خبر « هذا التفاوض اللعين »- يديعوت

الساعة 09:06 ص|05 ديسمبر 2011

"هذا التفاوض اللعين"- يديعوت

بقلم: دوف فايسغلاس

"عودوا الى هذا التفاوض اللعين"، قال وزير الدفاع الامريكي، روبرت بانيتا في كلامه أمام منتدى سابان في نهاية الاسبوع. هذا تصريح شديد يعبر عن شيء من الغضب وخيبة الأمل بل ربما يعبر عن اليأس الذي تشعر به الادارة الامريكية من السلوك السياسي لاسرائيل عامة ومواقفها من الصراع الاسرائيلي الفلسطيني خاصة. وقد صرخ الوزير بانيتا من اجل تجديد فوري للتفاوض الاسرائيلي الفلسطيني لأنه هو ايضا يرى الرابط السيء الذي أخذ ينشأ بين ما يجري في العالم العربي وبين الصراع غير المحلول.

ان "الربيع العربي" هو فصل انتقال بين الديكتاتوريات التي استطاعت ان تحكم مخالفة ارادة الشارع احيانا، وبين الادارات "الديمقراطية" الجديدة: التي هي خائفة وضعيفة وواقعة بقدر كبير تحت سيطرة الشارع وقواه (المنظمة جيدا) من الاسلام المتطرف. كان الشارع العربي مصابا دائما بكراهية قوية لاسرائيل واليهود غير ان وزنه في صوغ السياسة الرسمية حتى الآن لم يكن كبيرا. والى ان جاء "الربيع" كانت مصر والاردن تريان السلام مع اسرائيل كنزا سياسيا ينبغي ألا يتم المس به. وفي ذرى الصراع العنيفة ايضا – الأحداث الدامية في الانتفاضتين الاولى والثانية وعمليات اسرائيلية كثيرة للردع والمجازاة وعمليات عسكرية كـ "السور الواقي" وحرب لبنان الثانية و"الرصاص المصبوب" – لم يتجاوز ردهما الكلام والاعادة المؤقتة للسفراء.

قد يتغير كل هذا في المستقبل. ان زيادة التأثير السياسي للكراهية ستفضي الى ان يكشف الحكم العربي أكثر من الماضي عن تفهم وحساسية وإشفاق على مشكلات الفلسطينيين، وأن يريد اظهار عمل حقيقي في هذا الشأن. ان التوتر الطاغي في العلاقات بين اسرائيل ومصر والاردن واتفاقات السلام التي أخذت تنتقض هي بدء دليل على هذه العملية.

ان المسار الموصوف آنفا قد يسبب ان تفقد اسرائيل جزءا كبيرا من قدرتها على العمل على مجابهة الارهاب الفلسطيني اذا تجدد، لا سمح الله. وسيتم وزن كل عملية عسكرية للردع أو للمجازاة، في حرص لئلا تُثور الشارع العربي "الربيعي". وستتعرض اسرائيل بسبب هذا لضغط دولي شديد أكثر مما في الماضي في كل ما يتعلق بعملها العسكري: فالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لا يودان ان يخسرا موطيء قدميهما في العالم العربي المتغير. وكل هذا سيمس بقدرة اسرائيل على الردع وبحرية العمل العسكري – الامني؛ ويكفي خلل عملياتي مثل قتل مواطنين خطأ كي يقضي قضاءا مبرما على ما بقي من اتفاقات السلام. وهذه مخاطرة يصعب على اسرائيل ان تتحملها.

وهذا الوضع المذكور آنفا سيسبب لاسرائيل ايضا صعوبة أخذت تكبر في ادارة شؤونها تجاه السلطة الفلسطينية: فكلما تمتعت هذه بدعم الشارع العربي المعادي لاسرائيل ستزيد قوتها وجرأتها على مساومة اسرائيل أو ربما على تهديدها ايضا. والمخاوف الاسرائيلية ولا سيما ما يتعلق باستمرار بقاء اتفاقات السلام قد تصبح في يد السلطة وسائل ناجعة لتفاوض صارم.

تريد السلطة الفلسطينية في تركيبتها الحالية تسوية سياسية بالشروط المعروفة جيدا منذ سنة 2000. وقد أثبتت نفسها بأنها ادارة أهل وذات مسؤولية في كل ما يتعلق بمنع الارهاب (أوليس هذا هو الشك الذي توجه على الفلسطينيين دائما بشأن عدم ارادتهم أو قدرتهم على القضاء على الارهاب). ستحسن الحكومة الصنع اذا أجرت مع السلطة بدل ان تفكر بصوت مسموع في نقضها، تفاوضا فوريا جديا لاحراز تسوية سياسية على أساس مخططات الماضي وهي معروفة جيدا: مبادرة كلينتون – باراك، ومباديء رسالة بوش الى شارون واقتراح اولمرت على أبو مازن.

يحسن فعل هذا الآن وفورا ما لم يُفسد "الربيع العربي" امكانية تحقيق مخططات التسوية التي بُحثت في الماضي. ان لاسرائيل مصلحة عليا في ازالة الشأن الاسرائيلي – الفلسطيني عن برنامج عمل العالم العربي قبل ان تتم سيطرة المتطرفين على حكوماتهم. وهذا ما قصد اليه الوزير بانيتا بكلامه؛ وربما اضطر الى الشتم من اجل ان يُفهم جيدا هنا في اسرائيل.