خبر الاخوان المسلمون والاخوان اليهود- هآرتس

الساعة 10:04 ص|01 ديسمبر 2011

الاخوان المسلمون والاخوان اليهود- هآرتس

بقلم: آري شبيط

 (المضمون: يشبه الكاتب صورة اسرائيل اليوم بما يجري على العالم العربي اليوم فهي صائرة الى هيمنة القوى الدينية المتطرفة اذا لم يتحد العلمانيون المتنورون لمجابهتها- المصدر).

أصبحت الصورة واضحة بعد عشرة اشهر من بدء الهبة العربية الكبيرة وهي ان الله انتصر. واختفى شباب "غوغل". واختفى المثقفون الليبراليون. واختفى اولئك الذين وعدونا بالمساواة والأخوة والحرية.

لم نحصل على الثورة الامريكية في 1776 ولا على الثورة الفرنسية في 1789، حتى ولا على الثورة المخملية شرق الاوروبية في 1989. والثورة العربية في 2011 هي ثورة دينية. والاسلام هو القوة التي تحل محل النظم الاستبدادية العلمانية للضباط العرب الفاسدين. ولا يوجد في الأفق مارتن لوثر كينغ ولا المهاتما غاندي ولا فاتسليف هافل. ونتيجة قرار الرئيس براك اوباما على أن يطعن الرئيس حسني مبارك في ظهره هي واحدة ووحيدة، وهي اخراج الجنّي المتدين من قمقم الشرق الاوسط. الله يعود برعاية الغرب المتهاوي، والله يحكم والله "يستر".

لكن الله ليس وحده: فرب الجيوش يعود ايضا. وهو يعود بتفضيل صف من مطلقي النار على نشيد النساء، ويعود بحظر العرض على الملأ لصور النساء، وبالفصل بين الذكر والانثى في كل مكان عام. ان متطرفي الله اليهود يخرجون الآن في هجوم وجها لوجه على الأقلية وعلى الفرد وعلى حقوق الانسان. وهم يحاصرون المحكمة العليا والصحافة الحرة والمجتمع المفتوح.

هناك طوفان لم يسبق له مثيل من العنصرية على العرب وكراهية العلمانيين واضطهاد النساء يهدد بجعل اسرائيل المتنورة اسرائيل الظلامية. وفي حين يحتارون هنا هل يجب على اسرائيل ان تقصف ايران، يوجد من يحاولون جعل اسرائيل ايران. ان ما يُحدثه الاخوان المسلمون في تونس وليبيا ومصر والاردن وسوريا، يريد الاخوان اليهود إحداثه في دولة اليهود. وفي الوقت الذي تنهار فيه الحداثة العربية، تتصدع الحداثة الاسرائيلية. الله يعود والله يحكم والله عظيم.

يجب ألا ننساق: فهناك فرق عظيم بين الظاهرتين. فالحديث في العالم العربي عن ظاهرة أكثرية، والحديث في دولة اسرائيل عن ظاهرة أقلية. وفي العالم العربي يتولى التطرف زمام الحكم، وفي اسرائيل يقضم التطرف هوامش الحكم.

والاسرائيليون بخلاف العرب هم مواطنو ديمقراطية ليبرالية ما تزال تحترم حقوقهم وحرياتهم. لكن توجد اشياء مشتركة بين الظاهرتين ايضا، فالعالم العربي والشعب اليهودي ايضا لم تجرِ عليهما ثورة العلمنة المنظمة التي جرت على اوروبا النصرانية. وفي البلدان العربية وفي اسرائيل ايضا لم يتم فصل حقيقي بين الدين والدولة، فالمسجد والكنيس لم يُبعدا عن السياسة ولهذا بقي عنصر ديني عميق في الهوية العربية وفي الهوية اليهودية ايضا.

وهذا السبب الذي يؤدي الى ان يكون الرد حينما تنهار القومية العربية العلمانية هو العودة الى الله. وحينما تنتقض القومية اليهودية العلمانية يكون الرد العودة الى رب الجيوش. فالعرب والاسرائيليون ايضا يعودون الى ماض مظلم حاولوا الهرب منه.

يفترض ان يفهم بنيامين نتنياهو وجدعون ساعر ويوفال شتاينيتس وتسفي هاوزر، ما يحدث. ويفترض ان يفهموا أنهم يلعبون بالنار. ان الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها اسرائيل ان تواجه الطوفان الاسلامي الذي يوشك ان يُغرقها هي طريقة التنور. اذا كنا فقط دولة تقدم فسنستطيع ان نحمي أنفسنا. لهذا ليس حصان طروادة الذي في داخلنا هو اليسار بل الأصولية الدينية. لكن الحكومة الوطنية في الظاهر هي التي تفتح الأبواب لحصان طروادة. والحكومة الوطنية في الظاهر هي التي تضعف اسرائيل وتضعضع أسس وجودها.

حان الوقت ليفهم اليمين العلماني أنه اذا تحولت اسرائيل الى إسران، فلن يكون لها أي أمل. ستنتقض عُراها من الداخل وتُبتلع في الظلام الديني الاقليمي. والطريق الوحيد لابقاء المشروع الصهيوني هو العودة الى قيمه الأساسية وهي التقدم والتقدم والتقدم. لكن لفعل هذا ينبغي تغيير الخريطة السياسية من الأساس. وينبغي التغلب على رواسب الماضي ومشاحنات الماضي والعمل بصورة مشتركة. من الواجب ان يتحد الصهاينة المتنورون في مواجهة الله وفي مواجهة رب الجيوش.