خبر التشريع يبدأ في الجيش الإسرائيلي- هآرتس

الساعة 09:26 ص|21 ديسمبر 2011

التشريع يبدأ في الجيش الإسرائيلي- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

ليس المقدم تسور هرباز نائب قائد لواء أفرايم ضابطا رفيع المستوى فقط في الجيش الاسرائيلي. بل هو مُشرع. ان الحجر الذي رماه به ارهابيون يهود صدّع في الحقيقة نوافذ مبنى الكنيست، لكن حقيقة الهبوب المثرثر لوزراء واعضاء كنيست وحقيقة أنهم حتى أجروا نقاشا لتعريف الارهاب اليهودي، دليل مهم على أن تغييرات تشريعية حقيقية، سواء كان الحديث عن ميزانية الدولة أو اقصاء النساء الذي يتلفف بمصطلح "نشيد النساء" – أم عن ارهاب، فانه يجب المرور من غربال الجيش الاسرائيلي كي تصبح أساسا شرعيا في الخطاب الاسرائيلي.

اذا كان قد أُلقي على الجيش الاسرائيلي ذات مرة ان يكون بوتقة الصهر التي الغرض منها ان تصهر معا "مادة بشرية" غير صافية لانتاج اسرائيلي أصيل منها، فان الجيش يعمل اليوم من جملة ما يعمل أداة رقابة ثقافية مسؤولة عن انشاء لغة موحدة وتعريف مصطلحات أساسية في الفكر السياسي، ومحددا للحلال والحرام في السلوك المدني اليهودي.

ان النقاش في الحكومة والكنيست حول تعريف الحجر اليهودي بأنه ارهاب يُبين التناقض في ان الجيش، ضحية الارهاب وهو الجسم الذي كان يجب عليه ان يعمل في تصميم وقوة على مواجهة اولئك الارهابيين، هو الذي يحتاج الآن في ظاهر الامر الى تغيير في القانون كي يستطيع ان يحمي نفسه. وهكذا وافق رئيس الحكومة اجلالا للجيش الاسرائيلي على ان يوسع استعمال أوامر الابعاد والاعتقالات الادارية وعلى ان يمنح الجنود سلطة اعتقال وسلطة محاكمة الارهابيين في محاكم عسكرية. وهنا وقف مع صوت احتكاك عال وقضى بأنه لا يوجد ارهاب يهودي.

ليس الجيش محتاجا في الحقيقة الى تشريع جديد كي يستطيع مواجهة الارهاب اليهودي حتى ولا لتعريف الارهاب كي يعتقل مواطنا يهوديا أو عربيا في المناطق. لكن الجيش الاسرائيلي هو وحده يستطيع ان يُحدث تغييرا في الوعي للارهاب اليهودي بتحويله من "شارة ثمن" الى نية قتل، وبأن يستبدل بردود سيالة من التنديد وفرقعة اللسان تشريعا ذا أسنان. لأنه ما دام الارهابيون يعملون على أهداف مدنية عربية أو يهودية بالقاء القذر في غرفة درج نشيطة "سلام الآن" أو احراق مساجد واقتلاع اشجار زيتون أو تهديد نشطاء سلام، فانهم عملوا في نطاق اجماع رسم حدوده اليمين من جهة والجيش الاسرائيلي من جهة ثانية – إما بالفعل وإما بالاخفاق. وهكذا استطاع الارهابيون متابعة العمل في نطاق محمي يعتبرون فيه في الأكثر مجرمين صغارا وأعشابا ضارة، لكن لا يعتبرون تهديدا وطنيا.

على حسب هذا التعريف فان قذف ضابط رفيع المستوى بحجر في رأسه ليس ارهابا، حتى ان دخول معسكر للجيش هو في الأكثر مادة في القانون الجنائي، لكنه ليس ارهابا. وفي الحقيقة كان يجب ان يثير مجرد نقاش الحكومة لتعريف الارهابيين بأنهم ارهابيون، الدهشة. لأن هذا النقاش حتى لو كانت نتائجه هزيلة، يهدد بخرق حدود الاجماع وكسر قواعد اللعب الواضحة جدا والقضاء على ادعاء الغفلة. لم ينجح أي مس بمواطن أو بشجرة زيتون حتى الآن في امتحان هذا الاجماع كما فعلت اصابة ضابط.

في النضال لتغيير الوعي للارهاب اليهودي، أخفق الجيش حتى الآن. ربما في الصدام التالي بين ارهابيين يهود والجيش سينجح تعريف الارهاب في اجتياز هذا الحد ايضا. لكن ليس الحديث عن تعريف الارهاب فقط بل عن مكانة الجيش باعتباره مُشرعا وباعتباره يستطيع بفضل مكانته عند الجمهور ان "يكوي الوعي" على نحو لا يستطيع إحداثه حتى مواطنون عاديون في مجتمع ديمقراطي.

تسهل الاشارة بالاصبع الى دول كمصر أو تركيا يحاكم فيها مواطنون لاهانة الجيش وتوبيخها لنقص في ديمقراطيتها؛ فلا حاجة هناك حتى الى رمي ضباط بالحجارة كي تعتقل فترات طويلة. لكن في الديمقراطيات الحقيقية لا يكون الجيش فوق الشعب، والجمهور المدني هو صاحب السيادة وهو المقدس الذي لا يجوز المس به. ان الجيش في ديمقراطيات حقيقية ليس جهة تربية وليس فوق ذلك مُحدثا لاجماع ثقافي أو سياسي. وفي اسرائيل مُنح الجيش مكانة خاصة لكن باعتباره كذلك لا يستطيع ان يعفي نفسه من ثقل مسؤوليته. فالجيش وحده باعتباره مسؤولا عن صوغ الوعي القومي يستطيع ان يغير الآن تعريف الارهاب قبل ان تتحمل الدولة كلها "شارة الثمن".