خبر أخطاءُ الصحفيين..البعضُ منها فادح والآخر فاضح

الساعة 08:54 ص|24 ديسمبر 2011

أخطاءُ الصحفيين..البعضُ منها فادح والآخر فاضح

فلسطين اليوم- غزة (خاص)

لكل مهنة أخطائها، بعضها ناجم عن سوء علم وأخرى تصنف تحت بند "سقط سهوا"، لكنها في كل الأحوال تظل نقطة تؤخذ على مقترفيها، وتبقى نقطة مسجلة عليهم، ولكن تبقى أخطاء الإعلاميين هي الفادحة.

 

وتعتبر الأخطاء الصحفية هي كبيرة، حيث تتعامل مع اللغة باعتبارها منشورة لكل البشر ، وثمة عدد من الصحفيين لا يجدون غضاضة في البوح بأخطائهم كجزء من تجاربهم وخبراتهم وهناك من يجدون حرجا من الاعتراف بأي أخطاء يقعون بها ...

 

مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، استطلعت أراء عدد من الصحفيين الذين وقع بعضهم في أخطاء كانت سبباً في إحراجهم وإضحاكهم أو كانت جزءاً من تجاربهم ..

 

الصحفي يوسف صادق قال:" إن الأخطاء اللغوية المنتشرة بين الصحفيين أكثر من الإملائية خاصةً أن الصحفي يجيد الكتابة بشكل تلقائي "، موضحاً أن سبب هذه الأخطاء هو عدم القراءة الدائمة والمطالعة بشكل أعمق في الكتب والأبحاث وغيره خاصةً تلك المتعلقة بالنحو والصرف، لهذا تكون اللغة عادة ركيكة ويوجد بها أخطاء لغوية كثيرة .

 

وأضاف، أن معظم الأخطاء تأتي من خلال سرعة الكتابة وبالتالي يتغير معنى الجملة أصلاً

ويتحول لمفهوم آخر، مؤكداً ضرورة أن يحمل الطالب والعاملين في وسائل الإعلام همة عالية لتطوير مهاراتهم عبر استقائها من الأشخاص الضالعين فيها، أو من خلال وسائل التعليم المختلفة وممارستها بصورة مستمرة حتى تكون سهلة على اللسان .

 

الجامعة والطالب..شريكان

ويقول الصحفي محمد الجمل مراسل صحيفة الأيام :"إن ظاهرة الأخطاء شائعة وخاصة مع الصحفيين الجدد، وتتعدى حدود الأخطاء أحياناً، لتصل في بعض الأحيان لاستخدام مصطلحات غريبة وعامية"، مضيفاً:" لقد ورد عليَ تقارير كثيرة تحتوي على أخطاء نحوية ولغوية وضعف مصطلحات، وذلك يعود إلى ضعف التعليم في الجامعات، حيث أصبحت "مفرخة" للصحفيين دون أن يكونوا مؤهلين بشكل جيد ".

 

وتابع قوله:" إنه لا يوجد أي اهتمام من قبل الطلاب أنفسهم بتطوير قدراتهم الكتابية والالتحاق بدورات في الكتابة الصحفية السليمة، وأن كل همهم الوظيفة وفرصة العمل "، موضحاً أن هذه المشكلة تشترك فيها الجامعة وتتحمل جزء منها ولا تقع على عاتق الطالب فقط.

 

ولفت الجمل في حديثه إلى أن هذه الأخطاء تمر بشكل طبيعي دون تصليحها، والكتابات تنشر في بعض الوكالات والمؤسسات الإعلامية كما هي دون تحرير وتدقيق، وهذا يؤدي إلى ضعف في المضمون الإعلامي .

 

اعتراف بالخطأ

مثنى النجار مراسل إذاعة القدس، أكد أنه أحد الصحفيين الذين يقعون في الأخطاء الإملائية أو النحوية، عازياً ذلك إلى كثرة الأخبار وضغط العمل إلى جانب السرعة في تناقل الأخبار وقلة دورات الخبرة في مجال النحو.

 

وقال :"على مستواي الشخصي أعمل بخبرتي ولكنني بحاجة ماسة لدورات مكثفة في مجال النحو لتصحيح مساري حتى أساعد لغتي وأنقذها من مستنقع الأخطاء والعمل على تفاديها ".

