خبر الفيتو الأمريكي.. يديعوت

الساعة 04:54 م|04 ديسمبر 2011

بقلم: ناحوم برنياع

(المضمون: الأمريكيون يرفضون الخيار العسكري الاسرائيلي في المسألة الايرانية ويوجهون لاسرائيل انتقادات لاذعة في مجال تشريعاتها وسلوكها في المناطق -  المصدر).

الرسالة التي تنشأ عن مداولات محفل سبان في واشنطن في نهاية الاسبوع قاطعة وواضحة: الادارة الامريكية تعارض بشدة البرنامج النووي الايراني – ولكن بذات الشدة تعارض هجوم عسكري اسرائيلي. الصراع ضد النووي الايراني يجب أن يكون دبلوماسيا واقتصاديا وملزم بان يكون منسقا. كل عمل اسرائيلي احادي الجانب سيصطدم بمعارضة امريكية حازمة.

وزير الدفاع الامريكي ليئون بانيتا أوضح الرسالة في خطاب علني، في بداية مداولات المحفل مساء السبت. آخرون كرروا ذات الرسالة في مداولات مغلقة واحاديث خاصة. "كل الخيارات على الطاولة"، يضيف ممثلو الادارة في ختام كل حديث هدفه اقناع اسرائيل بنسيان عملية عسكرية. على الطاولة، ولكن ليس في المنشآت النووية الايرانية.

ادارة اوباما تؤمن بالعقوبات. فهي تجعل من الصعب على ايران شراء معدات لازمة للمشاريع النووية، وتخلق ضغوطا داخلية تضعضع النظام. وهي تعزل ايران في الساحة الدولية. أحد لا يؤهم نفسه بان هذه الخطوات ستقنع حكومة آيات الله بوقف المشروع، ولكن وزير الدفاع الامريكي ونظراءه لم يتركوا مجالا للشك: ايران نووية، بكل المخاطر التي لها على المنطقة، على اسرائيل وعلى العالم، افضل في نظر الادارة من هجوم عسكري، يؤدي بتقديرها الى حرب اقليمية، أزمة اقتصادية عالمية ووحدة العالم الاسلامي والعربي خلف ايران.

سيكون من الصعب الوصول الى توازن

على فرض ان ايران ستصل في نهاية المطاف الى سلاح نووي، السؤال الذي يبرز هو هل ايران واسرائيل قادرتان على الوصول الى وضع افتراضي من الردع المتبادل: اذا كان بوسعهما، مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في عهد الحرب الباردة، أن يريا في النووي مجرد وسيلة للردع وسلاح معد للدفاع فقط، وفقط في الوضع الاكثر تطرفا، كوسيلة أخيرة.

التقديرات غير متفائلة: الدولتان مختلفتان في جوهرهما: اسرائيل صغيرة وذات ترسانة سلاح كبيرة، كما يزعم. ايران كبيرة، ذات تطلعات بالتوسع، ومخزون سلاحها في بدايته. في مثل هذا الوضع من الصعب جدا الوصول الى توازن.

الاسرائيليون الذين تحدثوا في الموضوع الايراني، وعلى رأسهم رئيس الاركان السابق اشكنازي ورئيس الموساد السابق دغان، دعوا الولايات المتحدة واسرائيل الى العمل في كل سبيل ضد النووي الايراني – باستثناء الحرب.

ولما كان ايهود باراك وافيغدور ليبرمان الغيا حضورهما، فلم يسمع في المداولات ناطق اسرائيلي يؤيد هجوما عسكريا على ايران. ومع ذلك فقد برزت الفجوة بين الاسرائيليين والامريكيين. الاسرائيليون دعوا الادارة الامريكية الى تشديد العقوبات احادية الجانب، بما في ذلك مقاطعة تصدير النفط من ايران، مقاطعة البنوك الايرانية وأعمال سرية شاملة لضعضعة النظام واستبداله. وحذر الامريكيون من مقاطعة النفط في فترة أزمة اقتصادية في العالم ونقص النفط سيؤدي الى رفع كبير للاسعار. وادعوا بان اعمالا احادية الجانب من أمريكا لن تحدث تغييرا في سياسة النظام ولن تؤدي الى استبداله.

حزبيون، ليس سياسيين

فضلا عن الموضوع الايراني، فان ادارة اوباما قلقة بسبب انعدام المسيرة السياسية، وتلقي بقسم من الذنب على سياسة حكومة نتنياهو. الادارة تفهم بان صعود القوى الاسلامية لا ينبع من الشرخ بين حكومة اسرائيل وحكومة ابو مازن. ولكنها تنظر بقلق الى السياسة الاسرائيلية تجاه ابو مازن - ولا سيما تأجيل تحويل الاموال الى السلطة – تجاه الاردن وتجاه تركيا.

تركي هي موضوع أليم على نحو خاص. فالادارة مقتنعة بان اسرائيل اخطأت المرة تلو الاخرى في علاقاتها مع تركيا – حقيقة انها لم تعد اردوغان لاحتمال بان تهاجم اسرائيل غزة. الاصرار على مواصلة الاغلاق المهين على غزة، النتائج العسيرة للهجوم على سفينة مرمرة ورفض اسرائيل الاعتذار، رغم أن اسرائيل حظيت باعتراف دولي شرعية الهجوم ورغم أن اسرائيل اعتذرت دون صعوبة للمصريين في أعقاب العملية على الطريق الى ايلات.

 كما أن الطرف التركي ليس نقيا من الانتقاد: برأي الامريكيين الطرفان يتصرفان كحزبيين يرغبون في ان ينتخبوا، وليس كسياسيين يسعون الى الحل.

انتقاد على التشريع

محظور علينا أن نتشوش: الادارة لن تفعل شيئا في الموضوع الفلسطيني حتى الانتخابات في أمريكا في تشرين الثاني، ولا في مواضيع اخرى ايضا، باستثناء ايران. ولكن الانتقاد الذي يطلقه مسؤولوها، من وزير الدفاع ووزيرة الخارجية فما دون، في المداولات المغلقة هنا عسير وشديد: كيف يمكن لاسرائيل أن تنكل بجمعيات حقوق الانسان. كيف يمكنها أن تدع النساء يسافرن في خلفية الباص، كيف يمكنها أن تدع المستوطنين يقتلعون اشجار الزيتون للفلسطينيين. هذه امور قاسية.

الانتقاد الامريكي على اسرائيل هو جراح حبيب: فيه خيبة أمل أكثر مما فيه من غضب، أسف أكثر من شجب. عندما أوشك الائتلاف الحالي على اقرار سلسلة قوانين ضد منظمات حقوق الانسان توجه الامريكيون بهدوء لنتنياهو وأوصوه باعادة النظر. في نهاية المطاف تراجع – بسبب العاصفة الجماهيرية في البلاد، بسبب الضغط الامريكي، بسبب تهديد دان مريدور مغادرة الحكومة. المذاق الذي بقي في واشنطن كان مريرا. الادعاء هو أن السلوك الاسرائيلي يجعل من الصعب على امريكا الدفاع عن اسرائيل في الساحة الدولية.