خبر حل الظلام- معاريف

الساعة 09:05 ص|29 ديسمبر 2011

حل الظلام- معاريف

بقلم: ياعيل باز ميلاميد

        (المضمون: يقترب اليوم الذي لن يسمح فيه للصحافة بان تتناول المواضيع الجدية وان تكتفي فقط بتحقيقات "لطيفة" مثل استبعاد النساء - المصدر).

        بعد أقل من شهر، اذا لم ننهض ونفعل شيئا ما فان هذا سيحصل. رئيس الوزراء في اسرائيل، من خلال اصدقاء ومتزلفين من معسكره سيؤدي الى احلال الظلام على قناة تلفزيونية فقط لان صحفييها قاموا بعملهم كما ينبغي وكشفوا لنا عن حملات الاستمتاع التي يخوضها هو وزوجته في أرجاء العالم؛ بعضها على حساب الجمهور، بعدها على حساب متبرعين اسخياء  سيدفع الجمهور بالطبع فاتورة الحساب التي سيبعثوها لنا. الكثير من الصحفيين كانوا يرغبون في أن يكونوا ذبابة على الحائط في منزل عائلة نتنياهو كي يروا ردود الفعل على التحقيق الصحفي اياه.

        بعد أقل من شهر، اذا لم ينطلق الصحفيون في حملة لانقاذ الكرامة الضائعة لمهنتهم، فستكتمل حملة الانتقام لتلك المكتشفات، فيما يكون نتنياهو هو المنتصر فيها بالضربة القاضية. اذا انتقام لا هوادة فيه، لا يتوقف في أي مكان. القناة التي بث فيها التحقيق ببساطة ستغلق. الاف عمالها، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر، سيذهبون الى بيوتهم، والصحافة بكل انواعها ستنزف على الارضية – الى أن تستوعب جيدا الرسالة، ويستوعب محرروها الرئيسون جيدا بان هذا لن يمر. اذا كنتم لا تريدون أن يحصل لكم ايضا ما حصل للقناة 10 فتفضلوا انشغلوا فقط بالتحقيقات عن استبعاد النساء. هذا هو الحد الاقصى. هنا لا توجد أي مخاطرة على رئيس الوزراء. العكس هو الصحيح. من هذا المكان يمكنه أن يبني نفسه بصفته الفارس الذي يحمي النساء في اسرائيل. شيء لن يحصل له. لا يهدوت هتوراة ولا شاس ستحلم حتى بان تترك ائتلافه، والذي هما فيه الحليفان الرئيسان.

        بالطبع خدم اصحاب القناة 10 نتنياهو ورؤساء ائتلافه خدمة جيدة. واضح أن الدين هو دين، والدين يجب أن يدفع. وواضح ومفهوم جدا كيف أن 40 في المائة من الجمهور فقط – المثقفين، العلمانيين، الليبراليين – يعارضون اغلاق القناة 10. إذ على هذا بالضبط يعول نتنياهو واصدقاؤه في لجنة الاقتصاد في الكنيست، بما في ذلك رئيسها، كرمل شاما هكوهن، الذي يحاول كيفما اتفق الخروج جافا من كل هذه القصة بل وربما سينجح في ذلك. اجزاء واسعة من الجمهور يمقتون وسائل الاعلام بقدر لا يقل عن السياسيين. هم ايضا لا يريدون السماع عن الحياة الطيبة لرئيس الوزراء وعقيلته. فما لهم وهذا؟ إذ لن يكون لهم رئيس وزراء افضل يحسن اليهم اكثر منه اذا كانوا يمينيين، اصوليين او مستوطنين.

        منذ اسابيع وأنا اتلقى عشرات الرسائل الالكترونية من ذات الجمهور الذي يثبت لي ولامثالي اننا لا نفهم بان الدين يجب أن يدفع. هم محقون مبدئيا، ولكنهم مخطئون بحق الاعلام. اذا كانوا لا يفهمون كم هي وسائل الاعلام، المكتوبة والالكترونية على حد سواء، هي بئر بلا قاع للاموال، وانه لا يمكن حتى استرداد قسم صغير منها للمستثمرين. الصحفيون يعرفون هذا. وهم يعرفون الوضع على حاله. ومع ذلك، رغم ان مؤتمرا احتجاجيا واحدا لا يضر حقا، فاننا نختار ترك القناة 10 وحدها في المعركة. نعم، نتحدث في هذا، "نطرح الموضوع" ولكن عمليا لا نفعل شيئا. نسمح لرؤساء القناة بان يهينوا أنفسهم امام السياسيين وان يستجدوا ليعودوا من هذه المعركة وحيدين اكثر من أي وقت مضى.

        مظاهرة واحدة كبيرة، يدعى فيها "الشعب يريد حرية التعبير" يمكن ان ترتب الكثير من الامول. الجماهير ستنضم اليها رغم ما يخيل. الصحفيون الهامون يلقون فيها كلمات وبعدها قد يتردد السياسيون في العناق العلني والفرح على اغلاق قناة تلفزيونية. اذا لم تنهض وسائل الاعلام وتخرج الى الشوارع فاننا نستحق ما يفعلونه بنا. لعل اتحاد الصحفيين يمكنه أن ينظم هذا، بدلا من مؤتمر آخر في ايلات لا يغير حقا أي شيء في الواقع؟