خبر كيف أوقفنا الليبرالية الهوجاء -يديعوت

الساعة 09:16 ص|13 ديسمبر 2011

كيف أوقفنا الليبرالية الهوجاء -يديعوت

بقلم: افيعاد كلاينبرغ

بادرت عضو الكنيست انستاسيا ميخائيلي الى اقتراح قانون يمنع استعمال مكبرات الصوت لدعوة المصلين. وأرادت ميخائيلي ان تؤكد ان القانون يتجه على المساجد والكنس والكنائس سواءا. أي أنه اذا استقر الرأي على ان يُستبدل مكبر صوت بقرع أجراس الكنائس، واذا استقر الرأي على ان يضاف جهاز نداء الى الكنس فسيلقى المؤمنون بدين موسى واسرائيل والمؤمنون بدين الناصري سلطات القانون في وجوههم. وفي اثناء ذلك لا يتعلق القانون إلا بالمسلمين، لكن هذا الامر باتفاق في الحاصل العام. فليس الحديث، معاذ الله، عن محاولة اخرى للمس بالجماعة المسلمة في اسرائيل وتضييق خطواتها المضيقة أصلا. الهدف الوحيد للقانون هو الحفاظ على راحة مواطني الدولة كراحة مواطني قيساريا مثلا الذين لا تقلقهم القذارة التي تنبعث عن المجاري المفتوحة في جسر الزرقاء لكن صوت المؤذن يقلقهم، جدا.

في الماضي، في اماكن اخرى وجدت ادارات اهتمت اهتماما كبيرا بحقوق الصغار ومنعت ختان الاطفال مثلا – لا لأنها أرادت، والعياذ بالله، أن تمس بالجماعة اليهودية، فقد منعت ايضا ختان النصارى. صحيح ان النصارى لا يختنون أبناءهم لكنهم اذا استقر رأيهم فجأة على فعل هذا فسيجدون القانون بالمرصاد.

هل معنى القانون الجديد انه يُمنع التنبه بُكرة واقلاق نوم الجيران العلمانيين؟ هل يجب وقف الصفير الذي يُشعر بدخول السبت؟ ماذا دهاكم بربكم. في النقاش الذي تم بهذا الشأن في الحكومة دافع بنيامين نتنياهو بحرارة عن هذا الجهد الطيب للحفاظ على راحتنا. وزعم رئيس الحكومة قائلا: "في كل دول اوروبا توجد هذه المشكلة وهم يعرفون كيف يعالجونها... لا يجب ان نكون أكثر ليبرالية من اوروبا".

ان رئيس الحكومة على حق بالطبع. فلا يجب علينا ان نكون أكثر ليبرالية من اوروبا، حسبنا ان نكون ليبراليين كدول اوروبا. وهذه المهمة، ويا ويلنا، غير سهلة ألبتة.

في اثناء ذلك فان وضع حقوق الانسان (غير اليهودي)، ووضع حرية التعبير ووضع فصل الدين عن الدولة ووضع الحقوق الاجتماعية للنساء والأقليات غير براق عندنا حقا. لكن لا يمكن ألبتة ان يكون براقا بقدر كاف. ان رئيس الحكومة يرى ما سيولد. ونحن الآن لا نمتاز بليبرالية كبيرة في الحقيقة لكن خطر الليبرالية يترصدنا ويحسن ان نسبق الداء بالدواء وإلا فان الامر قد يصبح متأخرا جدا. ويبدأ هذا بالتسامح مع دين الآخر ومن ذا يعلم أين سينتهي.

علاوة على النفاق والتحمس غير الملجم للاضرار بالأقلية المسلمة بكل صورة وشكل – بقانون أو بغير قانون – يتبدى هنا نظام نفسي يثير العناية. فمهما نفعل فسننجح دائما في ان نجد دولة ما في العالم تسلك سلوكا مشابها أو حتى أكثر غلواً. فعند الدانماركيين قوانين هجرة صارمة بصورة متميزة، وفي الولايات المتحدة غير قليل من تسييس الجهاز القضائي، وفي بريطانيا الملكة هي رئيسة الدولة ورئيسة الكنيسة الانجليكانية، وفي فرنسا حزب يمين متطرف انتقل مرشحه للرئاسة الى الجولة الثانية من الانتخابات. والقضية ان هذه الحقائق – وهي اشكالية في ذاتها بحسب كل معيار – تُنتزع من سياقها. فالنظم المركبة التي نشأت في هذه الدول لابطال الأخطار التي في القوانين وفي التقاليد التي تُعرض حقوق الفرد للخطر، تُنسى. الأساس أن نجد لنا علّة اخرى لاحلال عدد المفاسد التي نحوزها في أيدينا والتي أخذ عددها يزداد.

أتذكر الأغنية الجميلة لنوريت زرحي، "كاملة"، عن فتاة تنجح في ان تجد تسويغا لكل عمل من اعمالها الهوجاء لأنه توجد دولة يكون فيها هذا العمل "مقبولا". وهذه البنت – وهي اسرائيلية على نحو سافر – تنهي بالاعلان التالي: "في كل مرة يُنبهونني فيها/ أبحث في الكتب/ لأنه في مكان ما هناك في العالم توجد ارض/ تُعد فيها بنت مثلي كاملة".

تستطيعون الكف عن البحث. ففي اسرائيل، اسرائيل بلا شك، هي الدولة الكاملة. فكيف هي في اماكن اخرى؟ أقل فأقل.