خبر شبيبة في خطر -معاريف

الساعة 09:09 ص|20 ديسمبر 2011

شبيبة في خطر -معاريف

بقلم: اسحق هيرتسوغ

(المضمون: فتيان التلال يعرض للخطر شخصية الدولة، ولكن هؤلاء ابناء عاقون يحتاجون الى معالجة. على قادة المستوطنين ان يعترفوا بذلك ويساهموا مع الدولة في معالجة الظاهرة تربويا، نفسيا وتأهيليا - المصدر).

        "قولوا لي، كيف وصلتم الى هذا؟". سألت فتيان التلال في جولة في بؤرة استيطانية في السامرة قبل نحو سنة. كنت في حينه وزيرا للرفاه وقررت ان أتعرف عن كثب على شدة الظاهرة. التقيت بهم على تلة ذات مشهد يحبس الانفاس. أحدهم، يوسي (اسم مستعار)، أجاب على سؤال: "أبواي فقداني بسبب البلوغ. تربيت في عائلة عادية، في بلدة راسخة في غوش عصيون. أبواي يعملان في التكنولوجيا العليا. وقد فقداني رويدا رويدا، وتدحرجت مع الشباب الى التلال". "وما هي التجربة الاكثر أهمية لك؟" شددت السؤال. "قاتلت ضد الاخلاء على سطح تسعة في عمونا. كانت هناك ضربات قاتلة. خفت هناك خوفا مميتا"، اجابني يوسي.

        لا خلاف في الحاجة الى تفعيل فرض القانون كثيف ضد "شارة الثمن"، فتيان التلال وجمهور المشاغبين والمنكلين، بكل القوة والتشدد. هذه خطوة حيوية ولازمة في وجه الفوضى العامة على الارض لاعمال التمرد، ولكن برأيي في النقاش على الرد على الظواهر نسي عنصر انساني أساس وهو أن هذه الشبيبة توجد في أزمة عميقة! في أزمة هوية، في تمرد على الاباء والامهات، على المعلمين، على العائلة والمجتمع. مستقبله محوط بالغموض وليس لديه مع من يتحدث ومع من يتصل. وهو آخذ في الانطواء على نفسه وأفضل متعة لديه هي الشغب والهدم بأكبر قدر ممكن. هذه عوارض تذكرنا بجيل اللطف في الستينيات، والشبيبة المسطولة في الصيف على شاطيء ايلات، الشبيبة المعربدة في قلب الاحياء، الشبيبة الاصولية التي تلقي بالحفاضات احتجاجا في عهد "ما بين الازمنة". كلهم، دون استثناء، فقدوا أباءهم وامهاتهم في أثناء البلوغ ويحتاجون الى أُذن تنصت لهم ومعالجة مهنية – نفسية، تربوية وتأهيلية. هذه شبيبة في خطر بكل معنى الكلمة، غير ان هذه المرة هذه الشبيبة تعرض للخطر شخصية الدولة بكل معنى الكلمة.

        من المهم الفهم بانه حول النواة الصلبة لهذه الخلايا السرية وزعمائها يوجد المئات وربما الاف الشباب الذين يندفعون نحو التوتر، الانفعال والعنف. وهم مغسولو العقول ومفعمون بالكراهية، الغضب والاحباط تجاه اهاليهم ومعلميهم على ادخالهم في وضع لا يطاق: من جهة احساس الرسالة، واحيانا المسيحانية التي في الاستيطان في يهودا والسامرة، ومن جهة اخرى – المحافظة الدينية والضغط الاجتماعي الهائل، ومن جهة اضافية – شك يقضم دون انقطاع بعدالة هذا المشروع ومستقبله، وعلى رأس ذلك مستقبلهم الشخصي. في مثل هذا الوضع هناك بينهم من ينفس ويترجم الاحباط من الاب والام بأعمال غضب وكراهية تجاه الام الدولة!

        أبناء عاقون ومضروبون كهؤلاء هم ظاهرة معروفة في كل جماعة في المجتمع الاسرائيلي. وهم لا بد معروفون في كل المجتمع الحديث. ولكن لسبب ما من الصعب علينا ان نستخرج من الشخصيات العامة الصهيونية – الدينية وزعماء المستوطنين اعترافا بالحقيقة البسيطة بان لديهم ايضا توجد ظاهرة أزمة بين الابناء واهاليهم، وبانه عندهم أيضا توجد أزمة بين الاجيال، وان عندهم ايضا يوجد تمرد حقيقي على المسلمات مما يترجم الى احتجاج عنيف ضد قدس أقداس الاهالي – الجيش الاسرائيلي والدولة. المعالجة الاولية تبدأ إذن بالقراءة الواعية للوضع والاعتراف بوجود هذه الظاهرة.

        خسارة أن بيان رئيس الوزراء والفريق الوزاري عن الادوات التي سيستخدمونها فورا لمعالجة الظاهرة تجاهل تماما جانب المعالجة. اذا كانت الحكومة تريد لخطوات فرض القانون التي أقرت حتى الان (والتي ليست كافية دوما) لوقف الظاهرة ان تنجح، فان عليها ان تستخدم أدوات اخرى في المعركة. عليها أن تمارس الى جانب فرض القانون بلا هوادة منظومة متداخلة تتضمن المدارس والمعلمين، حركات الشبيبة، المرشدين، رجال المجتمع، العاملين الاجتماعيين والخدمات النفسية – سواء تجاه العائلات أم تجاه الشبيبة المتمردة. وزارة الرفاه مثلا راكمت تجربة لا بأس بها في معالجة الشبيبة الصهيونية – الدينية التي تنفس عن عبئها ببرامج خاصة ومركزة، ويجدر تعزيزها بالادوات والمصادر لمعالجة فتيان التلال، مثلما تعمل مع جماعات شبيبة اخرى توجد في حالة أزمة.

هكذا فقط – في عمل دؤوب من حيث النزول الى كل تفصيل وتفصيل حيال الاهالي، العائلة والاصدقاء، محادثات ومعالجة لا حد  لها وجهد مركز ومتداخل، بينما يد واحدة تفرض القانون بقوة ويد اخرى تعالج بحكمة ومع المصادر المناسبة – سيكون ممكنا لنا البدء في أن نرى تقليص الظاهرة الخطيرة جدا التي نشهدها في الاشهر الاخيرة. نأمل أنه لا يزال لم يفت الاوان لذلك.