خبر رسالة العنصرية- معاريف

الساعة 09:09 ص|05 ديسمبر 2011

رسالة العنصرية- معاريف

بقلم: شاي غولدن

ينبغي لنا ان نقرأ جيدا بين سطور رسالة خولدائي الى رئيس الوزراء. ينبغي لنا أن نقرأ جيدا وأن نشخص هناك أكثر بكثير من مجرد القلق (ليس غير المبرر) على التشويه الديمغرافي الاخذ في التطور من تحت أنف الحكم والمجتمع الاسرائيليين. عندما يكتب خولدائي "اليوم بات واضحا للجميع بانهم (المتسللين؛ ش. ج) يأتون الى هنا كمهاجري عمل بكل معنى الكلمة وهم ليسوا عرضة لاي خطر وجودي"، فانه يسند أقواله على صفر معطيات وصفر حقائق، بل على لواعج قلبه فقط.

من فر من ارتيريا أو من نيجيريا لا ينبغي أن يكون مطاردا من النظام في بلاده كي يعرف كمن هو "عرضة للخطر". معظم الدول الافريقية توجد في أسفل قائمة كل منظمات حقوق الانسان الدولية من حيث الحفاظ على الامن الاقتصادي والانساني للفرد. الفرار من نظام طغيان، عاشوا فيه في ظروف فقر مدقع، عرضة للعنف الدائم وأعراف اجتماعية مظلمة (وبالتأكيد للنساء)، ليس أمرا غير طبيعي بالنسبة لكل انسان، حتى لو لم يكن مطلوبا من الشرطة المحلية.

ومن هنا ينبغي أن نرى في كل لاجيء افريقي يسعى للوصول الى اسرائيل – حتى وإن كان بطريق غير قانوني – ضحية حياة وحشية ومريرة، قلة من بين سكان اسرائيل قادرون على الاطلاق على فهم صعوبتها وجسامتها. ومعلومة تفصيلية اخرى سقطت من رسالة خولدائي الى نتنياهو: حسب تقديرات وزارة الداخلية وسلطة الهجرة، يوجد في اسرائيل نحو ربع مليون ماكث غير قانوني. حتى وان كان التقدير ان نحو 80 ألف منهم يوجدون في تل أبيب (في شطرها الجنوبي اساسا) دقيق، لا يزال هؤلاء يشكلون أقل من ثلث الماكثين غير القانونيين في الاراضي الاسرائيلية.

معطيات تيار المتسللين من الحدود الجنوبية ليست جيدة، ولكنها لاغية ملغية بالقياس الى عدد الماكثين غير القانونيين الاردنيين (نحو 50 ألف)؛ عدد مهاجرين العمل ممن لم يمنحوا تمديدا لتأشيراتهم (نحو 100 الف)؛ عدد السياح الذين يوجدون هنا بعد فترة انتهاء تأشيراتهم (نحو 100 الف آخرين). مشكلة الهجرة والمكوث غير القانوني، إذن، ليست موضوعا تل أبيبيا، وبالنسبة لحجمها الوطني (يجدر بالذكر أن نحو 20 ألف فقط من الماكثين في المدينة يعرفون "غير قانونيين") وهي بالتأكيد ليست مشكلة مقلقة أن استثنائية.

ومع ذلك يختار رئيس بلدية تل ابيب التوجه في رسالة قاسية جدا ("هذه السطور تكتب اليك بقلب مضنٍ ومتألم"، يكتب خولدائي ويستخدم كلمات "يأس"، "ضائقة"، "صرخة عميقة" والسكان "المسيبون من دولتهم") الى نتنياهو. رسالة قاسية ما بين سطورها واضح: ليس موضوع الهجرة غير القانونية هو الذي يقلق رئيس البلدية، بل هوية المتسللين. فلو كان طالبو العمل غير القانونيين نرويج أو سويد، لما كان رأى فيهم رئيس البلدية تهديدا حقيقيا.

إذا ما كان 100 ألف سائح امريكي يتخلون عن العودة الى بلادهم ويبحثون عن عمل في تل ابيب، ما كان خولدائي ليهرع الى نتنياهو بألم شديد بهذا القدر. دولة اسرائيل هي واحة صحراء اقتصادية وديمقراطية في قلب احدى المناطق الجغرافي – السياسية الاكثر اشكالية في العالم. حقيقة ان الدولة لا تعرف كيف تتصرف برأفة تجاه سكان ضعفاء وجيرة تسعى الى الانخراط في داخلها بسبب وضعها الممتاز، ليست جديدة. الحقيقة في أن رئيس بلدية في اسرائيل يتخذ خطوة واحدة الى الامام في الكشف عن السبب الحقيقي لعدم تسامح اسرائيل مع الظاهرة هي التي تثير القلق.

تثير القلق، لان السبب الحقيقي هو العنصرية. ذات العنصرية التي عانى منها شعب آخر، متنقل، يطلب اللجوء والملجأ، على مدى مئات السنين، الشعب الذي منه خرج رون خولدائي.