خبر المصالحة المجتمعية..هل ستُصلح ما أفسده الانقسام بين المواطنين؟‏

الساعة 11:04 ص|27 ديسمبر 2011

هل ستنجح "المصالحة المجتمعية" في إصلاح ما أفسده الانقسام بين المواطنين؟‏

فلسطين اليوم_غزة (خاص)

خمسة أعوام مرت على أحداث يونيو/ حزيران التي شهدت أياماً دامية حيث توشحت محافظات قطاع غزة بالسواد، جراء حالات القتل والتدمير التي حدثت خلال تلك الفترة، بعد انقسامات وانشقاقات بين حركتي فتح وحماس.

عشرات القتلى والجرحى ومئات المنازل المدمرة، بالإضافة إلى عشرات المؤسسات التي تضررت خلال تلك الفترة، فضلاً عن الخلافات المجتمعية بين عشائر وفصائل وعوائل قطاع غزة، حتى بات الحديث عن المصالحة الوطنية أمر في غاية الأهمية والضرورة لإصلاح ما أفسدته "حماس وفتح"

وفي هذه الأيام يدور الحديث عن لجنة المصالحة المجتمعية، التي تتألف من قيادات وفصائل وطنية وإسلامية، ستلتقي وتجتمع ضمن جدول أعمال ستستمر لمدة ثلاث سنوات، تشمل معالجة كافة قضايا الاقتتال خلال فترة الانقسام ومايتعلق بقضايا الدماء وتعويضات المتضررين خلال تلك الفترة.

مراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، استطلع آراء بعض المواطنين حول إمكانية نجاح هذه اللجنة في إصلاح ما أفسدتاه حركتا حماس وفتح، وإنهاء الخلافات المجتمعية التي سادت عقب تلك الأحداث.

أهالي شهداء وجرحي الانقسام الفلسطيني ينتظرون منذ خمسة أعوام من يطرق الباب عليهم  ويمسح دموع أمهات ونساء وأطفال شهداء وجرحي الانقسام، فتزداد مأساتهم وآلامهم لفقدانهم أبناءهم وعدم مقدرة البعض منهم على الحركة، فضلاً عن تشريد بعضهم بعد هربهم من قطاع غزة، فيما هدم منازل بعضهم، وتسبب لآخرين إعاقة دائمة عن الحركة، وهم ينتظرون بحرقة وقهر وحزن عاجزين عن فعل شيء سوى انتظار ما ستؤول له المصالحة.

أكد المواطن (أ. أ) ويُكنى بـ"أبو جميل" (27 عاماً)، أكد أنه على  مدار خمسة سنوات من المعاناة والألم وهو يعاني الأمرين نتيجة الإصابة البالغة في قدميه بسبب الأحداث الداخلية بين فتح وحماس، مشيراً إلى إهمال كافة المسؤولين عن قضاياهم ومعاناتهم، خاصةً بعد أن تسببت له الإصابة بالإعاقة وعدم قدرته على العمل.

وأضاف أبو جميل، أن الأحداث كان لها الأثر البالغ في حياته، حيث سببت له الإصابة العجز الأمر الذي منعه من تقديم الطعام والشراب والملبس لأولاده وعائلته.

وتساءل أبو جميل، عن الإمكانات التي ستقدمها له لجنة المصالحة المجتمعية، قائلاً:"هل سيستطيع المسؤولون معالجة العجز في قدمي، وهل يمكن أن تجعلني أن أحمل ابني وهو يقول لي بابا احملني اشتري لي حلوة وعينيه تقطر الدمع بحرقة على عدم مقدرته علي المشي والحركة وعلي تشتت الشعب الفلسطيني الذي وصل إلى هذا الحد من الانقسام والتمزق".

ولكنه أعرب عن أمله في إنهاء الخلافات الفلسطينية، وعودة اللحمة إلى أبناء شعبنا لأن الانقسام الحاصل أرجع القضية الفلسطينية للوراء، وأثَر على كافة جوانب الحياة.

