خبر أقتلتَ وورثتَ ايضا؟ -هآرتس

الساعة 09:48 ص|28 ديسمبر 2011

 

أقتلتَ وورثتَ ايضا؟ -هآرتس

بقلم: ايال غروس

        (المضمون: تحت غطاء نظام الاحتلال المؤقت، يجري ضم زاحف للضفة ومقدراتها في صالح اسرائيل وتحت حجة "التنمية" للمنطقة تستغل الدولة المحتلة المقدرات الطبيعية – في هذه الحالة الحجر والحصى – للسكان المحتلي - المصدر).

        في الضفة الغربية، على أراضي دولة اسرائيل التي خصصت لذلك، تعمل محاجر اسرائيلية، 94 في المائة من انتاجها ينقل الى داخل دولة اسرائيل لغرض البناء. والمعنى هو أن اسرائيل تتصرف مع المقدرات الطبيعية التي في المناطق الفلسطينية كما تتصرف بملكها. وذلك، رغم أنها تحتفظ بالضفة الغربية باحتلال عسكري، لا تكون فيه الدولة المحتلة صاحبة السيادة بل مجرد مثابة وصي يفترض ان يدير المنطقة بشكل مؤقت حتى انهاء الاحتلال، في صالح السكان المحليين.

        فكيف إذن ربعت محكمة العدل العليا الدائرة وردت التماسا ضد عمل هذه المحاجر؟ في أنظمة لاهاي تقرر ان الدولة المحتلة تعتبر فقط كمن يدير العقارات في الارض المحتلة وان كان يمكنها بصفتها المسيطرة المؤقتة على الارض التمتع بالثمار الناشئة عن الاملاك – محظور عليها استخدام "الصندوق" والمس بالاملاك نفسها. اقامة محاجر جديدة والتحجير فيها، في ظل نقل المنتوج الى اسرائيل ليست مثابة استمتاع "بالثمار" من الملك (مثل تحصيل الدولة لبدل الايجار)، بل استخداما من الدولة المحتلة للمقدرات الطبيعية للارض المحتلة في صالحها.

        واعترفت محكمة العدل العليا في أنه توجد شكوك شديدة حول مسألة اذا كانت اقامة محاجر جديدة والتحجير فيها يمكن أن تعتبر "استمتاع بالثمار" – أم ربما يدور الحديث في واقع الامر عن مس بالمقدرات للارض المحتلة – ولكنها قررت بان المدة الطويلة للاحتلال الاسرائيلي في المناطق يستدعي "ملاءمة القوانين مع الواقع على الارض"، واقامة المحاجر كان جزءا من نشاط تنمية قام به الحكم العسكري. كما أنها استندت الى أنه حسب اتفاقات اوسلو، فان مسألة مستقبل المحاجر ستبحث بين اسرائيل والفلسطينيين.

        هذه الاقوال تتعارض ومبادىء قوانين الاحتلال في القانون الدولي. والاعتماد على كون الاحتلال مستمر، وعلى حد قول محكمة العدل العليا، الحاجة لتبني في ضوء ذلك نظرة "واسعة ودينامية" لواجبات القائد العسكري في المنطقة تستدعي الى الذهن مسألة "أقتلتَ وورثتَ أيضا؟". طول الاحتلال لا يمكنه، تحت غطاء "تنمية المنطقة المحتلة" وتوفير رزق لسكانها، ان يبرر اقامة محاجر تديرها شركات اسرائيلية ومعظم منتوجها ينقل الى اسرائيل – حتى وان كانت المردودات التي تدفعها الشركات تنقل الى الحكم العسكري في المناطق، الذي بالتأكيد معظم نشاطه اليوم ليس في صالح السكان الفلسطينيين.

        عندما تستغل الدولة المحتلة المقدرات الطبيعية للارض المحتلة في صالحها، وليس في صالح السكان المحليين فقط، فان هذا يذكر بقدر اكبر بالاستعمار منه بالاحتلال. حقيقة أن المحكمة نفسها رحبت باعلان الدولة الذي بموجبه لن تقام محاجر جديدة، تشهد على التناقض الداخلي الذي في قرار الحكم: اذا كانت المحاجر قانونية، فلماذا لا يسمح بمحاجر جديدة؟

        اضافة الى ذلك، فان الاعتماد على اتفاقات اوسلو لا يعطي وزنا لحقيقة أنه استنادا الى الاتفاقات الانتقالية، فان الصلاحيات في المحاجر يفترض ان تنقل الى الفلسطينيين بالتدريج، وانه في ظل غياب مفاوضات على اتفاقات دائمة، ليس في اتفاقات اوسلو ما يسوغ تثبيت السيطرة الاسرائيلية عليها. فضلا عن ذلك، فان القانون الدولي لا يسمح بتقليص حقوق سكان الارض المحتلة من خلال اتفاقات توقع مع الدولة المحتلة.

        حجر من حائط يصرخ، إذ ان قصة المحاجر وقرار محكمة العدل العليا في شأنها يجسدان كيف انه تحت غطاء نظام الاحتلال المؤقت، يجري ضم زاحف للضفة ومقدراتها في صالح اسرائيل وتحت حجة "التنمية" للمنطقة تستغل الدولة المحتلة المقدرات الطبيعية – في هذه الحالة الحجر والحصى – للسكان المحتلين.