خبر المطلوب التطبيق الفوري للاتفاق / مصطفى إبراهيم

الساعة 09:08 ص|24 ديسمبر 2011

المطلوب التطبيق الفوري للاتفاق / مصطفى إبراهيم

لا اعلم ما مدى صحة المعلومة التي اخبرني بها احد الأصدقاء المطلعين من أن جلسات الحوار الفلسطيني خلال الأعوام الخمسة الماضية قد كلفت الخزينة المصرية 16 مليون دولار، حيث تحملت مصر عبئاً كبيراً، ومع ذلك فالمطلوب من مصر تقديم أكثر، والقيام بدورها الحقيقي لاستعادة دورها الريادي، كما قدم الفلسطينيين الكثير جراء الانقسام وتبعاته الخطيرة على قضيتهم ومستقبلهم، دفعوا دمهم وخسروا حقوقهم.

 

وفود الفصائل العائدة من القاهرة تتحدث عن الروح الايجابية التي سادت جلسات الحوار، ويتحدثون بتفاؤل عن الانجازات التي تم تحقيقها، وأهمها ملف الانتخابات وملف منظمة التحرير الفلسطينية، بالإضافة إلى الملفات الأخرى المتعلقة بالمصالحة المجتمعية والحريات العامة، كل ذلك يعتبر خطوة إلى الأمام لإتمام المصالحة، وإنهاء الانقسام وآثاره المدمرة على القضية الفلسطينية.

 

وعلى الرغم من الملاحظات الكبيرة على كثير من ما تم الاتفاق عليه، سواء علمنا به أو ما لم نعلم به، والغموض في بعض الملفات التي تم الاتفاق عليها بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل خاصة فيما يتعلق بتأجيل تشكيل الحكومة إلى نهاية الشهر القادم، وغيرها من المواضيع التي بقيت طي الكتمان، وغياب الشفافية في كيفية إضافة أسماء جديدة للإطار القيادي للمنظمة والتسويات التي تمت بين الفصائل في هذه القضية، ومع ذلك يبقى ما جرى في القاهرة ايجابي يجب البناء عليه والاستمرار في تنفيذه.

 

واللافت أيضاً تسابق الفصائل على تسمية مندوبيها في اللجان المختلفة، وكأنهم يبحثون عن أي دور، بالإضافة إلى ما تم تسريبه من خلافات داخل الفصيل الواحد على تشكيل اللجان ووجود بعض الأسماء في اللجان، وغياب أسماء أخرى ترى في نفسها الكفاءة، فالاتفاق تم على تشكيل جميع اللجان بطابعها الفصائلي البحت، وظهر ذلك جليا من خلال الأسماء المشكلة منها اللجان المختلفة بما فيها لجنة الانتخابات التي من المفترض أن تكون مشكلة من القضاة ورجال القانون والأكاديميين ذوي الخبرة، حتى لجنة الحريات العامة فهي فصائلية بحتة باستثناء عدد قليل من نشطاء حقوق الإنسان.

 

والأصل في موضوع الحريات العامة أن لا يكون هناك لجان لدراسة القضايا العالقة، سواء في ملف الاعتقال السياسي والحريات الإعلامية وحرية العمل السياسي والحق في تشكيل الجمعيات والحق في التجمع السلمي، أو في موضوع حرية التنقل والحركة والسفر والحصول على جواز السفر، والعودة الآمنة للمواطنين الذين غادروا قطاع غزة جراء الانقسام، وغيرها من الحقوق التي ما زالت تنتهك.

 

فالحريات العامة هي حقوق إنسان، وهي حقوق أساسية أصيلة تولد مع الإنسان لا يجوز لا أي كان منحها أو حجبها حسب الخلاف السياسي، ولا يجوز إخضاع تطبيقها للدراسة من خلال اللجان، فالأصل أن يتم تطبيق القانون والتوقف الفوري عن ممارسة الانتهاكات بحق الناس والتعدي على حرياتهم والحط من كرامتهم، وهي حقوق كفلها الدستور والقوانين ذات العلاقة، وهي ليست منحة من احد.

 

ومعيار نجاح الحوار والتفاهمات التي تم التوصل إليها هو البدء فوراً في خطوات المصالحة الحقيقية بتطبيق الاتفاق على الأرض، فمن غير المعقول الانتظار كل هذه الفترة من الزمن، والعودة مرة أخرى لتشكيل لجان جديدة كانت شكلت في السابق، وتم الاتفاق على وضع الأسس لها وتم تعريف الاعتقال السياسي ودراسة ملفات عديدة، فالأصل البدء فورا التخلص من تركة الانقسام ونتائجه.

 

من دون بناء أجواء الثقة وتعزيزها، لن يكون هناك تطبيق للاتفاق، أما الانتظار لبدء عمل اللجان، فهذا لا يبشر بخير حتى برغم من أجواء التفاؤل التي سادت جلسات الحوار، فيجب إقناع الناس بجدية الطرفين من خلال وقف الاستدعاءات والاعتقالات والإفراج الفوري عن المعتقلين، والسماح للناس التعبير عن أرائهم بحرية من خلال التجمع السلمي والاعتصام والتظاهر من دون الحصول على تصاريح لإقامة نشاطاتهم.

 

يجب أن يكون هناك حس وطني عالي والبدء بالتطبيق الفوري للاتفاق، وتوفير طاقات الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ودحره، وصولا للحرية وعودة اللاجئين والاستقلال واقامة الدولة بمشاركة الكل الفلسطيني.