خبر الإذلال اليومي في « المعابر ».. هآرتس

الساعة 04:54 م|04 ديسمبر 2011

بقلم: عميره هاس

(المضمون: تصوير للذل والاهانة اللذين يجريان على الفلسطينيين حتى من مواطني اسرائيل على بعض الحواجز المقامة داخل الضفة الغربية - المصدر).

ان ما سيحدث فورا هو استغلال واعٍ للانتباه الى أمر التفتيش الامني المُذل الذي جرى على مصورة صحيفة "نيويورك تايمز" لنزي أداريو. من المعقول جدا انه لولا التقرير الاخباري في الاسبوع الماضي عن تجريد أداريو من ملابسها في حاجز إيرز واعتذار وزارة الدفاع، لما كُتبت هذه السطور الآتية. لن نكتب هنا عن الفائزة بجائزة بولتسر بل عن عاملة في بيت، فلسطينية مواطنة في اسرائيل وعما حدث لها في حاجز "شاعر الياهو" على اراضي محافظة قلقيلية المحتلة.

في التاسع من تشرين الثاني وصل الى صندوق البريد الالكتروني لمراقبة الحواجز "حاجز ووتش" الرسالة التالية من تلما (الأسماء في هذه المقالة مستعارة): "أريد أن أستعين بكن لمساعدة امرأة شابة تعمل في بيتي، جرى عليها في السادس من تشرين الثاني تفتيش داخلي مُذل في الحاجز. وتم التفتيش على يدي عاملة شركة الحراسة وبصورة فظة، كما تقول من جرى عليها التفتيش وراء ستاء في حين كان ناس كثيرون يمرون هناك. وهكذا وصلت حدفا، وهي نشيطة من رقابة الحواجز، الى المرأة الشابة نبيلة.

صعب على حدفا ان تثير اهتمام صحفي لها به صلة. وقد تركت رسالة مسجلة للموقعة أدناه وطلبت الاتصال بها. في يوم الاحد الماضي كانت الزعزعة والغضب ما يزالان ملاحظين في صوتها حينما تحدثت عن المارة من شاعر الياهو، وعن تبادلها للرسائل مع سلطة المعابر البرية. وترددت الموقعة أدناه. فقد بدا واضحا "لن يصدقوا" في جهة و "لن يهم هذا أي أحد" في الجهة الثانية – برغم انه يُثار في الاحاديث العادية دائما موضوع الاذلال في الحواجز. في يوم الثلاثاء الماضي في الساعة السابعة وعشر دقائق في الصباح اتصلت حدفا بتأثر: فقد تبين لها في الصفحة العاشرة في صحيفة "هآرتس" التقرير الصحفي عن أداريو. وألحت قائلة أليس هذا هو الوقت المناسب للكتابة عن نبيلة.

أجل.

عادت نبيلة وبناتها الأربع وهن مواطنات في اسرائيل من زيارة للزوج والأب وهو فلسطيني من الضفة. وهما متزوجان منذ 16 سنة وطلب لم الشمل في جمود. ان حاجز شاعر الياهو مخصص لمواطنين اسرائيليين ولقلة من الفلسطينيين يعيشون في المنطقة الرمادية بين الخط الاخضر وجدار الفصل.

قالت لي نبيلة في مكالمة هاتفية مساء الجمعة: انها دخلت هي وبناتها كالجميع أو مثل كل الفلسطينيين – الاسرائيليين على الأقل، الى غرفة تفتيش. ومررت الخمار الذي على رأسها وحقيبتها في آلة الكشف. لم يصدر صوت عن الباب الكهربائي المغناطيسي حينما مررن من خلاله. وسُمح لبناتها أن يعدن الى السيارة أما هي فنحوها جانبا. أُخذت منها بطاقة الهوية الزرقاء وطُلب اليها الانتظار. وبعد نحو من ربع ساعة سألت ماذا يحدث فأجابوها "إنتظري". وهكذا سألت مرة كل ربع ساعة لماذا التعويق وأُجيبت بأنه "لا يجوز التحدث معك".

