خبر الخوف من المصالحة -هآرتس

الساعة 09:49 ص|28 ديسمبر 2011

الخوف من المصالحة -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: كان يجب على الحكومة الاسرائيلية ان تنظر بايجابية الى المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس وتعلن بأنها مستعدة لمفاوضة حكومة فلسطينية تشارك فيها حماس تجيء عن انتخابات فلسطينية - المصدر).

        يمكن فقط ان نخمن قوة الرجفة التي أصابت ركبتي محمود عباس حينما سمع ان بنيامين نتنياهو لن يفاوضه اذا انضمت حماس الى حكومة فلسطينية. من المؤكد ان عباس يظن ان كل شيء سينهار الآن مع دوي كبير. سيدخل رسم الحدود جمودا عميقا، وستقف الشاحنات التي تنقل قواعد الجيش الاسرائيلي من المناطق مع صوت كبح عال، وستلغى مراسم توديع قادة الجيش الاسرائيلي وسيعود المستوطنون الذين حزموا أمتعتهم الى بيوتهم وستطوي الجوقة الفلسطينية الوطنية نوتة "هتكفا" التي طُلب اليه ان يعزفها تمهيدا للتوقيع على اتفاق السلام.

        ان تقويم الشرق الاوسط يبدل صورته ويخلط الحاضر بايقاع مجنون، لكن اسرائيل غارقة في وهم ان ما كان هو ما سيكون. ان حماس تدير مرة اخرى السياسة الفلسطينية ويُضرب عباس على رأسه.

        كانت الدولة الفلسطينية على شفا اعتراف بها في الامم المتحدة لكن سلطة حماس في غزة منعت هذا. لأنه كيف يمكن الاعتراف بنصف دولة؟ ان اتفاق اوسلو والاتفاقات التي ولدت في أعقابه عادت وأكدت ان غزة والضفة جزءان لنفس الكيان، وما بقي جزء منه تقوده منظمة ارهابية لا تعترف باسرائيل فلا يمكن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وهنا وبتهذيب قاتل من سوريا وبمساعدة مصر وتأييد الاردن، تنظر حماس من جديد في خريطة التضاريس السياسية للمنطقة وتُغير مسارها. فلم تعد تؤيد كفاحا مسلحا لاسرائيل بل نضالا شعبيا أي مظاهرات وعصيانا مدنيا واستعدادا لابطال شروط أساسية بانضمامها الى م.ت.ف وتفهّم ان عليها ان تعترف باتفاقات وقعت عليها م.ت.ف والعودة الى صناديق الاقتراع باعتبارها طريقة متفقا عليها لاحراز النصر السياسي. لا تستطيع حماس ان تكون أكثر صدّيقية من الاخوان المسلمين، واذا كان الاخوان يشاركون في اللعبة السياسية في مصر ويفوزون فيها فانها ايضا تستطيع.

        مرت ست سنين منذ كانت الانتخابات الاخيرة في المناطق التي أصابت فيها حماس فوزا ساحقا. وهي انتخابات كان مصدر صلاحيتها اتفاق اوسلو الذي وقع بين م.ت.ف واسرائيل وكانت الادارة الامريكية هي القوة الدافعة الرئيسة له. منذ ذلك الحين ندمت الادارة عدة مرات على طموحها الديمقراطي وقطعت مع اسرائيل مع النتائج. ورُفض ايضا استعداد حماس للتعاون مع اسرائيل ولو في الصعيد الاداري، بعصا طويلة. فقد أصبح "حماس أو عباس" شعارا سياسيا – وذريعة ممتازة لاسرائيل لترك مسيرة سياسية ذات شأن.

        كان الوهم الذي رُوج له منذ ذلك الحين أنه يمكن التوقيع على اتفاق مستقل مع السلطة الفلسطينية والاستمرار في القصف في غزة. وأن يُترك للفلسطينيين ان ينشئوا حوانيت ومراقص في رام الله وان يخنقوا في الوقت نفسه مليونا ونصف مليون من الفلسطينيين في غزة. وقد أصبح الشقاق بين فتح وحماس يُرى حدثا لا يمكن تقويمه وأنه يمكن الاعتماد عليه ليخلد الجمود السياسي. وانتقشت فتح لاند وحماستان في الوعي الاسرائيلي باعتبارهما دولتين لشعبين، شعب في الضفة وشعب في غزة لا باعتبارهما صراعا بين قيادتين سياسيتين. ولم يخط بالبال امكانية ان يرى الفلسطينيون هذا الشقاق عائقا، ألبتة.

        لكن الامور تقع. ان حماس وفتح تتصالحان لا إكراما لعيني اسرائيل الزرقاوين بل لأن هذا مصلحة فلسطينية، وهيأت الظروف الاقليمية لتحقيقها. تستطيع اسرائيل ان تتجاهل هذا التطور وان تحارب المصالحة بلا هوادة وان تحاول اصلاح الخطأ السياسي الذي اخطأته قبل ست سنين.

        لا حاجة الى وقف التنفس. فقد أعلنت اسرائيل ما هو اختيارها. لكن تسليات الخيال ليست محرمة حتى الآن ويجوز ان نفكر ماذا كان سيحدث لو أنها أعلنت أنها تنظر بايجابية الى تصريحات خالد مشعل وتأمل ان تصبح حماس حزبا سياسيا شرعيا وتوافق على مفاوضة كل حكومة فلسطينية منتخبة تتفضل بمفاوضتها. ان حكومة كهذه تنشأ على أساس موافقة فلسطينية ستكون مقبولة من أكثر دول العالم وهو شيء سيجعل رفض اسرائيل غير ذي صلة. ويجوز ايضا ان نتساءل: هل ترفض اسرائيل اجراء اتصالات مع حكومة مصرية يؤلفها الاخوان المسلمون؟ وهل ستلغي اتفاق السلام مع الاردن اذا منح الملك الاردني قيادة حماس اللجوء؟ فلماذا تقاطع السلطة الفلسطينية خاصة؟.