 

وأضاف:" أرى أنه يجب على المؤسسات ابتعاث العاملين فيها وانخراطهم في دورات ذات صلة تؤدي في نهاية المطاف إلى فائدة تعود بالنفع على الموظف نفسه والمؤسسة سواء كان داخل البلد أو خارجها للاستفادة من ذوي الخبرة ليس فقط بمجال النحو والإملاء"، لافتاً إلى ضرورة إشراك المؤسسات الصحفية في ورش عمل ولقاءات تجمع الصحفيين للتعرف على المشكلة والعمل على إيجاد حلول سريعة تضع النقاط على الحروف وتصحح المسار.

 

موقف محرج ومضحك

المدير التنفيذي في إذاعة الحرية برام الله أمجد العرابيد ، ذكر أحد المواقف التي أحرجت المذيع خلال تقديمه نشرة الأخبار وقال:" قمت بتحرير وإعداد نشرة الأخبار ليلقيها أحد الزملاء المذيعين على الهواء، وبالعادة نستخدم الكمبيوتر لقراءة المواد الإخبارية، وأثناء قراءة الزميل للنشرة فجأة تعطل الكمبيوتر وتوقف عن العمل ، وهو على الهواء مما أدى إلى حدوث إرباك لدى المذيع وتلعثم بالحديث، إلا أن مهندس الصوت تدارك الأمر بفاصل موسيقي إخباري ".

 

وأضاف:" لو أن المذيع هو من قام بتحرير وإعداد النشرة لاختصر الخبر دون تبيان الخلل الذي حصل "، ولكن للأسف المذيع لم يقرأ كافة الأخبار قبل الخروج على الهواء مباشرة ، ما أدى إلى هذا الموقف المحرج ".

 

إحدى الصحفيات التي تعمل في وكالة أنباء محلية ذكرت موقفاً مضحكاً حدث فيه خطأ إملائي وقالت:" في أحد الأيام كنتُ أكتب خبراً صحفياً استعداداً لنشره على لوحة التحكم الخاصة بالموقع ، وإذا بأحد الزملاء يبادرني بالقول " صباح الخير" وبدلاً من أن اكتب ضمن الخبر صباح اليوم كتبت صباح الخير ".

 

وتابعت قولها:" بعد قليل فوجئت بالزميل يطلب منى وهو يضحك أن أغير الكلمة قبل أن يشاهدها القراء على الموقع وبالفعل قمت بتغييرها فوراً، وأنا لا أكاد أتوقف عن الضحك ".

 

أسباب حقيقية

من جهته قال الكاتب الفلسطيني د.ناصر جربوع :"إن الأخطاء تكمن في عدم الاطلاع المتزايد للصحفيين على العديد من التقارير المميزة التي تصدر عن كبار الفكر الصحفي، عدا عن عزوفهم عن قراءة المقالات بكافة أشكالها التي تخط بيد كبار رجال الصحافة، وغياب الكادر الصحفي المهني الحقيقي".

 

وأضاف:" لقد خاض العديد من الأشخاص مهنة الصحافة كهواة غير متخصصين، إضافة إلى عدم المراجعة الدقيقة للكثير من التقارير الإعلامية الصادرة عن الموسوسات وخضوعها لعامل الوقت والسرعة، وعدم الاستفادة من التغذية الراجعة".

 

وأشار جربوع إلى إفراز جامعاتنا المحلية والعربية كادر غير مهتم إلا بالجانب الشكلي للصحفيين والإعلاميين دون إخضاعهم إلى فصول مكثفة تشتمل على ( فن كتابة المقال - الحوار الصحفي - قواعد الكتابة والإملاء والنحو ) .

 

لغة الضاد

وفي تعليقها على ذلك قالت مدرسة اللغة العربية إيناس أبو شاويش :" إن اللغة العربية لغة الضاد ومن أقدم اللغات الحية على وجه الأرض، وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظها حتى يرث الله الأرض ومن عليها ".

 

وأكدت أن ضعف الصحفيين وخاصة طلاب المدارس والجامعات في اللغة العربية إهمال يتشارك فيه الطالب والجامعة وأصحاب القرار، مشيرة إلى ضرورة معالجة المشكلة بتأسيس مراكز خاصة لمهارات نطق اللغة وكتابتها باختلاف مجالاتها الأدبية والصحفية والثقافية.

 

وذكرت أن أخطاء المذيعين والصحفيين في القنوات والإذاعات والجرائد والمجلات لا يتحملها الصحفي وحده بل يتشارك فيها المحرر والمراجع اللغوي ومجلس إدارة المؤسسة الإعلامية ذاتها، داعية إلى ضرورة التركيز على سيكولوجية الصحفي وصوته وطلاقته الكلامية دون الخوض في البعد التأسيسي اللغوي الذي يعتبر العماد الأساسي للعمل الصحفي .