خبر من يحرر الأسـرى ومن يعتقلهم؟! .. ياسر الزعاترة

الساعة 05:21 م|19 ديسمبر 2011

من يحرر الأسـرى ومن يعتقلهم؟! .. ياسر الزعاترة

بعد الإفراج عن الدفعة الثانية من الأسرى ضمن صفقة شاليط (550 أسيراً) يتأكد الآن أن النسبة الأكبر من الذين أفرج عنهم هم من حركة فتح، لاسيما أن الدفعة الأخيرة لم تشمل أياً من أسرى حماس أو الجهاد الإسلامي (بقرار إسرائيلي انتقامي بالطبع). سيقول البعض هنا إن ذلك أمر طبيعي لأن ما يقرب من نصف المعتقلين هم من حركة فتح (بقي في السجون حوالي 4500) وهذا صحيح، لاسيما أن المعتقلين الجنائيين (جميعهم من الضفة) الذين لا صلة لهم بالسياسة غالباً ما يفرزون في مهاجع حركة فتح لأنها حزب السلطة، ولأنهم غالباً ما يحصلون على الإفراج في كثير من المحطات السياسية (تحت مسمى حوافز للسلطة)، مع العلم أن جميع الأسرى الـ 550 الذين أفرج عنهم هم معتقلون أمنيون، لأن ذلك كان جزءاً من الشروط التي وقعت مع حماس بضمانة مصرية، ومع العلم أن الصهاينة لم يلتزموا بالاتفاق الذي نص على أن لا يكون من بين المفرج عنهم من ينتهي حكمه قبل مطلع 2014، الأمر الذي تسأل عنه القيادة المصرية في واقع الحال.

 

لا يلغي ذلك حقيقة أن لحركة فتح نسبة كبيرة من الأسرى معظمهم اعتقلوا بعد انتفاضة الأقصى، وكثير منهم للمفارقة من رجال الأمن الذين يختلفون كل الاختلاف عن رجال أمن مرحلة دايتون (بعده الجنرال مايكل مولر)، وحيث عنوان العقيدة الأمنية هو التعاون والتنسيق الأمني مع الاحتلال وليس مقاومته مهما كانت تصرفاته وردود أفعاله.

 

في الدفعة الأولى من المعتقلين كان نصيب حماس هو الأكبر، لكن الدفعة الثانية كانت من نصيب حركة فتح، مع العلم أن الإسرائيليين قد وضعوا في الأصل "فيتو" على العشرات من أصحاب المؤبدات المنتمين لحركة حماس (وهم أصحاب الأحكام الأعلى)، تبعاً لتقديرات أمنية تقول إنهم سيعودون إلى "الإرهاب" من جديد، حتى لو أبعدوا إلى قطاع غزة أو خارج الأراضي المحتلة.

 

كل ذلك يؤكد أن حماس لم تدر مفاوضاتها مع العدو فيما يتصل بالأسرى على أساس فصائلي، وهذه نقطة تؤكد حرص الحركة على الوحدة الوطنية، وعلى برنامج المقاومة ورجاله بصرف النظر عن انتماءاتهم، مع إدراك الحركة لحقيقة أن الدفعة الثانية ستستثني معتقليها، فكان أن أضيف إليهم معتقلو الجهاد أيضاً.

 

لم يتوقف الأمر عند ذلك بل تجاوزه إلى حرص الحركة على كسر جميع المعايير الإسرائيلية المتعلقة بتبادل الأسرى، وهي كما يعرف الجميع رفض الإفراج عمن تسميهم الملطخة أيديهم بدماء الإسرائيليين، ورفض شمول أبناء القدس والأراضي المحتلة عام 48 بوصفهم مواطنين إسرائيليين.

 

كسرت حماس هذه المعايير جميعاً، وتمكنت بفضل الله من فرض شروطها بنسبة كبيرة، حتى لو لم تتمكن من الإفراج عن عشرات من كبار أسراها، وفي مقدمتهم أبطالها الذي يحملون على كاهلهم أعلى الأحكام في تاريخ السجون (على رأسهم البطل إبراهيم حامد الذي سيحطم الرقم القياسي المسجل باسم عبد الله البرغوثي وهو 67 مؤبداً، حيث يطلب له الادعاء الصهيوني حكماً بـ 82 مؤبداً)، فضلاً عن الأسيرين الكبيرين مروان البرغوثي (فتح) وأحمد سعدات (الجبهة الشعبية) وسواهم من أصحاب المؤبدات.

 

ما نحب التركيز عليه أكثر من استعادة حكاية الصفقة يتمثل في حقيقة أن ما جرى لم يوقف مسلسل الاعتقالات في صفوف حماس من طرف السلطة (اعتقل 76 بعد لقاء مشعل- عباس نهاية الشهر الماضي)، ومعظمها لأسرى محررين قبل الصفقة صدرت بحق بعضهم أحكام غيابية وهم في سجون المحتل، ولم تبادر فتح، ولو من باب رد الجميل إلى الإفراج عن أبناء الحركة المعتقلين في سجونها، وهو ما يثير القهر في واقع الحال، كما يمنحنا فرصة الحديث إلى قادة فتح الذين لا ندري كيف يبررون لقواعدهم استمرار اعتقال مجاهدي حماس، بينما حركتهم تفرج عن أبناء حركة فتح في السجون، ولا تسأل عن تأجيل تشكيل حكومة الوحدة الذي جاء بطلب من محمود عباس وليس بسبب تراجع حماس، مع أننا بالطبع ضد أي مصالحة على أساس الانتخابات التي تكرس وضع السلطة كبلدية ومركز شرطة تريح الصهاينة من الوجه القذر للاحتلال، إلى جانب تهمش الشتات الفلسطيني؟!

 

إن اعتقال المجاهدين عار يتحمله الذي يشاركون فيه بأي قدر كان، ونأمل من أبناء فتح الذين أفرج عنهم أن تكون لهم نشاطاتهم على صعيد المطالبة بالإفراج عن إخوتهم من حماس في معتقلات السلطة ووقف سائر الإجراءات التعسفية بحقهم، فضلاً عن منع أي شكل من أشكال الإساءة للمحررين الجدد.

 

في القطاع لا يوجد معتقلون سياسيون، وطالما طالبت حماس بتزويدها بأسماء معتقلين سياسيين، وإذا حصل ذلك فنحن ندينه من دون تردد وندعو إلى الإفراج عن أي معتقل سياسي مهما كان انتماؤه.

 

بعد ذلك كله يأتي من يدافع عن زمن دايتون ومايكل مولر والتنسيق الأمني، ثم يحاول إقناعك بأن القوم مقاومون بالفعل ومتمسكون بالثوابت، والأسوأ انه يأتي ليقنعك بأنهم يقاومون الاحتلال سلمياً، كأن المقاومة السلمية مجرد مظاهرة استعراضية قرب الجدار يشارك فيها العشرات أو المئات كثير منهم متضامنون أجانب!!