خبر الخطر يصبح تهديدا -يديعوت

الساعة 09:32 ص|06 ديسمبر 2011

 

الخطر يصبح تهديدا -يديعوت

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: اذا لم يتوفر للجيش زعامة سياسية مصممة تدافع عن مصالحه فانه سيفقد تماما مكانته في السياسة المصرية. في اسرائيل يرون في مثل هذا السيناريو كارثة سياسية تستدعي تغييرا جوهريا في مفهوم الامن القومي وتؤثر عميقا على مكانتنا الاستراتيجية - المصدر).

        على الرسم البياني للتحذير الاسرائيلي، الذي في طرفه يظهر "خطر" وفي طرفه الاخر يظهر "تهديد" قطعت مصر في الاسبوع الاخير خطوتين كبيرتين في اتجاه "التهديد". القطار المصري يواصل الاندفاع، ويبدو أن سائق القطار بدأ يفقد السيطرة. هذا يلزم اسرائيل بتحريك سياقات بناء قدرات حيال الجبهة الشرقية منذ الان.

        فشل الحركات العلمانية، الليبرالية واليسارية  في الانتخابات للبرلمان المصري هو فشل ذريع. فقد وصلت الى الانتخابات غير جاهزة – وتآكلت. المنتصرات الكبار هي الحركات السلفية، حركات الاسلام المتطرف، التي اجترفت بشكل مفاجيء اكثر من 20 في المائة من الاصوات. الاخوان المسلمون، وان كانوا حققوا انتصارا كبيرا، بنحو 40 في المائة من الاصوات، الا ان هذا كان متوقعا. الخاسر الاكبر هو من كان الأمل الاكبر للغرب: الجيش المصري. الحاجز الوحيد في وجه الطوفان الاسلامي في مصر فشل فشلا ذريعا في اختبار القوة السياسية الاول له.

        الجنرالات المصريون في صدمة. في الغرف المغلقة للمجلس العسكري الاعلى تجرى، في هذه اللحظات  تماما، مداولات عاجلة في مسألة ما العمل لاحقا. في هذه الاثناء يتذمرون هناك فقط: يتهمون الاخوان المسلمين بشراء الاصوات، يدعون بالفوضى في صناديق الاقتراع. "المناورات التي قام بها في حينه حزب السلطة لدى مبارك في صناديق الاقتراع فعلها هذه المرة الاخوان المسلمون"، يقول كبار المسؤولين في المجلس العسكري. منذ الان يطرح من داخلهم طلب من المشير طنطاوي: ضع أمام الاخوان  المسلمين الخطوط الحمراء للجيش بالنسبة للدستور المصري، الذي سيصاغ في ختام جولة الانتخابات في اذار 2012.

 اذا كان الجيش المصري كقوة سياسية محبا للحياة، كما يقول كبار المسؤولين في الحكم المصري، فان المواجهة بينه وبين الكتلة الاسلامية شبه محتمة. واذا لم يتوفر للجيش زعامة سياسية مصممة تدافع عن مصالحه ومصالح الشعب المصري، فانه سيفقد تماما مكانته كعنصر ذي وزن في السياسة المصرية. في اسرائيل يرون في مثل هذا السيناريو كارثة سياسية تستدعي تغييرا جوهريا في مفهوم الامن القومي وتؤثر عميقا على مكانتنا الاستراتيجية.

اذا ما استيقظ أخيرا المشير طنطاوي، واصطدم بالاخوان المسلمين وطالبهم بالتوقيع على ميثاق يضمن مصالح الجيش في الدستور، فان مصر من شأنها أن تتدهور  الى حمام دماء داخلي. ولكن هكذا على الاقل يوجد احتمال الا تتغير السياسة الخارجية المصرية لدرجة الضعضعة التامة لكل الحجارة الاساس في الشرق الاوسط.

العنصر الاكثر هذيانا في هذه القصة هو الامريكيون. الامر يبدو وكأن المسيرة التي تمر على مصر لا تتعلق بهم. فواشنطن تواصل البث للجنرالات مطلب المسيرة المرتبة لنقل السلطة الى المدنيين، كائنا من كانوا. وهكذا يفعلون للجنرالات المصريين: يسلمون مصر للاخوان المسلمين ("المعتدلين") والسلفيين على طبق من فضة. العشرين في المائة التي حصلت عليها الحركات السلفية حرجة، وذلك لانهم سيملون جدول الاعمال في السياسة المصرية. الاخوان المسلمون، الذين يتنافسون على ذات الشريحة من السكان، لا يمكنهم ان يسمحوا لانفسهم بان يكونوا "مسلمين ملتزمين" اقل من السلفيين.

هاذٍ بقدر لا يقل هو سلوك السعودية وجزء من إمارات الخليج في أثناء جولة الانتخابات هذه. الاموال الطائلة التي دفعت للحركات الاسلامية المتطرفة جاءت من شبه الجزيرة العربية. فقد اشترى السعوديون لانفسهم هدوءا صناعيا للمستقبل، مقابل مستقبل مصر ومستقبل المنطقة بأسرها.

في هذه الاثناء انتخب ثلث المجلس الادنى. توجد جولتان انتخابيتان أخريان. اذا استمر المسيل الحالي، فان الاخوان المسلمين سيسيطرون على السياسة المصرية. من سيملي الدستور المصري ستكون الحركات الاسلامية المتطرفة، وهي ستفعل ذلك بروح "الشريعة" الاسلامية.

لم يفت الأوان بعد. لعل الحركات الليبرالية تتعاون وتقف في كتلة واحدة حيال الكتلة الاسلامية. لعل الاخوان المسلمون يفضلون الوصول الى حل وسط مع الجيش، حتى وإن كان مؤقتا. الاحتمال بان يحصل هذا ليس عاليا. معقول أكثر ان تكون مصر تسير نحو دستور اسلامي ونحو انتخابات للرئاسة في نهايتها يقف على رأس الدولة ممثل الكتلة الاسلامية.