خبر لم نعد أخوة..معاريف

الساعة 11:01 ص|16 ديسمبر 2011

بقلم: شاي غولدن

منذ زمن بعيد لم تنشأ في اللغة العبرية عبارة لغوية سهلة الاستيعاب. "شارة ثمن" تسمى. يعود حق اختراعها الى اليمين في اسرائيل. هنا أيضا محفوظ بعد المفارقة بين التعبير الذي يأتي من العالم التجاري وبين الغليان الذي يثيره عمليا في الارض النازفة. فبعد كل شيء فان "شارة الثمن" هي الشقيق الحديث لـ "العين بالعين والسن بالسن" الشهيرة، الاتية الينا من المصادر اليهودية. ولكن لما كانت هذه الساعة في تاريخ الاسرائيليين واليهود هي ساعة غياب الرب – فقد أصاب من وضع هذه العبارة ليربط بين ما يجري في التجارة التل أبيبية وما يجري على التلال – في بلاد ليست ملائمة للشيوخ، حتى لو كان هؤلاء آباء المستوطنات – ليخطط لنهاية العالم.

        فها هي مجموعة ارهابيين اسرائيليين تهدد باشعال اسرائيل برمتها وتوريط الاسرائيليين واليهود في أرجاء المعمورة في نزاع ديني عنيف مع الدين الاكثر عنفا وتطرفا على وجه المعمورة – الاسلام.

        احراق المسجد أمس خطير على اسرائيل الف ضعف من اغتيال كل قادة حماس في خطوة ليلية عاجلة واحدة. من يختار احراق مسجد كرد فعل عقابي على اخلاء بؤرة استيطانية (غير قانونية)، غير معني بمعاقبة الفلسطينيين والمسلمين بل من أخلاهم – جنود الجيش الاسرائيلي ودولة اسرائيل.

النتيجة الخطيرة لاحراق المسجد واضحة للارهابيين اليهود، ولكنهم يحرقون المسجد الثالث في غضون شهرين انطلاقا من الفهم – وعلى ما يبدو الامل ايضا – في أن يشعل الامر مواجهة عنيفة بين دولة اسرائيل والمسلمين في كل العالم. المنطق خلف خطوة نزاع اسرائيل مع العالم العربي والاسلامي واضح: هذه العصبة من المجرمين أخرجت نفسها من المجتمع الاسرائيلي ومن اسرائيل. وهي ترفع عن نفسها واجب الطاعة للقانون، الشراكة في المصير الوطني والتبادلية الجماعية. الخطر الذي تأخذه على نفسها محسوب، ولكنه يدل على نزعة مرضية من حيث السعي الى العنف الذي يولد العنف، الذي يولد عنفا أكبر منه بدلا منه، حتى الانفجار لموجة هدامة تشعل كل المنطقة. وما ان تحترق المنطقة سيواصلون الحرص على المصلحة الوحيدة التي تقف امام ناظريهم: المصلحة الايديولوجية، الموضعية.

كل نشاطات هؤلاء المخربين تدل على الخيار الاستراتيجي الذي أخذوه على أنفسهم في الفترة الاخيرة: فك الارتباط عن دولة اسرائيل. فهم منقطعون عنها جغرافيا (وليقولوا ما يقولوا)؛ منقطعون عنها أخلاقيا وقيميا؛ والان منقطعون ايضا في جانب الشراكة في المصير الوطني. نتائج أفعالهم وآثارها على اخوانهم في باقي أرجاء اسرائيل وعلى اليهود الاخرين في ارجاء العالم تعنيهم كما تعنيهم قشرة الثوم. فهم مستعدون لمواجهة قوات الشرطة، ولكن هذه ليست شجاعة او حتى بطولة صبيانية. فالقربان الذي يضحون به هو قربان أمن مواطني اسرائيل واليهود في أرجاء العالم بأسره. دم كل يهودي يصاب الان في ارجاء العالم نتيجة عنف اللا سامية، في رقابهم. دم كل مواطن اسرائيلي يسفك في محاولة لعملية، ثأر، في رقابهم. ولكن لا بد أن هذه الدماء لا تصل الى عيونهم المغمضة.

حان الوقت لان تقول دولة اسرائيل – وليس فقط مؤسساتها، بل ومواطنيها – بالفم المليء: "لستم اخوتنا بعد اليوم". حان الوقت لان تنقطع عنهم وعن المسؤولية عن سلامتهم وتتصرف معهم من ناحية عسكرية كما تتصرف مع كل من يهدد مصالحها الوطنية. سيكون هذا توسيعا كبيرا لمفهم "شارة الثمن". ولعله يأتي بدلا منه التعبير الادق: والعدل للجميع.