خبر حكم للعرب وحكم مختلف لليهود- هآرتس

الساعة 10:23 ص|14 ديسمبر 2011

حكم للعرب وحكم مختلف لليهود- هآرتس

بقلم: إيال غروس

محاضر في معهد الحقوق في جامعة تل ابيب وعضو ادارة رابطة حقوق المواطن

(المضمون: دولة اسرائيل تطبق أحكاما مختلفة على السكان الفلسطينيين والمستوطنين داخل المناطق المحتلة - المصدر).

        يسهل أن نتخيل ماذا كان سيحدث لو ان فلسطينيين دخلوا قاعدة عسكرية وأفسدوا سيارات وأحرقوا اطارات ورموا قائد اللواء بحجارة وجرحوا نائبه. يبدو ان هذا كان سينتهي الى قتل وجرح واعتقال كثيرين. بيد ان الحديث لم يكن هذا الاسبوع عن فلسطينيين بل عن يهود، وكما تم الابلاغ هنا – رموا بالحجارة لا جنودا فقط بل فلسطينيين ايضا.

        كان أحد التفسيرات التي سُمعت لمقتل مصطفى التميمي، وهو فلسطيني أُطلقت عليه النار فأُردي قتيلا في نهاية الاسبوع في مظاهرة في النبي صالح، أنه رمى الحجارة. وحتى لو حدث هذا فانه لا يمكن ان نتجاهل المعاملة المختلفة التي تفرق بين رامي حجارة وآخر، والتي تكمن كلها في كون الاول يهوديا والثاني عربيا. ان ازدياد أحداث رمي الجيش الاسرائيلي بالحجارة على أيدي مستوطنين ورمي الفلسطينيين كذلك من غير ان يطلق الجيش النار عليهم، يشهد على نفاق الزعم الذي يسوغ اطلاق النار على الفلسطينيين بأنهم يرمون الحجارة في المظاهرات. والى ذلك وباختلاف عن المشاغبين، لم يدخل التميمي قاعدة عسكرية بل العكس هو الصحيح فقد حاول ان يحمي قريته من غزو المستوطنين وسلبهم.

        ان تقارب الحادثتين يستدعي المقارنة بينهما، لكن الفرق في واقع الامر معروف منذ زمن طويل: فالفلسطينيون الذين يتظاهرون يواجهون عنفا – قاتلا احيانا – واعتقالات؛ واليهود في المناطق حتى حينما يشاغبون ويستعملون العنف على الفلسطينيين وجنود الجيش الاسرائيلي يحظون في الأكثر بحصانة فعلية من الجهاز العسكري ومن الجهاز القضائي ايضا.

        هذه المعاملة المختلفة علامة على مشكلة أوسع كثيرا: فهناك طائفتان من السكان تعيشان في المنطقة نفسها في حين تُطبق عليهما أحكام وسلوك عسكري مختلفان. ان اسرائيل تطبق قوانينها على المستوطنين والمستوطنات على نحو انتقائي، وبصورة تنشيء نظاما يميز على أساس الانتماء القومي. وتبرز على نحو خاص حقيقة ان التشريع في هذا الشأن يقضي بأن يتم تطبيق القانون الاسرائيلي في موضوعات ما على شخص يسكن في المناطق اذا كان اسرائيليا "أو يستحق ان يهاجر الى اسرائيل بحسب قانون العودة"، أي حتى لو كان يهوديا ليس مواطنا اسرائيليا.

        ليس عبثا ان حظر القانون الدولي على دولة محتلة ان تُسكن مواطنيها في المنطقة المحتلة لأن احدى نتائج هذا الاستيطان قد تكون الضم الفعلي للمنطقة حينما تمنح الدولة المحتلة مواطنيها حقوقا زائدة من غير ان تمنح السكان الواقعين تحت الاحتلال حقوقا مساوية. وهكذا وتحت رعاية نظام الاحتلال يرسخ نظام عنصري لفصل عرقي. وهذا هو السيناريو الذي تحقق في الضفة الغربية. وعلى ذلك فان التنديد الذي يُسمع الآن عن شغب المستوطنين سيظل فارغا ما بقي المعيار ان في المناطق طائفتين من السكان واحدة من السالبين والاخرى من المسلوبين، وحينما تنطبق أحكام وتطبيق مختلفان عليهما بحسب انتمائهما القومي.

        يتم العنف والسلب مباشرة على يد الدولة وعلى أيدي المستوطنين تحت رعاية الدولة. ان من يُمكّن طائفة من السكان من ان تسلك سلوك السيد وبصورة عنيفة في مواجهة طائفة اخرى وسلبها، ينبغي ألا يعجب حينما يوجه العنف احيانا الى الجيش الاسرائيلي ايضا. فالكتابة كانت موجودة على الحائط منذ زمن بعيد وحان وقت قراءتها.