خبر اسرائيل ليست ايران -هآرتس

الساعة 09:02 ص|07 ديسمبر 2011

 

اسرائيل ليست ايران -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: اسرائيل برغم اعتمادها على الاموال الامريكية التي يدفعها دافع الضرائب الامريكي لأنه يريد في المقابل حليفة ديمقراطية في الشرق الاوسط تأبى ان تتدخل الولايات المتحدة بأن تنتقد المس بحقوق الانسان فيها - المصدر).

        اخطأت هيلاري كلينتون خطأ كبيرا. فاسرائيل ليست ايران، وكل مقارنة بايران تشهد على جهل أو على نية مبيتة. أولا ايران لا تتنكر بلباس ديمقراطي. فقد تبنت علنا وبفخر طريقة الحكم التي فيها الفقيه هو الزعيم الأعلى. واسرائيل في المقابل تلتف برداء ديمقراطي، وتُملي مجموعة منتخبة من حكماء الشريعة اليهودية تخضع للقانون في الظاهر فقط، صورة الحياة في الدولة.

        اسرائيل ليست ايران. ففي ايران يجري فصل رسمي بين النساء والرجال غير المتزوجين في اماكن عامة؛ والفصل في اسرائيل يخالف القانون لكنه حي يرزق بالفعل ويستهين بالقانون. ففي الجيش والحافلات المخصصة للحريديين وفي المدارس الرسمية – الدينية التي تنفق عليها الدولة، يحتفل الفصل.

        اسرائيل ليست ايران. ففي ايران تستطيع منظمات حقوق انسان ان تتمتع بمساعدة عدد محدود من المنظمات والمؤسسات الدولية، "بموافقة وزراء الحكومة المختصين بهذا الشأن" كما يقول القانون الايراني. وفي اسرائيل ستكون جمعيات لن تستطيع ألبتة ان تحصل على مساعدة من دول اجنبية، واخرى ستضطر الى ان تمر "بحملة مساءلة" لتحظى باعفاء أو بتخفيض ضريبي بنسبة 45 في المائة.

        اسرائيل ليست ايران. ففي ايران يُعين القائد الأعلى رئيس جهاز القضاء؛ وفي اسرائيل يقوم القائد الأعلى بكل حيلة ممكنة كي يستطيع ان يصوغ كما يشاء تركيبة المحكمة العليا من غير ان يوسخ قناع الديمقراطية.

        هذا هو الفرق الجوهري: فايران لا تدعي البر ولا تفرقع بلسانها ولا تتنكر ولا تحاول ان تروج لطريقة نظام حكمها في العالم بأنها "جزيرة ديمقراطية". لكن ايران واسرائيل تتشابهان مع كل هذا بأمر واحد. فحينما يهاجمون في الغرب وفي الولايات المتحدة خاصة ايران بسبب حال حقوق الانسان فيها يرد قادتها بالكلمات نفسها تقريبا التي رد بها الوزير جلعاد أردان على كلام كلينتون: "أقترح ان ينظر منتَخبو الجمهور في كل مكان قبل كل شيء الى المشكلات التي توجد عندهم في الداخل".

        في ايران حينما يهاجم خامنئي وضع حقوق الانسان في الولايات المتحدة ويقترح عليها ان تدس أنفها في سجن غوانتنامو قبل ان تعظ الجمهورية الاسلامية تكون يداه على الأقل نظيفتين من مال امريكي. وفي المقابل حينما يقترح وزراء اسرائيل على كلينتون ان تُبعد القشة من عينها يتابعون في الوقت نفسه تمويل جزء من اعمال مكاتبهم بمال دافع الضرائب الامريكي.

        هذه هي الضريبة التي يدفعها المواطن الامريكي مقابل كنز وُعد به في الشرق الاوسط وهو حليفة ديمقراطية. لأنه لا يُطلب اليه ان يدفع الى حليفات غير ديمقراطيات في الشرق الاوسط – لا الى السعودية ولا الى الكويت ولا الى قطر ايضا. وحينما أغضبت مصر حسني مبارك – شريكة اسرائيل في البر الامريكي – الادارة الامريكية ومجلس النواب الامريكي بسبب وضع حقوق الانسان فيها، لم يحجم مجلس النواب عن ان يبحث في تجميد نحو من 200 مليون دولار من المساعدة السنوية وقضى في 2007 بأن "التجميد سيكون ساري المفعول الى أن تُجيز وزيرة الخارجية أن مصر تخطو خطوات لتحسين حقوق الانسان باصلاح جهاز القضاء وتدريب شرطتها".

        اسرائيل ليست ايران وليست مصر ايضا لأنها لن تواجه خطر عقوبات اقتصادية بسبب المس بحقوق الانسان وحرية الصحافة ومكانة المرأة أو بالجمعيات. وقد نجحت اسرائيل في ان تكون لنفسها مكانة خاصة فأصبحت شبه جماعة لا يُتدخل في سلوكها الاخلاقي أو شبه ناتوري كارتا الغرب التي تشبه ديمقراطية حينما ننظر اليها من خلال عدسة تكبير تُبعِّد ونقارنها بايران أو بالسودان.

        واليكم المفارقة. ان من انقض على منظمات حقوق الانسان ويريد ان يقيم حولها أسلاكا شائكة ليمنع تدخل دول اجنبية في شؤون اسرائيل الداخلية يضطر الى ان يواجه، وليس هذا مفاجئا، تدخلا مباشرا وفظا وتنقيريا من الولايات المتحدة. ان كلام كلينتون اشارة تحذير خفاقة وحاجز أخير قبل التدهور النهائي الى هاوية المنزلق الدحض. لكن هذا التدخل كما في ايران ومصر أصبح يُرى هنا خطوة معادية. فاسرائيل دولة بالغة ومستقلة ويحق لها ان تختار لنفسها نوع الديمقراطية التي تلائمها حتى لو كانت ديمقراطية منتحرة.