خبر استجمام برعاية الاخوان- هآرتس

الساعة 09:13 ص|13 ديسمبر 2011

استجمام برعاية الاخوان- هآرتس

بقلم: تسفي بارئيل

(المضمون: كيف تحولت سياحة الشواطيء في مصر التي تشكل نحو 60 في المائة من عموم السياحة في مصر، الى فرصة للاخوان المسلمين لتلطيف صورتهم كحزب ديني متطرف – المصدر)

        "الحكومة أعدت خطة جديدة لتشجيع السكان على اللياقة"، هكذا بشر العنوان الساخر فوق صورة نشرت الاسبوع الماضي في عدة صحف مصرية. وقد ظهرت في الصورة امرأة كبيرة السن، ترتدي فستانا طويلا وحجابا على رأسها، وترفع فوق رأسها اسطوانة غاز. هذا هو المنتج الفاخر الجديد الذي يقف الاف المصريون في الطابور لتحصيله.

        ومرة اخرى يتبين ان مشاكل قديمة لا تحل في ميدان التحرير ولا في لجان صياغة الدستور. فهي تبرز في كل مرة من جديد، وتؤكد الوضع المتكدر لمصر. اسطوانات الغاز مرة اخرى ناقصة في السوق، ومثلما في عهد مبارك، مع وعود الحكومة بتحسين وتيرة توريدها، لا يمكن الطبخ.

        ولكن ما هي اسطوانات الغاز بالقياس الى الانفعال الهائل قبيل الجولة الثانية من الانتخابات، التي تبدأ اليوم. فهل مرة اخرى سيحظى حزب الحرية والعدالة للاخوان المسلمين بنصيب كبير من اصوات الناخبين، وماذا سيكون نصيب حزب النور السلفي؟ هل سينجح العلمانيون في توحيد صفوفهم وتحسين مكانتهم في البرلمان القادم؟

        الصراع ضد الاحزاب الدينية لا يتلخص في عقد تحالفات سياسية بين قيادات الاحزاب العلمانية. القطاع التجاري هو الاخر يخشى من الاحزاب الدينية. مثال على ذلك هو مبادرة "ائتلاف دعم السياحة"، الذي يضم نحو 1.500 نشيط في فروع الفندقة والمطاعم قبيل الجولة الحالية من الانتخابات بشعار "السياحة هي رزق أبنائنا". هذا الشعار ولد على خلفية التصريحات الاخيرة لزعيم حزب النور عبدالمنعم الشحات بان حزبه سيمنع سياحة الشواطيء - اسم عمومي لسياحة الاستجمام "غير الاخلاقية"، التي تخلط النساء بالرجال – وبدلا منها سيحث السياحة الدينية، سياحة المؤتمرات وسياحة الاثار.

        الاخوان المسلمون اكتشفوا بان تصريحات الشحات، الذي فشل في جولة الانتخابات الشخصية هي ذخر انتخابي لهم، وسارعوا الى نشر خطة شاملة لتقدم السياحة في مصر. في خطتهم، التي تتضمن زيادة عدد الفنادق، تسهيلات ادارية للمستثمرين في فرع السياحة وحملات دعاية في ارجاء العالم – لا تظهر ولا حتى كلمة واحدة ضد سياحة الشواطيء. وهذه بشرى هامة لفرع السياحة – الذي يرتزق منه أكثر من 3 مليون شخص ويشكل نحو 17 في المائة من الانتاج القومي الخام. وعندما يكون نحو 60 في المائة من السياحة هي سياحة شواطيء، فان ايديولوجيا الاخوان المسلمين تتراجع امامها.

