خبر لم نكن قط أقبح -هآرتس

الساعة 10:32 ص|15 ديسمبر 2011

لم نكن قط أقبح -هآرتس

بقلم: آري شبيط

(المضمون: تحت قيادة بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان اسرائيل اصبحت دولة قيمها هي قيم نيوت غرينغرتش ووجها هو وجه فلاديمير بوتين - المصدر).

        لم نكن قط قبيحين بهذا القدر. فرئيس الحكومة يريد ان يُسكت المساجد وأن يجعل القناة العاشرة ظلاما. ويعبر وزير الخارجية عن تأييد للديموكتاتور الروسي الذي زيف الانتخابات من قريب، ويتنحى وزير الدفاع جانبا والمستوطنون ينكلون بالفلسطينيين والحريديون القوميون ينكلون بالجنديات. ويحاول وزير العدل ان يجعل المحكمة العليا واحدة من شركاته الثانويات. ويعمل المستشار القانوني للحكومة على منع وسائل الاعلام من تقديم تقارير عن تحقيقات مع ناس الحياة العامة. ويُقصي نائب وزير الصحة النساء عن مراسم رسمية. ورئيس الائتلاف يضعضع المجتمع المدني ويجعله عقيما. ويُبعد متطرفون متدينون النساء ويطغون على العلمانيين ويبصقون على الكهنة. مخربون يهود يحرقون دور الصلاة للمسلمين، يجتاحون معسكرات الجيش الاسرائيلي ويهاجمون الجنود.

        العيون ترى ما لا تصدق بانها ستراه: ظلام في الظهيرة. اسرائيل المظلمة تغطي على اسرائيل المتنورة.

        لقد كان في الماضي لحظات مظلمة. كفر قاسم، صبرا وشاتيلا، مذبحة غولدشتاين. كانت في الماضي محاولات لاسكات الصحافة. كول هعام، هعولام هزيه، حداشوت. كانت في الماضي هجمات على الجهاز القضائي. دانييل فريدمان، دانييل فريدمان، دانييل فريدمان. المرة تلو الاخرى كانت هجمات من اليمين العلماني واليمين الديني على المبادىء الليبرالية والتقاليد الليبرالية، ولكن لم تكن أبدا هجمة شاملة، متعددة الاذرع ومتعددة الابعاد، على اللباب القيمي للدولة اليهودية والديمقراطية.

        لم يسبق أبدا ان جرت محاولة بهذا الشمول لتشويه وجهنا وتغييره بوجه آخر. تحت قيادة بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان اسرائيل اصبحت دولة قيمها هي قيم نيوت غرينغرتش ووجها هو وجه فلاديمير بوتين.

        ما الذي يحصل هنا؟ ولماذا الان بالذات؟ لماذا تفعل القوى المناهضة للديمقراطية العجب بحقوق الانسان وكرامة الانسان وحريته؟ لماذا تندلع القومية اليهودية المتطرفة والتزمت الاصولي بل والالحاد الروسي كلها في آن واحد وفي موسم واحد؟

        الجواب هو نتنياهو. في الماضي كان نتنياهو محافظ حذر وديمقراطي. حين كان شارون لاودر الى جانبه وبول جونسون في يده، سعى الى تحويل اسرائيل الى دولة سوق حرة قوية، قيمها هي قيم أمريكا الجمهورية. ولهذا فقد حكم نتنياهو الاول كديمقراطي وخسر كديمقراطي. وحتى عندما افشله اليسار وأطاح به شد على شفتيه كجنتمان وخفض رأسه.

        ولكن مثلما تغير الحزب الجمهور في سنوات الالفين، هكذا أيضا نتنياهو. رجل رونالد ريغان اصبح رجل حفلة الشاي. فيما ان شلدون ادلسون الى جانبه وليبرمان يشد على يده، فان نتنياهو الثاني هو حاكم ذو ميل للقوة. ليست قواعد اللعبة هي التي توجه خطاه، بل الرغبة في احتلال مواقع القوة. ليس الحفاظ على الديمقراطية أمام ناظريه، بل الحفاظ على السلطة. وعليه فانه غير معني وغير قادر على اظهار الزعامة الاخلاقية. نتنياهو يسمح لكلابه بافتراس الديمقراطية الليبرالية بينما هو يقف جانبا. وهو لا يؤدي دوره كحامٍ لوثيقة الاستقلال الاسرائيلية.

        ضعف الزعامة والوهم الاخلاقي لنتنياهو هما اللذان أديا الى اندلاع رقصة الشياطين. حقيقة أنه لم يمنع القوى الظلماء التي اعتملت دوما في أقبيتنا هي التي دفعته الى حيث دفعته. ولكن الأمر ليس متأخرا بعد. نتنياهو يمكنه ان يوقف الجنون في لحظة واحدة. عليه فقط أن يوقف التشريع الشمولي وان يلقي بخطاب كبير واحد في ثناء الديمقراطية والتنور وحقوق الانسان. عليه أن يوضح بان العنف لن يمر وان النساء متساويات، والعرب متساوون، وكل انسان خلق في ظل الله.

        اذا كان الزعيم الاعلى لليمين يأمر غريبي الاطوار اليمينيين بالتوقف – فانهم سيتوقفون. اذا كان زعيم دولة اسرائيل سيقول ان الحرية والمساواة والقضاء وحرية التعبير هي القلب المفعم للدولة – هكذا سيكون. لن يغادر أي حزب الائتلاف، لن ينسحب أي وزير من الحكومة. لكن الشباب المطالبين بحماية هذا المكان سيعرفون على ماذا يحمون. والكبار الذين بنوا هذا المكان سيعرفون ما الذي بنوه. الوجه في المرآة سيعود ليكون وجهنا.