خبر حرب فتح على «التطبيع» و«الاختراقات» ..عريب الرنتاوي

الساعة 12:44 م|17 ديسمبر 2011

حرب فتح على «التطبيع» و«الاختراقات» ..عريب الرنتاوي

في الأنباء أن حركة فتح قررت خوض المواجهة ضد الأنشطة التطبيعية "الالتفافية" التي تجري في الضفة الغربية والقدس، تحت ستار أكاديمي وثقافي، أو ضمن سياق ما يعرف بـ"تحالف السلام"، وهو الاسم الحركي لبقايا ومزق "مبادرة جنيف"... وقد شهدنا قيام تجمعات شبابية في رام الله والقدس، بمنع بعض هذه الأنشطة وفضح مراميها، سيما أن القائمين عليها، هم حفنة من الرموز الفلسطينية التي لا صفة تمثيلية لها، حتى أن بعضها بات متورطاً من الرأس حتى أخمص القدمين، بـ"فساد السياسة" و"فساد المال" و"فساد الإعلام".

 

لسنا مأخذوين بما يُقال ويتردد عن "قرارات رسمية" لحركة فتح، فقد عودنا قادة الحركة وكوادرها، على إقامة التماثل بين مواقفهم الشخصية ومواقف الحركة، لا فرق بين الأمرين... ولسنا متفائلين في أن تشرع الحركة التي لم تخرج من "غيبوبتها" بعد، في قيادة حراك شعبي حقيقي على هذا الصعيد... ما يعنينا في الأمر، أن ثمة وعياً شعبياً آخذ في التبلور، يقف بالمرصاد ضد "بيزنس السلام" الذي بات مصدراً رئيساً للفساد والإثراء غير المشروع، حتى وإن كان الثمن، إهدار حقوق شعب فلسطين، غير القابلة للتصرف.

 

واحد من هذه المشروعات، أو أكثرها خطورة، محاولات إحياء "مبادرة جنيف" إياها... وهذه المرة بلغة الشباب ومفردات الربيع العربي، مع أن المبادرة ومن يقف وراءها، كانت التعبير الأكثر تهافتاً عن "الخريف الفلسطيني"... وبرغم أن داعمي هذه المبادرة على ضفتي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، قد باتوا على هامش الخريطة السياسية والحزبية، إلا أن "سخاء المانحين" ما زال قادراً على جعل أصحاب المبادرة من "أثرياء السلام"، فلا حروب في فلسطين ليكون هؤلاء من أثريائها.

 

إن الأنشطة التي يقوم بها هؤلاء تحت أي مسمى، هي بمثابة "طريق التفافي"، على الموقف الفلسطيني الرافض رسمياً، حتى الآن على الأقل، استئناف المفاوضات قبل وقف الاستيطان والالتزام بالمرجعيات والجداول الزمنية.

 

نحن نعرف أنهم يفعلون ذلك عن قصد وسبق إصرار وترصد، نعرف ذلك حقاً، ونعرف أن القائمين على هذه المبادرات والنشاطات، هم الأشد تحريضاً على الموقف الرسمي والرئيس عباس و"استحقاق أيلول" و"المصالحة الوطنية"، ونعرف أيضاً أنهم بدأوا ينشرون "الانطباعات" عن الرئيس عباس، وعبر شبكات علاقتهم العربية والدولية المتداخلة، بوصفه جزءاً من المشكلة وليس جزءاً من الحل، تماماً مثلما فعلوا أو فعل بعضهم مع الرئيس الراحل ياسر عرفات من قبل.

 

لقد حذرنا من قبل، ونحذر من بعد، من الدور التخريبي الذي يلعبه نفر من القيادات الفلسطينية المتآكلة، التي لا حضور لها، فتسعى لتدعيم حضورها بالتماهي مع مواقف ومصالح إسرائيلية وغربية، وتستقوي بمواقف عربية متهافتة، لا وظيفة لها سوى تقديم الخدمات المجانية للولايات المتحدة، واستتباعاً "إسرائيل"... وبرغم أن تحذيراتنا تلك قد ذهبت أدراج الريح، إلا أن أنباء الأيام القليلة الفائتة، تدفعنا للتفاؤل، بأن العمر الافتراضي لهذه "الرموز" قد نفذ، وأن لحظة الحقيقة والاستحقاق، لحظة الحساب معها، في الشارع وساحات القضاء، ربما تكون قد حانت.

 

وثمة شخصيات فلسطينية ارتبط اسمها دائماً بأسماء نظرائها من الإسرائيليين... هؤلاء لا دور لهم بأنفسهم... لا مبادرات وطنية مستقلة لهم... لا نقرأ أسماءهم إلا إن كانت مقترنة بأيلون أو غيره... هؤلاء منهمكون هذه الأيام بالترويج لـ"كونفدرالية" فلسطينية - إسرائيلية، ويعملون بحماس لانتخاب برلمان "افتراضي" فلسطيني إسرائيلي، وتحت مظلة هذا المشروع، يجري بكثافة العمل على تنفيذ سلسلة من الأنشطة التطبيعية التي لن يكون من وظيفة سوى زرع الوهم وترويج الخديعة، والالتفاف حول حالة الغضب الفلسطينية المترتبة على انفلات العدوانية الاستيطانية من كل عقال.

 

والحقيقة أن السماح باستمرار مثل هذا النوع من الأنشطة والمبادرات، لم يعد أمراً مقبولاً أو معقولاً.. فليس من حرية الرأي في شيء، أن تشرع في إنشاء "بيزنس تطبيعي"، لا وظيفة له سوى استدرار ملايين الدولارات وتلميع الصورة وإرضاء بعض المراكز الإسرائيلية والدولية... وليس من وجهة النظر أو حرية الرأي والتعبير في شيء، أن تكون وظيفة مسؤولين فلسطينيين كبار، التحريض على رئيسهم، وحشد الدعم لإجهاض المصالحة، وأحياناً لإضعاف الرئاسة لصالح مراكز أخرى في النظام الفلسطيني... ليس من وجهة النظر ولا حرية الرأي والتعبير في شيء، الاستقواء بالخارج وتزويده بالمعلومات والتقارير... هذا في العرف الدارج، عمل مُجرم، ويعد من باب التخابر مع دولة أجنبية.

 

السلطة في رام الله تتبجح دائماً، بأنها نجحت بإنهاء ظاهرة فوضى السلاح وفلتان الأمن... ما أخفقت السلطة في رام الله بتحقيقه، هو وضع حد لفوضى السياسة وفلتان المبادرات، التي جعلت الساحة الفلسطينية مكشوفة تماماً أمام عمليات الاختراق التي تنفذها جهات ومراكز وأجهزة، بالتواطؤ مع أكثر من "حصان طروادة" فلسطيني... ألم يكن الرئيس عرفات نفسه، ضحية واحدة من عمليات الاختراق هذه؟... هل يواجه الرئيس عباس مصيراً مماثلاً، سيما إن استمر على موقفه، ورفض الخضوع للضغوط والإملاءات التي تهب عليه من جهات عديدة، وبمساعدة وتسهيل من بعض مقربيه المنضوين تحت إبطه.

 

صحيفة الدستور الأردنية