معانيه على الأرض، بفعل ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، وكذاك بفعل الانقسام الفضيحة. تطل علينا أخبار لم يعرها الإعلام الفلسطيني بكل أسف، ما تستحق من اهتمام، حول لقاءات بين مجموعة فلسطينية إسرائيلية أكاديمية، وبعض المثقفين، يحاولون الالتفاف على الموقف الوطنى الفلسطيني.

فبد الفضيحة اللقاء فى مستعمرة ارائيل، ووفقا لمسئول ملف القدس، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، السيد حاتم عبد القادر، أن لقاءين قد تم إفشالهما بهمة الوطنيين، من حركة فتح والقوى الوطنية الأخرى في القدس المحتلة، بعد أن كان من المفترض عقدهما في فندقين مختلفين، داخل الشطر الشرقي من المدينة الفلسطينية المقدسة، مما أعاق الإعلان عن الدستور الخاص بمسعاهم نحو كونفدرالية بين دولة الاحتلال والاراضى المحتلة . ما يعني أن الجماعة قد قطعوا شوطا من العمل واللقاءات السرية ، التي مهدت لهذا الإجراء العملي المفترض إعلانه كنتيجة. وتلك خيبة كبرى تضاف إلى خيبات أملنا الذاتية المتراكمة، على نحو يدفع باتجاه الإجهاد النفسي العام لشعبنا الفلسطيني، والإضعاف المعنوي المتواصل، والإزكام الممنهج للحاسة الفلسطينية، حتى تصل إلى مرحلة لا تستطيع التفريق فيها، بين العدو والصديق.

لا أعرف إن كان هناك فعلا، بعد ورود أسماء وزيرين سابقين، متورطين بهذا العار، على أقل وصف وأهون تقدير لما جرى، وصاحب مزمار سارع الى التهليل له، من يظن أنه مخول بتمثيل الشعب الفلسطيني، والتحدث باسمه، دون تكليف من قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، سيما وإن كانت تلك

اللقاءات تجري مع إسرائيليين، أثبتت التجربة أنهم يجيدون توزيع الأدوار، بين بادٍ وبين عادٍ، كمحب للسلام أو كاره له.

ولست أدري، إن كان مقبولا أن تكون القيادة الفلسطينية، تتمترس خلف موقف سياسي، حقق جماهيريته على نحو غير مسبوق، من خلال الإصرار على؛ والالتزام بقطع الاتصالات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ما لم تتوقف الأخيرة عن سياستها الاستيطانية التي ابتلعت حتى الآن أكثر من نصف الضفة الغربية، وعزلت القدس الشريف حتى جعلتها مكانا قصيا، فيما يأتي بعض من يعطون لأنفسهم صفة الثقافة والتعليم، من بني جلدتنا، للجلوس مع الإسرائيليين بعلم وحماية جهاز الشاباك، للبحث في فرض أمر واقع انبطاحي وانسلاخي إن شئنا، بما يخدم قوة الإملاء والقهر، التي تحاول إسرائيل إفهامنا إياها منذ أكثر من ستين عاما.

قرأت ذات مرة، مقالة تحت عنوان مفاده؛ أن الخيانة ليس شرطها الوحيد أن تتقاضى راتبا من إسرائيل، فللخيانة وجوه كثيرة، دون أن أبالغ أو أن أتطرف في وصف أولئك النفر الذين سولت لهم نرجسيتهم، الشروع في المتاجرة بالوطن، من غير أن يفوضهم أحد بذلك. ولا أخال الجهات السياسية والأمنية المسئولة إلا أن تقف عند هذه الحالة، لتعري هؤلاء المرجفين فى المدينة وتفشل مسعاهم، الذي يمثل جزءا من مخططات الاحتلال، التي قد يستخدمها للضغط والابتزاز إن أراد، أو يوظفها لتسويق مشاريع هلامية للحل السلمي، أو للانتفاع بها أمام الرأي العام العالمي على أقل تقدير، في تبييض صفحته، بالإيحاء أن الاشتباك السياسي والتفاوضي مع الفلسطينيين متواصل، قفزا على الموقف الفلسطيني الرسمي، والتفافا منه على الحقائق.

أدرك غاية الإدراك، أن الأخ الرئيس محمود عباس، قادر على معالجة أي أمر يمس الذات الوطنية، بهدف مضاعفة المناعة الداخلية لمواجهة أي التفاف أو محاولة نيل إسرائيلية، من الحقوق الفلسطينية، مهما كانت أدوات تلك المحاولات، ومهما تنوعت اساليبها. وعليه؛ فإن تشكيل لجنة تحقيق يصبح حاجة وطنية مع هؤلاء الشرذمة القليلين، وهو حاجة أمنية أيضا، بعد أن أصبح الشاباك في الصورة من الطرف الآخر، وليس أخيرا حاجة مجتمعية لرفع معنويات مجتمع بأسرة، بردع هؤلاء الانهزاميين الجدد.