خبر وها هي التوقعات في الشرق الأوسط- معاريف

الساعة 11:46 ص|08 ديسمبر 2011

 

وها هي التوقعات في الشرق الأوسط- معاريف

بقلم: حاييم آسا

المستشار الاستراتيجي لرئيس الوزراء الراحل اسحق رابين

        (المضمون: الاستراتيجية العليا يجب أن تكون قائمة على اساس التطلع الى الاستقرار (Balancing) المرتب لعلاقات اسرائيل مع كل دول الطوق الاول حولها (مصر، الاردن، سوريا، لبنان والفلسطينيين)، على اساس اتفاقات وتسويات سلمية - المصدر).

        العام 2011 يحمل بين جناحيه شرق أوسط مختلف، أساس التغيير فيه يكمن في السياقات الثورية التي وقعت في مصر، في سوريا وفي دول كليبيا وتونس. ظاهرا هذا تغيير يستدعي استمرار سياسة الجمود. ومع ذلك، فمن أجل البقاء المادي للدولة، تحتاج اسرائيل حاجة ماسة لرؤيا سياسية – أمنية يفترض بها أن تجلبها (اذا ما تحققت) الى شاطيء الامان. بكلمة معروفة اخرى: الامل.

        صورة الرؤيا المقترحة تنبع من فهمنا للواقع القائم. وأحبذ أن اعرض الفرضيات الاساس بشأن الشرق الاوسط، توقع محدد يحتمل أن يفسد ويحتمل أن يتحسن. نحن ملزمون بان نضع فرضيات في نظرة 5 – 10 سنوات، إذ أن الامر افضل من اغماض العيون التام ومحاولة العمل فقط بأثر رجعي، عندما نكون مطالبين بتنفيذ أعمال هي على حدود "يوم الدين".

        الفرضية الاساس: مصر تتحول الى دولة فيها ديمقراطية غير متوازنة، بمعنى ديمقراطية مع انتخابات حرة متعددة الاحزاب، فيها صراع قوى بين نظام مدني ذي صلة اسلامية – سنية وبين جيش غربي. صراع القوى هذا يميل، برأي محللين معينين، في صالح العنصر الاسلامي؛ بمعنى ان مكانة الجيش ستضعف بمرور الزمن. من جهة اخرى، فان مكانة النظام الجديد أيضا ستهتز اساسا بسبب مشاكل اقتصادية حادة لا يتمكن من ايجاد حل لها. في السنوات القريبة القادمة الجيش سيأخذ مسؤولية عن المواضيع السياسية والامنية، بينما الحكومة المدنية ستكون مسؤولة عن كل الشؤون الداخلية. مثل هذا التوزيع للمسؤوليات يخلق تعلقا لمصر بالولايات المتحدة، ومن هنا إذن تواصل الولايات المتحدة كونها محورا هاما في استقرار العلاقات بين اسرائيل ومصر.

        سوريا، بالمقابل، ستدخل على ما يبدو في فترة طويلة من الفوضى، المواجهة فيها بين السنة والعلويين ستصبح أكثر حدة. وسيتميز الوضع باضطراب اشكالي ومركب من الصعب تقدير نهايته (لا طبيعة النهاية ولا موعد النهاية).

        الاردن بانتظاره مسيرة مشابهة – وإن كان الدعم للاردن في السياق الاقتصادي أسهل بسبب عدد سكانه القليل (استثمارات بضعة مليارات هي ذات أثر فوري ومباشر على وضعه الاقتصادي). على اسرائيل أن تدخل فورا في نشاط مبادر اليه مع الملك الاردني والسماح للاردن بتجنيد أموال في اوروبا وفي الولايات المتحدة وبالتالي محاولة احلال الاستقرار في الاقتصاد الاردني بالسرعة الممكنة.

        الحياة في الشرق الاوسط الجديد ستصبح أكثر "استقلالا" ظاهرا؛ بمعنى أن مدى التدخل المباشر من الولايات المتحدة سيقل. فهي ستكون في الخلفية – لاعب "خلفي" يقدم المعدات والقدرات العسكرية المتطورة. وهكذا تتحول تركيا الى لاعب رئيس من ناحية اسرائيل، وربما حتى لاعب حرج. تركيا هي الجسر الوحيد الذي لاسرائيل حيال مصر، وكذا ايضا حيال العنصر السني في سوريا. اذا كانت مصر في العهد السابق هي الحجر الاساس لاستقرار السياقات حيال الفلسطينيين (الى جانب الولايات المتحدة)، سنرى أن تركيا تحل محلها. لتركيا يمكن أن يكون دور هام في استقرار العلاقات بين اسرائيل ومصر بسبب الصلة السنية. عمليا، يمكن للاتراك أن يُحلوا الاستقرار بقدر ما أيضا في علاقات اسرائيل مع العنصر السني في سوريا. وفضلا عن ذلك، فان محور تركيا – مصر يمكنه أن يشكل بديلا من نوع جديد لمصر المباركية ويكون أساسا لاستقرار علاقات اسرائيل مع دول الطوق الاول حولها. ثمة لذلك آثار بعيدة المدى ايضا على الموقف من الفلسطينيين بشكل عام ومن غزة بشكل خاص (وجود الاغلاق زائد لا داعي له).

        الاستراتيجية العليا يجب أن تكون قائمة على اساس التطلع الى الاستقرار (Balancing) المرتب لعلاقات اسرائيل مع كل دول الطوق الاول حولها (مصر، الاردن، سوريا، لبنان والفلسطينيين)، على اساس اتفاقات وتسويات سلمية. مفهوم الاتفاقات والتسويات واسع ويشمل أيضا "تفاهمات" مع "اعداء" (مثل سوريا او حافظ الاسد). بمعنى استقرار الطوق الاول حول اسرائيل يشكل في نظرنا هدفا مركزيا يجب تحقيقه بكل وسيلة ممكنة – اذا كانت هناك حاجة لاتفاق سلام نعقد اتفاق سلام، واذا كانت حاجة للتهديد باحتكاك عسكري نفعل هذا ايضا. استقرار الطوق الاول يشكل عنصرا مركزيا في فهم تعطيل التهديد الكامن في دول الدائرة الثانية والدائرة الثالثة كالعراق وايران.