خبر لن يُسكت « صوت السلام »- إسرائيل اليوم

الساعة 10:35 ص|09 ديسمبر 2011

لن يُسكت "صوت السلام"- إسرائيل اليوم

بقلم: موريا شلوموت

        تروي نعومي لافتسكي في كتابها "الأعلون" أنه حينما قبل القاضي اهارون براك استئناف مئير كهانا على سلطة البث ودافع عن حقه في التعبير عن آرائه العنصرية، آمن براك بأن اسرائيل تستطيع ان تسمح بهذا لنفسها لأن تأييد كهانا هامشي وحرية التعبير غالية ومقدسة. وجرى ماء كثير منذ ذلك الحين. أُخرجت حركة كهانا خارج القانون وعادت روح هذا الرجل على يد مغتال الى خالق العالم. وتوفي ايضا شعور براك بأن الديمقراطية في اسرائيل قوية بقدر كاف لتستوعب داخلها ظواهر خطيرة وشاذة.

        لم تكن الديمقراطية في اسرائيل قط ضعيفة ومهددة كما هي اليوم. قبل نحو من اسبوع أُغلقت بصورة مفاجئة اذاعة "صوت السلام"، وهي اذاعة اسرائيلية فلسطينية تبث من رام الله بالعبرية والعربية وترمي الى الدفع قدما بمسارات مصالحة تفضي الى انشاء دولتين للشعبين.

        بثت الاذاعة سبع سنين بلا تشويش وحظيت بتعاون وزارة الاعلام. وقبل ثلاثة اشهر أرسل عضو الكنيست داني دنون رسالة الى المستشار القانوني للحكومة طالبا اغلاق الاذاعة لأنهم يبثون فيها مضامين تحريضية. وحينما سُئل عن أي المضامين يتم الحديث أجاب انه لم يسمع هو نفسه في الحقيقة لكنه سمع من شخص ما أنهم دعوا الفلسطينيين في "صوت السلام" الى الخروج للتظاهر. وهكذا، ومن شخص سمع شخصا آخر أُرسلت رسالة من وزير الاعلام الى مدير الاذاعة الاسرائيلي، موشيه راز، جاء فيها ان البث غير قانوني ولهذا يجب ان يتوقف.

        ليس سلوك وزارة الاعلام في هذا الشأن مغضبا فقط بل يدل على انه حينما تكون الفكرة كلها معوجة تكون الطريق اليها معوجة. رفض الوزير لقاء ممثلي الاذاعة وبعد ان تلقى منهم رسالة مرتبة تبسط مواقفهم، استُدعي راز على نحو مفاجيء للتحقيق معه في الشرطة تحت انذار. والامر معلق الآن بالمحكمة العليا. ان عضو الكنيست داني دنون ومرافقيه في الكنيست يفاجئون طوال الوقت من جديد. ان اليمين السياسي يسيطر على الدولة بلا عوائق منذ ثلاثة عقود. وهذه هي الولاية الثانية لبنيامين نتنياهو نفسه ولا يبدو في الأفق السياسي في المستقبل تحول حقيقي. ويسيطر على الاكثرية الغالبة من وسائل الاعلام أرباب مال لا يرتاب في أحد منهم انه رجل "سلام الآن". ان رتبة القيادة في الجيش قلبت جلدها ولم يعد يشغلها أبناء الكيبوتسات والاعمال الزراعية، بل معتمرو قبعات دينية يعيش فريق منهم وراء الخط الاخضر.

        لماذا اذا تهدد اذاعة "صوت السلام" التي تبث لبضع عشرات الآلاف من الناس الذين يلتزمون التزاما كاملا وبما أوتوا من قوة نضالا غير عنيف، لماذا تهدد الهيمنة اليمينية المحافظة المسيطرة؟ ولماذا لا يوجد التسامح الذي أظهره اهارون براك مع كهانا عند متابعي كهانا، نحو الأقلية التي ما تزال تؤمن بالسلام؟.

        ليس الجواب عن ذلك عدديا بل جوهريا. فالليكود اليوم لم يعد حركة ديمقراطية. ان ما بدأ باعتباره ارض اسرائيل الكاملة لليهود فقط، يستأنف باعتباره ارض اسرائيل الكاملة لليهود من اليمين فقط. ومن يسيطر يجب ان يظل مسيطرا على الدوام. ان العنصرية تتبوأ قلب الطريق ومعها الخوف من اصوات الآخرين. ان اذاعة "صوت السلام" ليست صوتا يمكن إسكاته. فهي تنبع من مكان حي يتنفس. ويصدق فينا ايضا قول: "كلما عذبوه كثر واندفع قدما". ويشهد على ذلك معطيات الاستماع لاذاعة هذه المحطة في الانترنت التي لا تعدو ان تزداد.