خبر الفلسطيني محمود السرسك يدعو الفيفا لممارسة ضغوط للإفراج عنه

الساعة 04:08 م|06 ديسمبر 2011



"إرادتي صلبة وعزيمتي قوية ولن تلين، ومهما اشتدت ساعات الظلمة وامتدت مساحات الغربة فلن أتخلى عن رسالتي وأهدافي وأحلامي، سأخرج نفسي من بين شرخ أصبعين، سأخرج من خلف قضبان السجن هاربــاً لأتنفـس نسـائم العليل في صيـف كحلم النائم في حضن الطبيعة، كصعود الروح للسماء، ككروان من الطير يسبّح بالحمد سابحاً في الأحلام، أحلق كالطير، لن أسمح لكم بأن تحرموني من هذه الساحرة المستديرة التي عشقتها وسحرتني".

 

بهذه الكلمات استهل الأسير الفلسطيني محمود السرسك، لاعب المنتخب الأولمبي الفلسطيني ونادي خدمات رفح المعتقل في سجن النقب الصحراوي الإسرائيلي، الذي اعتقل في الثاني والعشرين من شهر حزيران/ يونيو من عام 2009 أثناء توجهه من قطاع غزة إلى الضفة الغربية عن طريق معبر بيت حانون، للالتحاق على سبيل الإعارة بنادي مركز بلاطة في نابلس، فاحتجزه الجيش الإسرائيلي في معبر بيت حانون قبل أن يُنقل إلى سجن المجدل، حيث عانى من متاعب صحية عدة، وعلى رغم ذلك لم يتم نقله إلى المستشفى للعلاج، ومن وقتها يتم التجديد له لمدة ستة أشهر بشكل مستمر, ليدخل عامه الثالث في سجون الاحتلال الصهيوني من دون أن تُقدم ضده أي تهمة.

 

السرسك وهو يبث أشواقه الكبيرة عبر رسالة صوتية تكفل موقع "العربية.نت" بإيصالها إلى كل رياضي عربي، حرص على أهمية تدويل قضية الأسرى الرياضيين وطرحها في أروقة مؤسسات اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم والمحكمة الدولية الرياضية "CAS"، كي تقوم المحكمة باتخاذ إجراءات تأديبية بحق إسرائيل.

 

محطات من الذاكرة

 

تُوّج الأسير الفلسطيني بالكثير من الألقاب، كان أبرزها وآخرها بطولة الدوري العام مع فريقه خدمات رفح عام 2007، وبطولة شهداء الأقصى للناشئين مع فريق غزة الرياضي عام 2002، كما حصل مع فريقه خدمات رفح على وصافة بطولة الوحدة الرياضية عام 2008، ونال شرف تمثيل المنتخب الأولمبي الفلسطيني في أكثر من مناسبة, فدافع عن ألوان المنتخب الفلسطيني في بطولة غرب آسيا للناشئين التي أقيمت في طهران عام 1998م, وخاض مع المنتخب الفلسطيني للشباب بطولة الصداقة الدولية التي تقام سنوياً في العاصمة النروجية أوسلو، حتى جاء تاريخ الثاني والعشرين من شهر حزيران من عام 2009 عندما بحث السرسك آنذاك عن حلمه الضائع ولم يدر ما يخفيه له القدر, حلمٌ تبخر باكراً فاصطدمت أمنياته بجدار وبوابات معبر بيت حانون, ليصبح منذ ذلك التاريخ خلف قضبان ليست ككلّ القضبان، فعندما يضاف لفظ صهيوني لاسم القضبان فلكم أن تتخيّلوا ما الذى يمكن أن تحتويه هذه المقالة من كلمات قد تختنق لأجلها العبرات، وقد ينفطر لها القلب، أو قد يكره الإنسان منّا وجوده.