أما المواطن أبو صقر وهو شقيق أحد المواطنين الذين قُتلوا خلال الأحداث الفلسطينية الدامية خلال أحداث يونيو، فهو يثمن جهود المسؤولين المتواجدين في القاهرة من أجل إنهاء الانقسام والعمل على وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة التحديات "الإسرائيلية" والمشروع الصهيوني في تعزيز الانقسام وتشتيت قوام الشعب الفلسطيني.

وقال أبو صقر:"نحن نرفض الدم مقابل الدم، ونقبل في الحل السلمي وكفانا دماء فنحن بحاجة إلى كل قطرة دم نبقيها في وجه الاحتلال الصهيوني والدفاع عن فلسطين وكامل فلسطين ضد المخططات "الإسرائيلية" التي تحاك ضد وطننا".

من ناحيته، رأى الدكتور الجامعي صلاح أبو حميدة، أن لجنة المصالحة المجتمعية ستنجح وسيكون لها آثار ايجابية ملموسة في الشارع الفلسطيني من خلال ما سوف تقوم به من إصلاح الخلافات العشائرية من خلال العرف والعادة وإعطاء كل إنسان حقه وتطييب خواطر العائلات التي فقدت أبنائها وتعويضهم.

فيما أكد المواطن محمود أبو زعيتر، أن حل قضية المتضررين صعبة إلى حد كبير وعلى اللجنة المصالحة المجتمعية أن تبذل كافة جهودها وطاقتها من أجل حل كافة المشاكل العائلية وإرضاء أهالي الشهداء والجرحى ومتضرري الانقسام بكافة الطرق.

وأشار أبو زعيتر إلى أنه من الصعب نسيان من كان له ابن قتل أو جرح ولكن على الأهل الخضوع للواقع المرير من أجل الوطن وحقن الدماء الفلسطينية وإنهاء الانقسام المرير الذي هو من مصلحة العدو الصهيوني.

المحلل السياسي د.ناجي شراب أكد على أن المصالحة الحقيقية هي المصالحة المجتمعية بين كافة شرائح وأفراد المجتمع الفلسطيني ، وأنها ليست بالأمر السهل والهين تحقيقه إن لم تكن الآليات والجهود المتبعة كبيرة لفرضها على الصعيد السياسي والمجتمعي.

وقال شراب في تصريح خاص لـ:"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" :" إن الانقسام السياسي بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة هو انقسام مؤقت, وأن وسائل الإعلام المختلفة تلعب دوراً بارزاً وفاعلاً في نشر روح الحوار والمصالحة المجتمعية بين كافة الموطنين ونبذ الكراهية والحقد والدفاع عن المصالح العامة ".

 

وأوضح أن المجتمع الفلسطيني قابل للتصالح في حال توفرت النوايا الحسنة والصادقة وتضافرت الجهود لإتمام المصالحة الداخلية التي تشغل فكر وبال الشارع الفلسطيني ، منوها إلى أن المصالحة المجتمعية تحتاج إلى بذل جهد لاستعادة النسيج المجتمعي.

وأضاف شراب:" إن المصالحة المجتمعية لا ترتبط بوقت محدد ، وإنما تحتاج إلى جهود متواصلة وآليات مستمرة لإنجاحها وتحقيقها ، وانه لابد من خلق قنوات جديدة للعمل المستمر لاستئصال القيم السلبية والمنحرفة وأن آلية واحدة لا تكفي ".

وأشار في حديثه إلى أن المصالحة السياسية هي أحد النوافذ الرئيسة لتحقيق المصالحة المجتمعية ، وأن المواطنين الفلسطينيين مستعدون لدفع الثمن من أجل الوصول إلى حل لجميع القضايا العالقة والتي تؤرقهم .

وحول إمكانية وجود ضمانات لعدم عودة العائلات إلى الثأر عقب إتمام المصالحة المجتمعية والسياسية ، قال شراب:" انه لا وجود لضمانات لعدم عودة فكرة الثأر كونه مثل البركان قد يهدأ لسنوات طويلة ومن ثم يعود وينفجر بأي لحظة "، مؤكدا انه لا يمكن استئصال هذه العادات السيئة إلا بفرض سيادة القانون على أرض الواقع.