خبر خطر، دولة داخل دولة -معاريف

الساعة 09:36 ص|26 ديسمبر 2011

 

خطر، دولة داخل دولة -معاريف

بقلم: شاي غولدن

        (المضمون: في اليوم الذي يتفكك فيه المجتمع في اسرائيل ويذوب فيه القانون ليصبح سائلا، فلن يكون مهما على أي حال ماذا ستكون عليه حدود الدولة واي نوع من السلاح يحتفظ الايرانيون - المصدر).

        خلفية العربدة الاصولية في الفترة الاخيرة ليست صدفة. الوهن المتواصل لحكومة نتنياهو في معالجة السلوك المتطرف للجماعات الهامشية (بقدر أكبر: المستوطنين)، الى جانب انعدام كبح الجماح القيادي لاعمال الشغب التشريعية، وكذا تحويل الامتناع عن الرد الى سياسة الرد الرسمية للحكومة – في كل مجال تقريبا – هيأت جميعها التربة لاعمال الشغب الاخيرة التي تعصف بالدولة من الداخل.

        الاصوليون في بيت شيمش – مثل المستوطنين، مثل النواب من اليمين – يفحصون حدود المسموح والممنوع في اسرائيل في عصرنا. وعلى نحو يشبه جدا الاطفال، الذين يفحصون حدودهم من خلال الانتظار لرد الاهل على افعالهم، هكذا فان الجماعات الهامشية في اسرائيل تفحص هذه الايام السلطة المركزية في القدس، ولا سيما رئيس الوزراء.

        فهل سيتخذ يدا من حديد ضد المستوطنين الذين اقتحوا معسكر "كفير" وهاجموا ضابطا من الجيش الاسرائيلي أم لعله يكتفي بشجب فارغ؟ هل سيوقف مشاريع القوانين الهاذية والخطيرة التي من شأنها ان تمس بالنسيج الحساس لشبكة العلاقات بين الجماعات في اسرائيل أم سيسمح لكل نائب من الائتلاف بان يهذى كما يشاء بمشاريع قوانين خطيرة على المجتمع في اسرائيل؟ هل سيقف جانبا عندما يهاجم عشرات المشاغبين النساء والصبايا، يعرضون حياة الصحفيين للخطر ويحولون مدينة في اسرائيل – بيت شيمش – الى منطقة اخرى لا يوجد فيها لا قانون ولا نظام وكل يفعل كما يشاء؟

        جيوب عديدة جدا في اسرائيل أصبحت غير مسموح بالوصول اليها في أثناء العقود الاخيرة – بلدات عربية، احياء اصولية ومستوطنات هي من ابرزها. السكان في هذه الجيوب يغطون تقريبا نصف سكان اسرائيل. هذا المعطى مذهل، مقلق ومخيف، وبالاساس عندما تؤخذ بالحسبان ان اسرائيل أصبحت دولة ينطبق فيها قانون واحد على نصف السكان وقانون آخر على النصف الثاني. نصف واحد يخضع للقانون، يطيع الانظمة البلدية، يخضع لامرة الشرطة ويطيع تعليمات الحكم؛ ونصف آخر يتشكل من جماعات أقلية عدوانية وعنيفة، لا يتمكن منها القانون والدولة تعرف، توافق غصبا على ذلك وتسكت بخنوع. وسواء كان هذا هو اللوبي السياسي لهذه الجماعات، أم التخوف من مواجهة عنيفة معها – فلا تزال هي التي تقرر: من تحت أنفنا تجري اسرائيل ثانية، غريبة، لا تحترم القانون، مغتربة في قسم منها عن قواعد اللعب الاسرائيلية، معادية للواجبات المدنية ورافضة للفكرة الاسرائيلية. جماعات ايديولوجية من جهة، قطاعية من جهة اخرى – وقاسم مشترك واحد لها جميعها: فقد أخرجت نفسها من دولة اسرائيل.

        الروابط التي تربط القطع الاسرائيلية الممزقة تتقطع امام عيوننا بيد فظة في الاشهر الاخيرة. كما أن الاحتجاج الاجتماعي هو رد فعل لاحساس الاغتراب لدى الجمهور عن سلوك الحكم المركزي ودليل آخر على أن السند المركزي للمبنى الاسرائيلي لم يعد مستقرا. شخص واحد في اسرائيل عليه أن يلصق هذه القطع المتناثرة – الشخص الذي حكومته هي واحدة من أقوى الحكومات وأكثرها استقرارا منذ قيام الدولة؛ شخص واحد، نهجه في الامتناع عن أخذ المسؤولية عن كل ما يجري في ورديته كرئيس للوزراء يصبح محملا بالمصيبة. السلبية كعقيدة يجب أن تتوقف في كل المستويات. الاول في علوه – هو المستوى الاجتماعي. إذ في اليوم الذي يتفكك فيه المجتمع في اسرائيل ويذوب فيه القانون ليصبح سائلا، فلن يكون مهما على أي حال ماذا ستكون عليه حدود الدولة واي نوع من السلاح يحتفظ الايرانيون. فبعد أن كان اول من شخص خطر الحريق في الكرمل، حانت ساعة رجل الاطفاء الاسرائيلي الرئيس لان يشخص حجم النار التي تعربد من تحت أنفه قبل لحظة من احراقها الدولة بأسرها واحراقها أيضا ولايته الثانية. ويمكن، بالطبع، الا يكون يكترث. يمكن أن هنا أيضا، هكذا بنيامين نتنياهو يعتقد، سيكون ممكنا وضع الكلمات في فم دان كينر والامل في أن تحل محل الواقع.