خبر نصف الحقيقة فقط -يديعوت

الساعة 09:36 ص|06 ديسمبر 2011

نصف الحقيقة فقط -يديعوت

بقلم: زئيف تسحور

جند نتنياهو بن غوريون في خطبة محكمة لتسويغ رسائله الهجومية المتعلقة بالذرة الايرانية. ففي مراسم الذكرى الرسمية تذكارا لبن غوريون، والتي تمت هذا الاسبوع في مدراس سديه بوكير، وصف نتنياهو عظمة بن غوريون بصفته زعيما. وتحدث فوق القبر وأمام عدسات تصوير التلفاز كيف "اتخذ بن غوريون القرار في الوقت الصحيح. وقد قدر وتحير زمنا طويلا لكنه أصبح مستعدا في نهاية المطاف لاتخاذ قرارات صعبة من اجل مستقبل الشعب. ونحن نتفق اليوم جميعا على أنه كان قرارا موزونا وصحيحا ومسؤولا".

وأكد نتنياهو في هذا الشأن زعامة بن غوريون الحازمة ازاء معارضة قوية في الداخل والخارج. وتحدث نتنياهو عن شجاعة بن غوريون وكأنما أشار الى نفسه.

تناول كلامه على بن غوريون المباحثة في مديرية الشعب والتي تمت قبل انقضاء الانتداب البريطاني بثلاثة ايام. وكان العرب هددوا أنه اذا أُعلن انشاء دولة يهودية فسيغزونها فورا. وكان التهديد مخيفا والنقاش متوترا. ودقق نتنياهو في وصف تفصيلات النقاش وتحدث عن الاقتراع الذي حسمه صوت واحد وكان ستة يؤيدون انشاء الدولة واربعة يعارضون. وسأل نتنياهو ماذا كان يحدث لو أن واحدا، واحدا فقط، من ستة اعضاء مديرية الشعب صوت مؤيدا، كان صوت معارضا؟ ولم يقل بصراحة لكنه ترك لسامعيه ان يقارنوا بين الوضع الوجودي في تلك الايام وفي هذا الزمان، وبين بن غوريون الذي واجه التاريخ وحده وتحمل مسؤولية وبت أمر انشاء الدولة، وبين نتنياهو الذي يواجه نفس المعضلة ازاء الذرة الايرانية.

بعد انشاء الدولة أُخفي أمر تلك الجلسة التاريخية. وبعد الجلسة بيومين قامت الدولة وأصبحت مديرية الشعب حكومة اسرائيل. وأصبح بن غوريون رئيس الحكومة وصار المشاركون في الجلسة وزراء وفيهم الاربعة الذين صوتوا معارضين اقامتها. لم يبق محضر جلسة كامل لتلك الجلسة، وتعتمد المعلومات التي عندنا عن مسارها على وثائق جزئية وذكريات متناقضة.

ان وصف نتنياهو صحيح لكنه جزئي. والربط الذي أراد نتنياهو أن يُبينه بين زعامة بن غوريون وزعامته هو في مواجهة مسألة وجودية هو نصف الحقيقة. لكن نتنياهو لم يتحدث عن النصف الثاني والذي تكمن فيه نظرية الأمن التي خطها بن غوريون.

صاغ بن غوريون نظرية أمن مؤداها ان اسرائيل لن تخرج لحرب مدبرة أبدا من غير حليفة استراتيجية. وفي عهده واجهت اسرائيل الشابة عدة تهديدات تشبه ايران اليوم. وكان المثال الأبرز الاتفاق على تزويد مصر بالسلاح من الاتحاد السوفييتي. وقد ضغط أمنيو ذلك الوقت وفي مقدمتهم رئيس الاركان موشيه ديان على بن غوريون ليهاجم مصر قبل لحظة من تطوير أكبر عدو لاسرائيل قوتها العسكرية، وعارض بن غوريون. وحينما جاءت المبادرة الى مهاجمة مصر من قبل فرنسا وبريطانيا فقط وافق على انضمام اسرائيل للحرب.

قد يستطيع الاستعمال المتلاعب لنصف الحقيقة ان يقنع جزءا من الجمهور بعض الوقت. قال س. يزهار وهو من كبار الأدباء كان عضو كنيست في حزب بن غوريون ان الزعيم "مصحوب دائما باثنين، بالرؤية العظيمة وبالعمى الكبير". وقال ان الرؤية العظيمة تغلبت على العمى عند بن غوريون.

مضى يزهار الى عالمه قبل سنين معدودة قلقا من العمى الذي يتغلب على الرؤية.