 

"ألم و أمل" خلف قضبان الاحتلال

 

ومن ذلك المكان الذي لا نجد تسمية له، لأن كلمة سجن لا تعبر ولو عن جزء بسيط مما يدور داخله، فتلك القيود التي كبلت أيدي الكثير من الشباب لتحرمهم الحرية وحياة الشباب وممارسة الرياضة التي عشقوها منذ نعومة أظفارهم، وعند التأمل في حالهم تجدهم يقتطفون ريعان شبابهم ومراحل يبرزون بها يحققون بها ذواتهم ويختارون طريق مستقبلهم، هم يقبعون في زوايا ضيقة وغيرهم يسرح ويمرح في ساحات المجد وإيجاد فرص يتألقون بها، فما أصعب أن تنتقل من المكان الذي عشقت اللعب فيه وأبدعت مع منتخبك الوطني الأولمبي وناديك فيه إلى أربعة جدران ضيقة.

مثال يحتذى به

 

ويبدو أن الأخلاق الرفيعة التي يتمتع بها جعلته دائماً حاضراً في أذهان الأشخاص المقربين منه، فالشقيق الأكبر عماد لا يكلّ ولا يملّ من البحث عن طرق ووسائل لطرح قضية شقيقه الأصغر، ودائماً ما يناشد المسؤولين بأن يكون هناك تدخل واضح وصريح للإفراج عن محمود، خصوصاً أن غايته من الذهاب إلى الضفة كانت تحقيق حلم الاحتراف في أحد أندية المحافظات الشمالية، وهنا يتساءل: هل يُعقل أن يتم اعتقال أخي لمجرد أنه كان يطمح للعب كرة القدم وممارسة هوايته المحببة إليه بعد أن توقف النشاط الرياضي في قطاع غزة؟

 

ويرى عماد أن هناك بعض التخاذل من القائمين على الرياضة في فلسطين بخصوص قضية أخيه، وقد أرسل إلى اللواء الرجوب أثناء زيارة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جان روك إلى الضفة كتاباً يوضح فيه تفاصيل القضية، أملاً في أن يكون هناك حل لمحمود والإفراج عنه، إلا أنه لم يجد رداً، لكنه لن يمل البحث.

 

أما الحاجة أم عزيز والدة الأسير فضمت صورته لصدرها وقالت وعيناها تتجهان نحو السماء: "اللهم فرّحني بمحمود، فرحتي وحياتي عناقه، وإني صابرة وأنتظر وعد الله لعباده الصابرين".

 

ووجهت رسالة لرئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب تقول فيها: "أما السيد جبريل الرجوب فرسالتي له: هؤلاء هم أبناؤك وأبطال فلسطين، عمداء الدولة الفلسطينية، فرّحنا بحريتهم، لم يعد قلبي قادراً على فراقه، أموت كل يوم ألف مرة وأنا أحصي الثواني والدقائق، لم يعد لي أمل في هذه الحياة سوى رؤية ابني وضمه لصدري".

 

ولم يقتصر حضور السرسك على المنزل فحسب، بل كان حاضراً وبشكل دائم في المحافل الرياضية، فقد قام العديد من زملائه في النادي بلفتات رائعة تذكروا فيها صديقهم الذي لم ولن يغيب عن بالهم ولو للحظة واحدة، اللاعب محمد زعرب قام بلمحة وفاء في إحدى المباريات وفاء للأسير الرياضي محمود السرسك القابع فى سجون الاحتلال الصهيوني، عندما أظهر شعاراً تضامنياً على قميصه كتب عليه "الحرية للأسير اللاعب محمود السرسك.. محمود فى قلوبنا"، السرسك ليس موجوداً في قلوب زملائه في النادي فقط، بل كان موجوداً خلال تتويج نادي شباب خان يونس ببطولة الدوري الفلسطيني الذي تُوّج به النادي في حزيران الماضي، وبطولة كأس العالم الرمزية التي أقيمت العام الماضي.

 

مئات الأسرى يقبعون خلف القضبان

 

يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يعتقل مئات الرياضيين في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، حيث يتعرضون لأصناف شتى من التعذيب وسوء المعاملة والمهانة، ويواجهون أوضاعاً معيشية صعبة وسيئة.


العربية نت