خبر شبح الانترنت يخطف الأبناء..والأهالي في سبات عميق

الساعة 10:45 ص|28 ديسمبر 2011

شبح الانترنت يخطف الأبناء المراهقين..والأهالي في سبات عميق

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

المجتمع الغزي بالرغم ما يبدو عليه من تمسك بالقيم والعادات المحافظة، وحرص الآباء على ضبط سلوك أبنائهم ، إلا أن هؤلاء الأبناء وخاصة المراهقين منهم وجدوا في شبكة المعلومات الالكترونية "الانترنت" ، مرتعا خصبا لإشباع غرائزهم , وإضاعة وقتهم من خلال الجلسات الحوارية الطويلة او ما يعرف " بالدردشات".

وربما كانت مواقع التواصل الاجتماعي وأشهرها ما يسمى "الفيس بوك"، أكثر المواقع جذبا للمراهقين، حيث يسهل لكلا الجنسين إيجاد صديق أو حبيب أو أخ كما يحلو للبعض تسميته ، فليس غريبا أن تكثر القصص والحكايات عن مغامرات لمراهقين خاضوا تجاربهم في تلك المواقع، وتحول بعضهم إلى مدمنين على استخدام الانترنت حتى بات مستقبلهم مهدد بسبب إهمالهم لدراستهم وتحصيلهم العلمي لانشغالهم الدائم على تلك الشبكات.

مغامرات مراهقين

ولعل قصة الفتاة "ندى" ابنة الثامنة عشر تشير إلى مدى تعلق المراهقين بتلك المواقع، فتقول:" تعرفت على شاب ، وفي البداية كان الحديث بيننا يدور ضمن نقاشات عادية تطور الأمر لصداقة متينة وإخوة ، حيث تبادلنا أرقام الهواتف النقالة إلى أن تحولت لعلاقة حب "، موضحة أنها باتت تنتظر نوم والدها كي تسارع للجلوس على الانترنت لتتحدث إلى صديقها الذي أرسل صوره لها وكذلك كانت ستفعل هي ثم ترددت .

 

وذكرت ندى أنها لا تعلم نهاية علاقتها بذاك الشاب الذي لم تجرؤ على مقابلته وجها لوجه خوفا من أن يعلم والدها ولأنها كما تقول من عائلة محافظة ، مشيرة إلى أنها تعيش لحظات جميلة وهي تتحدث إليه، ولا تتخيل أن يمر يوم دون الجلوس بصحبته على مواقع الدردشة ويتحدثا طويلا .

 

أما "محمد" فأكد أنه أقام علاقات صداقة مع عدد كبير من الفتيات بعضهن من فلسطين وأخريات من بلدان عربية أخرى ، لكنه شدد على عدم اقتناعه بإقامة أية علاقة حب مع أي فتاة لثقته بفشلها وعدم واقعيتها .

 

ويقول أبو بكر الغول وهو والد لأطفال صغار:" إنه لا بد من حرية متوازنة ومراقبة للصغار عند استخدام الانترنت خاصة شبكة الفيس بوك لأن الصغير لديه حب المعرفة في كل شيء وحب الاطلاع ، أما الكبار فربنا يتولاهم " .

 

أما فتحي طبيل وهو والد بنات في سن المراهقة ، فقال:" إذا عمل الوالدان على توطيد الثقة مع ابنهم المراهق ، وإذا عمل المدرس على ذلك مع تلاميذه ، فإنه لن تكون هنالك شكوى طالما رددها الكبار بأن لا احد يستطيع معرفة ما يفكر به المراهقون ".

 

وأضاف:" إن الأب والأم مسئولان عن حسن التصرف مع الابن المراهق والابنة المراهقة ، وعن تفهم المرحلة التي يمر بها كل منهم ، وإذا تم لهم ذلك فإن كلا من الابن والابنة سيكون قريبا من والديه ويبوح إليهما بكل ما في داخله ، لأنه يعرف أن هناك آذانا ستصغي إليه باهتمام وصبر وفهم ، وسيصل الطرفان إلى بر الأمان ".

 

من جهته قال الأخصائي النفسي والتربوي إبراهيم مطر لمراسلة وكالة فلسطين اليوم :" إن الوطن العربي منطقة استقبال لكثير من المعلومات والأفكار في هذا العالم الافتراضي والتحديثات التي دخلت عليه ، وقد لا يمتلك المراهقين القدرة على استخدام الفيس بوك وغيره من التقنيات بشكل ايجابي واللجوء إلى السلبيات كانتحال الشخصيات والنصب والاحتيال وابتزاز الآخرين "، موضحا أن هذه السلوكيات هي النقطة السلبية والخطيرة التي يلجأ لها السيئين والشواذ من المراهقين .
تمرد الأبناء

أما بالنسبة لدور الأهل والأسرة ، أضاف مطر :" نجد تمرد الأبناء على الأهل في مرحلة المراهقة وما بعدها، حيث يحاول المراهق التخلص من سلطه العائلة وقيود الأسرة ، فيلجأ إلى استخدام أشياء غريبة بدون العلم من ايجابيتها أو سلبيتها وهى وسيلة للهروب ، إضافة إلى استخدام الفيس بوك باعتباره برنامج العصر للتواصل الاجتماعي لساعات طويلة جدًّا قد تحرمهم من طاقاتهم التي توجب عليهم القيام بها واستهلاكها في هذه المرحلة ".