في نهاية المطاف جاءت حارسة وأخذتها الى ركن في غرفة وأسدلت ستارا على اطارات كانت موجودة هناك. كم من القمصان تلبسين، سألت. وأجابتها نبيلة: اثنين، وطُلب اليها ان تنزع القميص الأعلى فنزعته. بعد ذلك طُلب اليها ان تنزع السراويل والقميص الآخر فنزعتهما. بعد ذلك تم تفتيشها بآلة كشف يدوية أصدرت صوتا. "أنظري انه المعدن في الصدرية"، أوضحت للمفتشة، ومع ذلك طلبت المفتشة أن تنزعها ايضا. "أهناك مشكلة؟ قولي لي"، وتحدثت بعبرية متدفقة. لكن المفتشة أجابت "أنا ممنوعة من الكلام"، وطلبت أن تنزع ايضا اللباس الداخلي والخمار. وماذا آنذاك؟ "آنذاك فعلت الحارسة ما يُفعل في فحص عند طبيب نساء"، قالت نبيلة في اختناق. "في المستشفى يطلبون إذنا. شعرت بأنني حيوان". كانت نبيلة دهشة لمجرد تجريدها ودهشة مما تلا ذلك. ومع خروجها وبعد ذلك ولمدة ساعة ونصف لم تستطع الكف عن البكاء.

توجهت حدفا من رقابة الحواجز برسالة خطية في الثاني عشر من تشرين الثاني الى سلطة المعابر البرية وهي وحدة ملصقة بوزارة الدفاع. وورد في رسالة الرد التي أُرسلت اليها في الواحد والعشرين من تشرين الثاني بصورة قاطعة أن "المسافرة لم تُجرد كما ولدتها أمها في أية مرحلة من مراحل التفتيش. وكذلك لم يُجر عليها أي فحص مهبلي".

وورد ايضا أن "السيدة فُتشت بحسب القوانين وتم استقبال اشارة اقتضت تفتيشا آخر. وقد طُلب الى السيدة بحسب التعليمات ان تدخل غرفة تفتيش جسدي لمتابعة التفتيش. وقد سُلمت السيدة تفسيرا يتعلق باجراء التفتيش الذي طُلب اليها ان تمر به قبل تنفيذ التفتيش. وفي اثناء التفتيش الذي تم على يد مفتشة رفيعة المستوى، تم استقبال إنذار من منطقة الصدر. فطُلب الى السيدة ان تنزع صدريتها في الوقت الذي بقي قميصها على جسمها وذلك للحفاظ على حشمتها. ان العاملين في سلطة المعابر يقضون الايام والليالي في الحفاظ على أمن اسرائيل الى جانب تقديم خدمة في الحد الاقصى للآلاف الذين يغشون معابر هذه السلطة كل يوم".

كلمة بازاء كلمة.

نبيلة ايضا عاملة داخل بيت عند شرطي في شرطة اسرائيل. حدثته عما حدث لها وأشار عليها ان تشتكي. لكنها لا تملك قوة نفسية لهذه الاجراءات، تقول. منذ ذلك الحين لم تتجرأ على العودة الى الحاجز وزيارة زوجها. لكنها تقول ان قلقها الرئيس منصب على بناتها والبكر منهن في الخامسة عشرة. "ما الذي يضمن لي ألا يُفعل بهن هذا؟ وكيف سيواجهن في هذه السن الصغيرة الحياء والاذلال؟ كيف سأعلمهن آنذاك أنه لا فرق بين البشر من اليهود والعرب؟".

ان "شاعر الياهو" هو حاجز كما نقول بسبب معارضة هذا القسم للكلمات المغسولة. ان "المعبر" مخصص للجميع. لكن المعبر في "شاعر الياهو" مطلق للمواطنين الاسرائيليين والسياح فقط. فلهم حرية الانتقال عن جانبي الخط الاخضر. أما الفلسطينيون سكان الضفة الغربية فلا يجوز لهم الخروج الى اسرائيل بصورة حرة. ومن كان يملك رخصة تنقل لا يجوز له ان يمر بالحاجز المخصص للاسرائيليين والسياح فقط. وكذلك فان "المعبر" يُحدث على عمد انطباع انه نقطة حدودية وليس كذلك. فشاعر الياهو مقام عميقا داخل ارض الضفة الغربية.