خبر عن عدم الفهم الامريكي.. اسرائيل اليوم

الساعة 04:52 م|04 ديسمبر 2011

بقلم: يوسي بيلين

(المضمون: يوجد في اراضي السلطة الفلسطينية تنسيق امني رائع بين قوات الامن الاسرائيلية والاخرى الفلسطينية. لكن تجميد المساعدة الامريكية للسلطة سيضر بمصالح الطرفين جميعا ويُظهر السلطة بمظهر المتعاون مع اسرائيل على حفظ أمنها كما كان يفعل جيش لبنان الجنوبي - المصدر).

كان شأن جيش لبنان الجنوبي من الشؤون القبيحة في تاريخ أمننا. كان ذلك في ظاهر الامر تعاونا مطلوبا بين اسرائيل التي كانت غرضا لاطلاق منظمة التحرير الفلسطينية النار عليها في البدء وحزب الله بعد ذلك اللذين وجدا في جنوب لبنان وأطلقا النار على الجليل، وبين مجموعة من الشباب المسيحيين لم يروا بقاءا للنشاط المعادي لاسرائيل وانشأوا عصابة مسلحة مولتها اسرائيل.

نشأ في واقع الامر وضع غير ممكن وجدت اسرائيل فيه نفسها مسؤولة، بحق أو بغير حق، عن اعمال جيش لبنان الجنوبي (مثل تعذيب سجناء في سجن الخيام)، وهو جيش لم تكن سلسلة القيادة والمسؤولية فيه واضحة. بعد ذلك أصبحنا أسرى في لبنان خشية أن نُخيب أمل جنود جيش لبنان الجنوبي الذين خشوا ان يذبحهم اللبنانيون الذين رأوهم متعاونين مع اسرائيل، اذا انسحبنا من لبنان. وبعد الانسحاب من جنوب لبنان، وبعد ان استقر رأينا ايضا على استيعاب آلاف منهم في اسرائيل ظلوا يرون أننا خُناهم وتخلينا عنهم.

توشك ان تحدث في الضفة قصة مشابهة بمساعدة عدم الفهم الامريكي. ففي السنين الاخيرة درب الامريكيون (ونذكر عمل الجنرال دايتون الجيد) قوات امنية فلسطينية كي تستطيع ان تضبط القانون والنظام في الدولة المستقبلية. وقد أحدثت التدريبات وضعا جديدا: فبعد سنين من استصعاب الفلسطينيين ضمان الهدوء في الضفة وعدم القدرة على مجابهة عناصر عنيفة معادية لاسرائيل، نشأ هدوء؛ وتنسيق أمني لم يكن له مثيل مع قواتنا الامنية. ولا يتمدح الطرفان بالتعاون: أما الجانب الاسرائيلي فلأنه لا يريد أن يعطي فرصة لزعم ان الفلسطينيين يدافعون عنا، والعياذ بالله، وأما الجانب الفلسطيني فكي لا يظهر بمظهر المتعاون مع الصهاينة. لكن هذه حقيقة. فالحديث عن واحد من التطورات المثيرة للاهتمام وغير المتوقعة في الشأن الاسرائيلي الفلسطيني، وهو لا يشبه شأن جيش لبنان الجنوبي لأن الحديث عن تدريب قوات الامن الفلسطينية لا عن عصابة مسلحة من أبناء طائفة أو قبيلة ما.

لكن يبدو في الاشهر الاخيرة ان امريكا تحاول، بالقوة تقريبا، ان تجعل التنسيق تعاونا يشبه ما حدث مع جيش لبنان الجنوبي: ففي 2009 استقر رأي مجلس النواب الامريكي على ان يحول لجهات مختلفة تعمل في اراضي السلطة 800 مليون دولار بواسطة الوكالة الامريكية للتطوير الدولي؛ واستقر رأي إيلينا روس – لتينين، رئيسة لجنة الخارجية التابعة لمجلس النواب الامريكي وهي جمهورية متشددة ترى نفسها صديقة واضحة لاسرائيل، على أن تجمد الاموال لمعاقبة الفلسطينيين على محاولتهم الحصول على اعتراف بهم في الامم المتحدة. وكانت اسرائيل خاصة هي التي رفعت صوتها بالصراخ، فان جزءا من الاموال كان يرمي الى تعزيز قوات الامن التي تنسق معنا! ماذا فعلت السيدة؟ أطلقت عن 200 مليون دولار خُصص ثلاثة أرباعها لـ "قوات دايتون".

يجري الآن جدل في السلطة في أنه هل تُستعمل هذه الاموال أو يتم التخلي عنها الى ان يُطلق ايضا عن الاموال الاخرى التي خُصصت للتربية والصحة والتطوير الاقتصادي. وتدعو اصوات كثيرة في الضفة القيادة الى التخلي عن المال كي لا تُدفع الى وضع تكون فيه جميع المجالات الاخرى جامدة وتتلقى السلطة الفلسطينية في مجال الامن وحده ميزانية امريكية لضمان الهدوء مع اسرائيل. من كان يرى نفسه صديقا لاسرائيل في امريكا، يجدر به ان يستمع لهذه الاصوات وألا يُحرج القيادة الفلسطينية وألا يُحرج اسرائيل وأن يفهم ان آخر أمر نحتاج اليه هنا هو جيش جنوب لبنان الثاني.