خبر الربيع الأخير.. يديعوت

الساعة 04:50 م|04 ديسمبر 2011

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: تخشى الكاتبة المختصة بالشؤون العربية ان ينضم السلفيون الى الاخوان المسلمين في مصر ليؤلفوا سلطة اسلامية الطابع تكون مشكلة رهيبة فظيعة بالنسبة لاسرائيل - المصدر).

ان "عمارة يعقوبيان"، وهي الرواية المزعزعة التي كتبها طبيب الاسنان القاهري علاء الأسواني نفخت في أبواق التحذير قبل تسع سنين. ففي سيناريو نبوئي عما يحدث الآن في مصر، اختار الأسواني ان يحصر عنايته في مبنى واحد في القاهرة. ووصف بأسلوب تصويري الفرق الاجتماعي العميق بين الاغنياء والفقراء المدقعين، وبين المحظوظين في الشقق الفخمة التي تثير الحسد وبين الباعة والمتسولين الذين اضطروا الى الازدحام فوق السطح.

حلم واحد منهم وهو طه، ابن بواب المبنى ان يكون شرطيا وان يكسب أجرة ثابتة وان يغير مصيره البائس. وقد تميز طه في دراسته وحضر لامتحان دخول مدرسة الشرطة وطُرد بفظاظة لأنه لم يكن من اولاد الذوات ولم يستطع ان يدفع رشوة، وتوجه الى المسجد يائسا ووقع بين أذرع "السلفيين" من اعضاء الحركة السرية المتطرفة الذين أرسلوه الى معسكر تدريب في الصحراء ليُعد عملية ارهابية على "الكُفار" في رأس هرم السلطة في مصر. حينما قرأت، صعب علي أن أصدق كيف جازت عمارة يعقوبيان مقص الرقابة الرئيسة في مصر في عهد مبارك، في الوقت الذي لم تحجم فيه الشخصية المركزية التي منحها الأسواني الاسم الشيفري "الكبير" عن أخذ الرشوة بمبالغ خيالية، والزج بمواطنين أبرياء في السجون والوطء القاسي لكل ما يتصل بحقوق المواطن. أبغض "الكبير" دُعاة التيار الاسلامي وخشي قوتهم الصاعدة وأصدر أمرا باطلاق النار للقتل أو الزج بهم سنين طويلة في السجون.

في نهاية هذا الاسبوع بعد تسعة اشهر من خلع "الكبير" مبارك ظهر "السلفيون" مرة واحدة في وضح النهار. مع كل الاحترام للديمقراطية ولـ "الربيع المصري"، أهمل شخص ما الحراسة بما أفرح آيات الله في طهران. ان السلفية هي الذراع المسلحة الشديدة الايمان الأعمى بالاسلام "الاصولي" و"الصحيح" التي تأخذ القرآن بمعناه الحرفي بغير التفسيرات المخفِّفة التي ترمي الى جعل المؤمنين بدين محمد معتدلين وناس العالم الكبير ومتصلين بالقرن الواحد والعشرين. ان السلفية بالعكس من ذلك وهي التي نجم عنها التيار الوهابي المتشدد في السعودية وحركة حماس والذراع العسكرية عز الدين القسام ومنظمة القاعدة الارهابية في افغانستان، تقسم العالم الى أخيار وكُفار وتعلن الجهاد لكل من يوالي الانفتاح والتسامح. نزل السلفيون تحت الارض في مصر سنين طويلة بعد ان اغتالوا الرئيس السادات وحاولوا ست مرات على الأقل قتل مبارك "الكافر".

عرف السلفيون كيف يستغلون شهور الاضطرابات التسعة في ميدان التحرير كما يجب لضمان فوز مدهش. وقد تمت الحملة الانتخابية من داخل 4 آلاف مسجد ولم تشوش اجهزة مباحث أمن الدولة المصرية على تجنيد اموال ومتطوعين في الميدان. وبعمل منظم انتقلوا من حي الى حي ومن زقاق الى زقاق واعدين بأن "الله وحده هو الحل".

ان حركة الاخوان المسلمين في مصر التي نشأت عن السلفية تبدو اذا قيست بهم مثل حلم لذيذ: فالاخوان يوافقون على التعاون مع العلمانيين أما السلفيون فلا. وقد كشفت صور تنقلت في وكالات الانباء الدولية في الاسبوع الماضي لاول مرة عن النساء اللاتي جئن للانتخاب لمجلس الشعب في حين كانت الخُمر والنُقب السوداء كما في افغانستان وقفازات الحشمة تلفهن من أخماص أقدامهن الى أعلى رؤوسهن. وقد أقسم السلفيون على ان يعيدوا النساء الى مكانهن "الطبيعي" في البيت، وتولي جميع الوظائف المؤثرة في السياسة والاقتصاد والتربية والرفاه، ومنع إسماع الموسيقى وازالة المظلمة التي وقعت على الاسلام "الصحيح" في السنين الطويلة من عهد مبارك.

ان نشر نتائج التصويت أمس في الجولة الاولى من الانتخابات (من بين ثلاث جولات) في مصر يرسم سيناريو رعب: لأنه اذا انضم السلفيون الذين فازوا بـ 20 في المائة الى الاخوان المسلمين الذين أحرزوا 40 في المائة واذا زاد تأييدهم أكثر في جولتي الاقتراع المخطط لهما فلن يساعد عمرو موسى حملات تجنيد الاصوات استعدادا للاقتراع على الرئاسة. ويستطيع هو ومحمد البرادعي ايضا ان يرميا بالويسكي والسجائر ويكفا عن الحلم.

ان الخروج من خزانة الاسلام المتطرف يفسر سلسلة تفجيرات أنبوب الغاز في سيناء، والانقضاض العنيف على النساء في ميدان التحرير من الاجنبيات والمحليات، والاختفاء الغامض للشباب الذين يلبسون بنطالات الجينز لمصلحة أصحاب اللحى الطويلة والعيون التي تتقد بالتطرف. اذا تولوا السلطة في الدولة العربية الكبرى، جارتنا، فستكون مشكلة فظيعة.