خبر من يخاف حقوق الانسان -معاريف

الساعة 09:46 ص|11 ديسمبر 2011

من يخاف حقوق الانسان -معاريف

بقلم: دافيد كرمتسار

بروفيسور في القانون في الجامعة العبرية وكلية سبير مختص بحقوق الانسان

المضمون: منذ الحرب العالمية الثانية انتهى المفهوم في أن طريقة تعامل الدول مع مواطنيها وسكانها ليست من شأن الدول الاخرى - المصدر).

في الايام الصعبة والظلماء للاتحاد السوفييتي وجه انتقاد شديد لموقف السلطات من اليهود، ولا سيما رفضها الاعتراف بحقهم الاساس في الخروج من الدولة. وقد ووجه الانتقاد دوما بالادعاء المعروف بان في هذا نوعا من التدخل المرفوض في الشؤون الداخلية للدولة. نحن نسمع اليوم ايضا ادعاءا مشابها حول الانتقاد الذي يوجه على وضع حقوق الانسان في الصين، سحق حقوق الانسان من جانب النظام السوري او الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في كوريا الشمالية. هذه الدول لم تتمكن من الاستيعاب بانه منذ الحرب العالمية الثانية، تبني الاعلان العالمي بشأن حقوق الانسان ودخول مواثيق دولية عديدة لحقوق الانسان حيز التنفيذ،  قضى نحبه الفهم بان الطريقة التي تتعامل فيها الدولة مع مواطنيها وسكانها ليست من شأن الدول الاخرى. العكس هو الصحيح: بانضمام الدول الى المواثيق الدولية لحقوق الانسان فانها تقبل على نفسها الالتزامات المتبادلة بالاحترام والضمان للحقوق المنصوص عليها فيها. وبمجرد انضمامها الى مثل هذا الميثاق، تعترف الدولة بالاهتمام الشرعي الذي للدول الاخرى في وضع حقوق الانسان عندها.

هذا التطور في العلاقات الدولية الذي كان في بدايته ردا مباشرا على الكارثة، لم يصل على ما يبدو الى وعي النواب وغيرهم ممن يرون مانعا من أن تهتم الدول الاخرى بوضع حقوق الانسان في اسرائيل وفي المناطق، بل ومستعدة لان تستثمر من اموالها كي تحرص على أن تفي الدولة بتعهداتها لها  في الدفاع عن حقوق الانسان. قد لا يكونوا واعين على أنه بالذات حكومة اسحق شمير، التي لم يكن فيها أي تمثيل لاحزاب اليسار هي التي قررت اعادة المصادقة باسم دولة اسرائيل على ميثاق الحقوق المدنية والسياسية وميثاق الحقوق الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية. في هذه المواثيق تعهدت اسرائيل تجاه الدول الاخرى التي انضمت اليها – وكل الدول التي تستثمر أموالها بهدف تحسين وضع حقوق الانسان في اسرائيل وفي المناطق انضمت اليها بالفعل – باحترام وضمان سلسلة طويلة من الحقوق لكل الناس المتواجدين في أرضها وخاضعين لحكمها.

من الصعب أن نفهم ماذا يقف خلف المحاولة الحالية للتشكيك في ارادة دول اخرى التأثير ايجابا على وضع حقوق الانسان في اسرائيل وفي المناطق من خلال تقديم المساعدة لمنظمات حقوق الانسان. هل ثمة في هذا قول ان اسرائيل تؤيد فهم الصين، سوريا وكوريا الشمالية، الفهم الذي بموجبه سحق حقوق السكان فيها هو شأن داخلي لها وحدها؟ على نحو يشبه الاتحاد السوفييتي سابقا واضح تماما ان لهذه الدول سبب وجيه لتأييد هذا الفهم إذ ان لديها ما تخفيه في مجال حقوق الانسان. هل المقصود هو القول ان لدى اسرائيل ايضا ما تخفيه وما تخجل منه؟

منذ أن انضمت دولة اسرائيل الى المواثيق الدولية لحقوق الانسان، فانها تبذل جهدا مباركا للمشاركة في المنظومة الدولية التي بنيت لمتابعة تنفيذ هذه المواثيق الدولية من جانب الدول التي انضمت اليها. وقد اقترحت مرشحين الى اللجان العاملة حسب المواثيق المختلفة ونجحت في ضمان انتخاب جزءا من مرشحيها. كاتب هذه السطور كان على مدى ثماني سنوات العضو الاسرائيلي الاول في لجنة حقوق الانسان التي تطبق ميثاق الحقوق المدنية والسياسية؛ خبيرتان اسرائيليتان كانتا في الماضي في اللجنة للقضاء على كل أشكال التمييز ضد النساء، وخبيرة اسرائيلية ثالثة هي عضو في هذه اللجنة اليوم ايضا. خبيرة اسرائيلية كانت عضوا في لجنة حقوق الطفل، وخبيرة اخرى اختيرت كعضو في مجموعة عمل من أجل مكانة المرأة. اقرار قانون يشكك بتبرع دول ديمقراطية لمنظمات حقوق الانسان في اسرائيل سيفسر كتراجع من جانبها عن محاولاتها المشاركة في المساعي الدولية لتقدم حقوق الانسان في كل موقع وموقع، سيمس بمكانتها الدبلوماسية وسيقلص الى الصفر فرص اقناع هذه الدول لتأييد مرشحين اسرائيليين كأعضاء في لجان حقوق الانسان.

الحكومة لا تحب الانتقاد. وعلى نحو خاص لا تحب الادعاء بشأن موقفها من حقوق الانسان لرعاياها. ولكن الانفتاح على الانتقاد والاستعداد لقبوله هما أمران حيويان للديمقراطية – حتى عندما يكون لاذعا وربما أليما. سلب جزء من الاموال التي يتم التبرع بها للمنظمات التي دورها انتقاد الحكومة في مجال حقوق الانسان، وبعدها فرض ضريبة خاصة على هذه التبرعات من أجل نقل جزء منها للهيئة موضع الانتقاد، هي فكرة تقترب من العبث. فقط حكومة تخاف حقوق الانسان يمكنها أن تفكر بتأييد مثل هذا المشروع.