وأكد أن على الوالدين مسؤولية تجاه أبنائهم وخصوصا في مرحلة المراهقة؛ حيث أن هذه المدة التي يمر بها الإنسان بعد مرحلة الطفولة يعتمد فيها اعتمادا كليا على الوالدين ويدخل بعدها الإنسان في مرحلة جديدة هي مرحلة المراهقة.

 

معاملة خاصة

وقال:" يحتاج المراهق إلى معاملة خاصة من حيث التوجيه والإرشاد والمتابعة، من خلال الحوار المستمر والسؤال عن المشاكل التي يواجهونها ، فأقرب إنسان لهؤلاء المراهقين هم الآباء والأمهات "، منوها إلى أن اختيار الصديقات والأصدقاء هي نقطة هامة في مرحلة تكوين الشخصية للمراهق والمراهقة  في المرحلة المستقبلية ، مع الأخذ بعين الاعتبار إعطائهم حرية الاختيار ولكن بتوجيه مسبق من الأهل .

 

ووفق مايرى مطر فإن هؤلاء الصغار يحسنون استخدام الفيس بوك أفضل من الكبار كونهم لم  يمروا بتجارب أو إدراك للأمور التي تخطر في أذهاننا أو في أذهان الآخرين.                       

 

الأخصائي الاجتماعي بجمعية الدعم النفسي الاجتماعي "نور الدين محيسن"، قال لمراسلة وكالة فلسطين اليوم :" حينما نتكلم عن أبنائنا الذين يمرون بمرحلة المراهقة ، علينا أن نضع في الاعتبار قبل الخوض في أي حديث عنهم ، بأنهم أفراد اعتياديين مثلنا مثلهم ، لهم عقولهم التي يفكرون بها ويميزون ، ولديهم المشاعر والأحاسيس وعندهم الطموح والتمني والأمل، وهم يحاولون أن يثبتوا لآبائهم وأمهاتهم ومدرسيهم أنهم بشر" .

وأضاف:" ما علينا نحن إلا إبداء النصح لهم دون إلزام ، والمفترض بنا كآباء وأمهات أن نكون قد أنشأناهم منذ طفولتهم ووجهناهم وأرشدناهم إلى خير المسالك وأفضل السلوك بالتربية الحسنة الفاضلة ، بحيث يميزوا عند وصولهم مرحلة المراهقة ، الصالح من القبيح والخير من الشر ، والمفيد من الضار".

وبخصوص تأثير شبكة الفيس بوك على المراهقين والشباب الصغار من ناحية أخلاقية وسلوكية، تابع :" إن جلوس هؤلاء المراهقين على الفيس حتى ساعات متأخرة من الليل وبدون رقيب أو حسيب ويتم إيقاظه للذهاب للمدرسة فكيف له أن يركز ويهتم لدروسه وهنا تصبح المشكلة "، متسائلا:" كيف يهمل الكثيرون من الآباء والأمهات تربية أبنائهم وإرشادهم في طفولتهم، وعند وصولهم مرحلة المراهقة الحساسة ، نتولاهم باللوم والتأنيب والتهديد ، وهم في أمس الحاجة إلى رعايتنا وصداقتنا ومضاعفة اهتمامنا ".

أيها الآباء انتبهوا ..

وقال:" أبناؤنا وبناتنا المراهقون يعيشون فترة حيرة وتردد ، يحتاجون إلى يد رحيمة حانية تمتد إليهم فترشدهم إلى الاختيار الصحيح بالحكمة والموعظة والود وليس بالأمر والصراخ والطغيان ، وإلا كيف سيبوح لك ابنك بما في نفسه من تساؤلات وعلامات استفهام وتعجب إذا لم تدخل إلى نفسه الطمأنينة والارتياح والثقة من ناحيتك ؟ ونفس الأمر بين الأم وابنتها ".

 

وأضاف:" إن مسئولية الآباء والأمهات والمربين مسئولية كبرى نحو أبنائهم وبناتهم ، خاصة الذين هم في مرحلة المراهقة ، إذ أن عليهم القيام بمسئولياتهم بطريقة صحيحة يتقبلها أبناؤهم وأن يقدموا إليهم نصائحهم ضمن الأحاديث المتبادلة بشكل ودي يجعل الأبناء يفتحون قلوبهم لآبائهم وأمهاتهم ، فلا يتيهوا أو يضطروا إلى الإفصاح للأصدقاء والزملاء الذين ربما يكونوا ذوي ميول عدوانية وغير سوية ".