خبر نشوء وارتقاء الإسلام- معاريف

الساعة 09:08 ص|05 ديسمبر 2011

نشوء وارتقاء الإسلام- معاريف

بقلم: عاموس جلبوع

الاسم "الربيع العربي" ولد في وسائل الاعلام الغربية، تبنيناه عندنا، ويوجد قيد الاستخدام حتى اليوم. في أساسه قبع الامل الغربي في أن يكون العالم العربي يقف أمام شيء جديد، ايجابي جدا، لسقوط الدكتاتوريات ونشوء الديمقراطية. نحو سنة منذ تقرر هذا التعبير، يمكن القول انه وإن كان يدور الحديث عن الربيع الا انه ليس عربيا. أمامنا يزدهر ربيع الاسلام السياسي في الدول العربية. فقد أصبح هو الحزب السياسي الاكبر في المغرب وفي تونس، وبات يحظى بتمثيل معتبر  في اوساط الثوار في ليبيا، يوجد في موقف انطلاق ممتاز ليكون حزب الاغلبية في مصر ومن يدري ماذا يلد اليوم في الاردن وفي سوريا. بالنسبة لنا الدولة الاهم هي مصر.

كيف يحصل انه من داخل الهزة والفوضى يصعد ويحظى بالاغلبية الاسلام السياسي، ذاك الذي تمثله حركة الاخوان المسلمين، التي بدايتها وقوتها هما في مصر وفروعها في معظم الدول العربية؟

هناك ثلاثة أسباب مركزية لذلك: الاول – حقيقة ان حركة الاخوان المسلمين منظمة بمراتبية، مع تجربة تمتد الى سنين كمنظمة ذات انضباط متشدد لاعضائها. الثاني – البنية التحتية الاجتماعية والثقافية التي أقامتها المنظمة في المجتمع المصري (وفي كل دولة توجد فيها). والحديث يدور عن التعليم، الاغاثة، الصحة وعناصر اجتماعية واقتصادية اخرى تقدم بالمجان. هذا هو البديل لما لا تعطيه الدولة الام او تعطيه بالكاد وباسعار عالية. السبب الثالث – هو الايديولوجيا. حيال الضائقات اليومية، سياقات الحداثة والثقافة الغربية – يقول الاخوان المسلمون: الحل ليس في محاكاة الغرب. الحل يوجد في الاسلام، في قوانين القرآن وفي العقيدة الاسلامية الشفوية (الشريعة)؛ علينا أن نصل الى الحكم من خلال الانتخابات، نبني دولة الشريعة الاسلامية، نحرر الدول الاسلامية من نير الاحتلال الاجنبي، المادي والفكري على حد سواء.

وهذا يعني أيضا العمل على انهاء وجود دولة اسرائيل، التي هي مثابة احتلال أجنبي. علينا أن نوحد الدول الاسلامية في كيان واحد. علينا ان ننشر قيم الاسلام في العالم (الحركات الاسلامية الراديكالية تتبنى العنف ضد الانظمة العلمانية العربية مثلما ضد الاجنبية). هذه ايديولوجيا تتحدث الى العربي المسلم الذي تجربة حياته دينية أو الى المثقفين الذين يئسوا من الثقافة الغربية.

هذه الحركات الاسلامية كبحت وقمعت على ايدي الانظمة العربية للدول القومية. هذه الانظمة منعتها من ترجمة قوتها الحقيقية بين الجمهور الى قوة سياسية. بل انه في مصر حظر على الحركة ان تكون حزبا سياسيا. اما الان فقد حلت القيود، ويمكن للحركات الاسلامية أن تترجم شعبيتها الى قوة سياسية.

هنا نقف نحن اليوم، حيال السياق الجديد الذي بدأ فيه الاخوان المسلمون يشكلون قوة سياسية في الحكم. ينبغي ان نفهم: لا يدور الحديث عن ثورة بل عن بداية مسيرة نشوء وارتقاء طويلة، من الصعب توقع تطوراتها. عدم اليقين سيسيطر هنا تحت القبة.

ينبغي أن نسأل: ماذا تدعو اليه الصورة الحالية اسرائيل، ولا سيما حيال مصر؟ حرب ومواجهة لا تقفان في البوابة، واتفاق السلام لا يوشك على الالغاء في المستقبل المنظور. الحكم المصري الجديد سيكون خاضعا لاضطرارات كابحة للجماح، وعلى رأسها الحاجة الى أخذ المسؤولية، اطعام 85 مليون مواطن وادارة دولة. ماذا سيحصل إذن؟ اسرائيل ستوجد في محيط معادٍ، يمقت مجرد وجود دولة يهودية. السلام مع مصر والاردن سيكون أكثر برودة (ينبغي أن نذكر بان السلام صنعناه مع النظامين المصري والاردني وليس مع شعبيهما، اللذين واصلا مقاطعتنا). في هذا المفهوم دولة اسرائيل تعود عمليا الى ذات المحيط المعادي الذي كان لها بعد حرب الاستقلال، في 1948، ولكن هذه المرة أقوى بلا قياس من محيطها؛ محيط على اسرائيل ان تفعل كل شيء كي لا تستفزه، وفي نفس الوقت محيط سيكون ممكنا معه، أغلب الظن مثلما في الماضي بلورة تسويات عملية، فوق أو تحت الطاولة.