خبر بتعمد- هآرتس

الساعة 09:10 ص|05 ديسمبر 2011

بتعمد- هآرتس

بقلم: البروفيسور افرايم كارش

من بين ما لا يحصى من التهديدات بعنف عربي في أعقاب القرار على تقسيم ارض اسرائيل في تشرين الثاني 1947، يتم تذكر تحذير عبد الرحمن حسن عزام، الأمين العام الاول للجامعة العربية. فقد هدد عزام بأن "انشاء دولة يهودية سيفضي الى حرب إبادة والى مذبحة كبيرة يُتحدث عنها مثل مذابح المغول والحملات الصليبية".

مما يؤسف له جدا ان حقيقة انه لم يتم العثور لسنين طويلة على الوثيقة الأصلية التي نشر فيها التهديد قد أثار شكوكا في حقيقتها وفي نوايا القتل عند العرب عامة، وبصورة أكبر منذ أن مُحيت الحقيقة التاريخية من الذاكرة العامة بعد سنين من الدعاية الموالية للعرب.

حينما وجدت الوثيقة الغائبة في المدة الاخيرة وترجمت في "فصلية الشرق الاوسط"، خرج توم سيغف عن طوره ليُبيض تهديد عزام وليضائل من أهميته. "يوجد شيء ما انفعالي في هذه المطاردة بعد مقتبسات تاريخية من الصحف"، كتب سيغف ("باسم قولهم"، "هآرتس"، 14/10) وأضاف قائلا: "في 21 أيار 1948 أوردت صحيفة "فلسطين بوست" عنه هذا الكلام: مهما تكن نتائج الحرب فان العرب يصرون على عرضهم ان يضمنوا لليهود مواطنة مساوية في دولة اسرائيل عربية وان يسمحوا لهم بأن يكونوا يهودا كما يشاؤون".

ربما تكلم عزام كثيرا لكن لا تناقض بين تصريحاته المعلنة وتصريحاته الخاصة. قال على نحو شخصي لدبلوماسيين يهود ان مصير الدولة التي يأملون بها سيكون كمصير الدولة الصليبية وهكذا ايضا في الوثيقة التي تم الكشف عنها في المدة الاخيرة. وفي تقرير صحفي في صحيفة "فلسطين بوست" اقتبس سيغف منه، وصف عزام دولة اسرائيل الغازية بأنها "جسر في المنطقة العربية" (تشبه نبتة اجنبية على صورة صليبية) يجب هدمه وإلا "سيحاربوننا هنا وراء الاردن وفي كل مكان آخر في الدولة العربية".

صحيح ان عزام كان مستعدا لأن يسمح للناجين من الدولة اليهودية المخربة ان يعيشوا ذميين في "فلسطين العربية" التي ستنشأ على أنقاضها (جيء بتصريحاته هذه في مذكرة للامم المتحدة أرادت ان تُسوغ "العدوان المسلح الاول الذي رآه العالم منذ انقضت الحرب العالمية الثانية"، كما قال الامين العام الاول للامم المتحدة، تريغفيه لي)، لكن يصعب ان نرى في هذا علامة على الاعتدال. فهو برهان آخر على أن الفرق بين "النزيه والانساني" من العرب وبين الشوق اليهودي الى تقرير المصير لم يكن من الممكن عقد جسر فوقه في 1948 كما لا يمكن هذا الآن ايضا.

ويحاول سيغف ايضا ان يصم اولئك الذين صرفوا انتباه الجمهور الى الوثيقة التاريخية (ومنهم كاتب هذه السطور) بزعم أنهم سرقوها من "ويكيبيديا"، حيث عرضها هناك براندن مكيه وهو استاذ جامعي في علوم الحاسوب في الجامعة الوطنية في كنبره في استراليا.

لكنه لا ذكر في "ويكيبيديا" لوثيقة عزام التي تم العثور عليها مؤخرا، بالعكس. فبذكر الرابع عشر من أيار 1948 باعتباره اليوم الذي صدر فيه عن عزام هذا التهديد - صدر التهديد في واقع الامر قبل خطة التقسيم في الحادي عشر من تشرين الاول 1947 – تشكك المقالة في "ويكيبيديا" بحقيقة وجوده (مع ذلك تشتمل على الاقتباس الناقص من "فلسطين بوست" الذي جاء به سيغف).

بدل ان يأتي مكيه بتهديد عزام الأصلي في "ويكيبيديا"، لم يُشرك الجمهور في اكتشافه المهم وكأنما أراد أن يطمئن خطط الابادة العربية مع مولد الدولة اليهودية. وذلك برغم أنه أعلم اعضاء "ويكيبيديا" في ايلول 2010 بأنه حصل على نسخة من المقابلة الصحفية الأصلية التي أُسمع فيها التهديد.

ليس واضحا لماذا استقر رأي مكيه على نقل الوثيقة الى باحث مناصر لاسرائيل والكشف عنها على هذا النحو في "ويكيبيديا". وفي أحاديث خاصة رفض اقتراحي ان يظهر اسمه شريكا في مؤلفي، لأنه ليس عنده رأي حسن في "فصلية الشرق الاوسط" حيث نشر. مع ذلك، وبدل ان يضائل تهديد عزام وينظر اليه بترفع كأفضل عادات الانسان الابيض، كان يجب على سيغف ان يمجد الكشف المهم الذي وضع حدا لواحد من النقاشات التاريخية الطويلة في حرب 1948. هناك ناس لا يستطيعون ببساطة مواجهة الحقيقة.