خبر حكمة المخفي لدى بانيتا- معاريف

الساعة 09:27 ص|21 ديسمبر 2011

حكمة المخفي لدى بانيتا- معاريف

بقلم: نداف ايال

صعبة مهمة أصحاب القرار والمحللين على جانبي المحيط. في واشنطن يحاولون تحليل التصريحات المتشددة والافعال المكشوفة لبنيامين نتنياهو وايهود باراك والفهم اذا كان الاسرائيليون بالفعل ينوون العمل من طرف واحد وبلا تنسيق ضد ايران. عندما، من جهة اخرى، ينشغلون بقراءة مكثفة للاوراق التي يرتبها الامريكيون ويخلطوها على الطاولة، اوراق غايتها البث لموافقتهم أو عدم موافقتهم على عملية عسكرية أو هجوم اسرائيلي.

قبل بضعة أسابيع فقط وقف وزير الدفاع بانيتا أمام "منتدى سبان"، وسارعت التحليلات الى تتويج خطابه كقول حاد وواضح للغاية بشأن الهجوم الاسرائيلي. ظاهرا، يخيل انه قال ان هجوما عسكريا لن يكون ناجعا، بل هو معقد وقابل للانفجار، وفي نفس الفرصة أوضح لاسرائيل أنه محظور عليها ان تعمل وحدها ودون تنسيق مع الامريكيين. فأعلن المحللون ان ها هو تصريح دقيق غايته منع كل عملية اسرائيلية.

أما أمس، فجأة، فقد تغير كل شيء. بانيتا تحدث في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة" الامريكي حدد فيها الجدول الزمني الايراني لتحقيق قنبلة (سنة)، وبعدها، هكذا بدا الامر، تحدث عن امكانية هجوم عسكري – ليس فقط اسرائيلي، بل وأمريكي أيضا. "اذا اضطررنا عمل هذا فسنتصدى له"، قال بانيتا ولم يوضح بالضبط ما هو "هذا". موضوع لقارئي الكف، على ما يبدو، هو فهم ما هو "هذا". في كل الاحوال، تبدو هذه ظاهرا انعطافة، تذبذب، تغيير حاسم: الامريكيون – مزودون بمعلومات استخبارية اسرائيلية سرية؟ - غيروا موقفهم.

الواقع أكثر تركيبا بقليل، على ما يبدو. وسواء في "منتدى سبان" أم امس فقد قال وزير الدفاع الامريكي: "الرئيس لن يشطب أي خيار عن الطاولة". كما أنه قال ان ايران مع قدرة نووية "ليس أمرا مقبولا" من الولايات المتحدة، صيغة معروفة اخرى. ووصف ايران مع سلاح نووي بانها "خط أحمر"، وهذا أيضا سمعناه في الماضي. وعندما سئل ماذا يحتمل أن تضطر الولايات المتحدة الى عمله اجاب: "اذا ما تقدموا وتلقينا معلومات استخبارية أنهم يتقدمون نحو تطوير سلاح نووي، فعندها سنتخذ كل الوسائل اللازمة لمنع هذا".

هذه جملة ينبغي قراءتها بحذر شديد. أولا، وزير الدفاع الامريكي لا يقول انه اذا تقدم الايرانيون نحو سلاح نووي، فان الولايات المتحدة ستعمل عسكريا. هو يقول أن امريكا ستتخذ الوسائل اللازمة – وهذه يمكن أن تكون دبلوماسية أكثر حدة. ولكن القسم الاكثر تشويقا هو استخدام تعبير "يتقدموا نحو تطوير سلاح نووي". فالايرانيون، كما تزعم الولايات المتحدة ينشغلون الان في تطوير نووي غير قانوني، وعليه ما كان بانيتا يتناول الحاضر كسيناريو سلبي في المستقبل. واضح ان بانيتا لا يتحدث عن الوضع الحالي. اما باراك ونتنياهو فيتحدثان عنه.

عمليا، يبدو ان وزير الدفاع يتحدث عن سيناريو "الاختراق". هذا سيناريو يوم الدين الذي في اطاره يزيل الايرانيون كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية من منشآتهم النووية، يمنعون دخول المراقبين، يحطمون الحواجز ويخصبون علنا اليورانيوم على درجة عسكرية. مثل هذا السيناريو سيقود ايران نحو نزاع ومواجهة ليس فقط مع الولايات المتحدة واسرائيل بل على ما يبدو مع العالم باسره. بتعبير آخر هو في واقع الامر لم يقل الكثير من الجديد.

ولكن، بانيتا قال أقواله بشكل حازم جدا وبنبرة تعطي الانطباع بان الولايات المتحدة مستعدة لهجوم عسكري. هذا أمر ذو مغزى، ويحتمل أن يكون يرتبط بمحاولة ادارة اوباما تحسين علاقاتها مع اسرائيل والجالية اليهودية – ولكن ايضا ربما لتقليص بعضا من اضرار التصريحات لكبار الادارة في الفترة الاخيرة. وثمة شيء آخر: المزيد فالمزيد من الاصوات في الولايات المتحدة يقدرون بان اوباما نفسه لن يتردد في هجوم عسكري في ايران، مهما بدا هذا مفاجئا. ها هو، صباح جديد حل، ومعه قراءة اخرى في النجوم الامريكية.