        كقاعدة، بين الاخوان المسلمين والحركة السلفية تسود علاقات شديدة المقت المتبادل. الاخوان يعتقدون انه لولا قرر السلفيون، خلافا لتقاليدهم، التنافس في الانتخابات، لكانت قوتهم في البرلمان أكبر بكثير. فالسلفيون، كما يدعون، رأوا دوما في الاخوان خونة لمبادىء الدين لمجرد مشاركتهم في السياسة، وها هم بأنفسهم يلعبون في ذات الملعب. في نفس الوقت، فان قسما من زعماء الاخوان يرون فضلا في مشاركة السلفيين في الانتخابات، وذلك لان الاخوان المسلمين يبدون الان كممثلين للاسلام المعتدل، بالنسبة للسلفيين الذين يتوعد الناطقون بلسانهم بحظر بيع الكحول وفرض الحجاب على النساء.

        مشورة طيبة تلقاها الاخوان من الغنوشي، زعيم حركة النهضة المتدينة في تونس، الذي حظيت باغلبية الاصوات وتشكل الحكومة. فقد قال الغنوشي الاسبوع الماضي في اثناء زيارة له الى الولايات المتحدة "اني اقترح على الاخوان المسلمين، في أنهم اذا ما وصلوا الى الحكم، ان يشكلوا تحالفا يضم الاحزاب العلمانية والمسيحية وكذا اولئك المقربين من المجلس العسكري الاعلى". وعلى حد قوله، فان "هذه العناصر الثلاثة، رغم أنهم أقلية، الا ان لهم تأثير كبير في المجتمع، ولهذا فان تحالفا كهذا يمكنه أن يضمن النجاح في ادارة الدولة".

        الغنوشي، الذي تأتي زيارته الى الولايات المتحدة لتهدئة روع الادارة الامريكية من "خطر الاسلام" في تونس، ليس مثابة محلل ومستشار. هو نفسه أمر رئيس الوزراء من حركته بان يقيم تحالفا مع احزاب يسارية واحزاب علمانية، وهو يجتهد لان يظهر حيادا دينيا في كل ما يتعلق بالسياسة في دولته.

        من لا يتأثر باقوال التهدئة من جانب الاخوان المسلمين هو المجلس العسكري الاعلى، الذي بتصميم أكبر مما بحساسية، يحاول الان اقامة آليات تصد قدرتهم على صياغة الدستور المصري الجديد. فقد أقام المجلس الى جانبه مجلسا استشاريا يضم ممثلين عن كل الحركات والاحزاب ومن مهماته ترشيح اعضاء لجنة صياغة الدستور الذين سيقترحهم البرلمان. وهكذا لن يتمكن الاخوان اذا ما حظوا بالاغلبية، من تقرير طبيعة لجنة الصياغة التي سيشرف عليها الجيش من مسافة قصيرة.

        لقد فهم الاخوان فورا النية وقرروا مقاطعة جلسات المجلس الاستشاري. وبزعمهم، هذا مجلس عينه الجيش وليس له أي صلة بالتطورات الديمقراطية في الدولة. فهل يبدأ الان الشرخ العلني بين الجيش والاخوان بعد شهر العسل الذي استمر نحو عشرة اشهر؟

        "الجيش يتمتع بالسيطرة في الدولة، توزيع الاوامر، استدعاء الناس، تعيين الحكومات وتشكيل اللجان"، يشرح محلل مصري، رجل يساري، لـ "هآرتس"؛ "ولكن ليس للجيش، مثلما للجمهور تجربة سياسية حقيقية. لقد سبق ان عين ثلاث حكومات، استبدل وزراء، أجل الانتخابات (من ايلول الى تشرين الثاني)، نشر وثيقة مباديء للدستور وعدلها تحت ضغط الجمهور. ولكن حتى الان لم ينجح في أن يثبت بانه قادر على ان يعرض خطة اقتصادية او سياسية. نحو سنة ضاعت هباءاً. كنت أقترح على الجيش ان يرتاح والا يلعب العابا لا يعرفها. الاخوان هم شر، ولكننا سنتدبر امرنا معهم لاننا نعرف ايضا كيف نفعل الشارع. ولكن اذا بدأ الجيش يصبح جزءا من السياسة فاننا ضائعون".