خبر المهم أنا- هآرتس

الساعة 10:31 ص|09 ديسمبر 2011

المهم أنا- هآرتس

بقلم: يوئيل ماركوس

        كلما تدهورت صورة اسرائيل في العالم ارتفعت أسهم نتنياهو. يصعب ألا نرى ان شعر رأسه يُعتنى به يوميا ويمشط بصورة حسنة. ويراوح لون شعره بين الرمادي والازرق السماوي وكل شعرة موضوعة في مكانها. فليس عرضا أنهم أخلوا غرفة في منزل رئيس الحكومة من أدوات الاتصال التي كانت فيها وحولوها الى محلقة لا من اجل سارة فقط بل من اجل بيبي ايضا. وليس هذا هو بيبي نفسه المتعجرف الذي يُتذكر من ولايته الاولى بل هو رجل يؤدي دور الزعيم القائد.

        في حين قال مسؤولو الادارة الامريكية الكبار في مؤتمر سابان السنوي كلاما غير مُطرٍ على اسرائيل وسلوكها، يؤدي بيبي دور زعيم الأمة الذي يُسوي نفسه ببن غوريون "الذي لم يحسب حسابا للأغيار". في حين كان العكس هو الصحيح. فقد كان بن غوريون مصغيا للقوى العظمى ومن المؤكد انه كان بعيدا عن تحديها. فحينما طلب الرئيس آيزنهاور الى اسرائيل ان تجلو عن سيناء فورا على أثر عملية "كديش" في 1956، استجاب لذلك برغم أنه أعلن بصورة احتفالية في الكنيست "انشاء مملكة اسرائيل الثالثة".

        في حين يتساءل المحللون في حيرة كيف سيخلص بيبي من المشكلات في منطقتنا، يفاجئنا باستقرار رأيه على تقديم موعد الانتخابات التمهيدية في الليكود الى 31 كانون الثاني. وهذا الامر لا يعني انه ينوي تقديم موعد الانتخابات لكنه لا يبطل الفكرة ايضا. وهو يقول لنفسه انه لم يرد في التوراة ان الانتخابات يجب ان تُجرى بعد سنتين فقط – فنجمي ثاقب في استطلاعات الرأي، وأنا أطلقت سراح شليط وكنت أول من احتضنه. ولا يوجد الآن أي مرشح ينافسني. فالمعارضة ضعيفة وسيكون ليبرمان وباراك متعلقين بي. وسأجد طريقة لأُعين باراك وزير دفاع. أيغضب اعضاء الحزب؟ ليغضبوا. فأنا الذي يحدد من يكون وأين يكون، وهل تكون انتخابات ومتى.

        يريد نتنياهو ان يستغل ارتفاع أسهمه في استطلاعات الرأي قبل ان ينشر مراقب الدولة التقارير عن الحريق الكبير وعن القافلة البحرية وعن الرحلات وما أشبه. ان قول هيلاري كلينتون في مؤتمر سابان ان اسرائيل تذكرها بايران، لم يضعف نتنياهو، بالعكس. "من هي لتعظنا"، خرج تسريب ممن حول ايلي يشاي. ولم يوبخه بيبي بالضبط بل نسبوا الى محيطه مقالة انه يُفضل ان يحصر منتخبو الجمهور عنايتهم في دولهم.

        صرخ وزير الدفاع الامريكي، ليون بانيتا، غاضبا قائلا إجلسوا الى طاولة التفاوض، لكن بيبي بدا صلفا. ولا أعجب إن كان قد استقر رأيه على تقديم موعد الانتخابات التمهيدية باعتباره خطوة اولى لتقديم موعد الانتخابات. حينما يعرق الرئيس اوباما كي يُنتخب لولاية ثانية سيكون محتاجا الى الصوت اليهودي، أي يجب ان يُسوي علاقاته ايضا بمن يحكم اسرائيل الآن. ربما يُقدم بيبي موعد الانتخابات لكن لا قبل ان يعلم يقينا انه سيكون له حزب قوي.

        حصل على تأييد شبه كامل من أكثر اعضاء الليكود لتقديم موعد الانتخابات التمهيدية. وزعمت عضو الكنيست ميري ريغف انه ينبغي تحديد موعد يوافق عليه جميع المرشحين. وكان رد بيبي الساخر: الليكود هو حركة ديمقراطية وحرة وكل من أراد يستطيع ان يعرض ترشحه لرئاسة الحكومة. وهذا سهم صغير نحو سلفان. وسمعه اولئك الذين نظروا الى اهود باراك يقول انه في الانتخابات القادمة "سترون ورقة حزب الاستقلال". وبدا هذا مثل طرفة. باراك متعلق ببيبي ولن يقدم بيبي موعد الانتخابات قبل ان يكون اتفاق بينهما على ان يصبح باراك وزير الدفاع.

        لم تكن مكانة اسرائيل قط مختلفا فيها بهذا القدر كما هي الآن، في الوقت الذي يذوب فيه بيبي تأثرا بنفسه. لكنه لا يُرى في الأفق مرشح آخر لرئاسة الحكومة. فالاحتجاج الاجتماعي لم يضر به. وستفقد تسيبي – شميبي، كما سُميت بعد المقابلة الصحفية الغريبة التي أجرتها مع صحيفة "يديعوت"، ستفقد اصواتا في الانتخابات قبل الأوان. فمنذ سنين لا يوجد مرشح يعوق رئيس حكومة يتولى منصبه. لا يوجد مثل شريت الذي كان يعوق بن غوريون ولا مثل غولدا التي كانت تعوق بيرس الذي أعاق رابين. وبرغم انه يوجد انتقاد على اخفاقات بيبي في موضوع السلام وعلى خططه المخيفة في مواجهة ايران، لا يبدو ان له بديلا محتملا. فهو يبني نفسه باعتباره زعيم الشعب الذي لا غنى عنه.

        يعتمد نتنياهو على ان اوباما سيكون في السنة القادمة بطة عرجاء، ويفترض ان الصوت اليهودي سيكون آنذاك يساوي الذهب. لكن بيبي الذي يحصر اهتمامه في نفسه لا ينتبه الى ان رئيسا يشبه البطة العرجاء سيظل قادرا على ان ينفع أو يضر باعتباره رئيسا. يجب على بيبي ان يراقب ألا يجعله حبه لنفسه يُجن سياسيا.