خبر التاريخ إياه، أتذكرون؟ -معاريف

الساعة 10:02 ص|01 ديسمبر 2011

التاريخ إياه، أتذكرون؟ -معاريف

بقلم: روبيك روزنتال

 (المضمون: سهل جدا النسيان بانه في التاسع والعشرين من تشرين الثاني قررت الامم المتحدة إقامة دولتين، ولكن هذا هو أحد الدروس الهامة لذات التصويت التاريخي - المصدر).

في استعادة تاريخية لذكرى أحداث التاسع والعشرين من تشرين الثاني في القدس والتي وثقها التلفزيون، سُئل الاطفال الذين شاركوا في المناسبة عن ذاك اليوم. وكما كان متوقعا، خلطوا هرتسل والملك داود ووضعوا الحدث في مكان ما في أواخر الستينيات من القرن الماضي. بالنسبة لمعظمهم اختلط الحدث باعلان الدولة، بينما عنوانه التاريخي – إقرار مشروع التقسيم في الامم المتحدة – بدا، في أفضل الاحوال كحملة توزيع جيل جديد من الأيفونات.

ما تبقى من التاسع والعشرين من تشرين الثاني هو الرقص. فقد كان الرقص في الذاكرة الوطنية عاصفا أكثر منه في يوم الاعلان عن الاستقلال، الخامس عشر من ايار بل وعاصفا أكثر من يوم الفوز على فريق ستسكا الروسي في موسكو في 1977. اعلان الاستقلال جاء في منتصف حرب مضرجة بالدماء، وفيرة الثكل. اما التاسع والعشرين من تشرين الثاني، فكان نهاية عهد الصراع ضد البريطانيين، قبل لحظة من الحرب الكبرى المستمرة مع توقفات حتى يومنا هذا، ولا تبدو لها نهاية.

فضلا عن الفرحة الكبرى، فان الجلوس الى جانب البث الاذاعي وتسجيل الدول التي تصوت مع وضد، نسي تماما الدرس المركزي للتاسع والعشرين من تشرين الثاني 1947: دولة اسرائيل هي جزء من العالم، هي جزء من المنظومة العالمية، هي جزء من الخطوة التاريخية للحركات القومية التي تجسد حلمها التاريخي، جزء من الامم المتحدة. لا يمكن فصل التاسع والعشرين من تشرين الثاني عن صورة الامبراطورية البريطانية التي هجرت في تلك السنين أقاليم كبيرة وهامة أكثر من فلسطين – أرض اسرائيل. درس التاسع والعشرين من تشرين الثاني هو أيضا الاعتراف بالقوة المحدودة للشعب الذي يكافح في سبيل حريته. فالى جانب الحرب، كان على القيادة الصهيونية في ارض اسرائيل ان تعقد ائتلافا، ان تختار حلفاء، أن تخفف حدة الخصوم، أن تستغل المزايا الاستراتيجية.

التاسع والعشرين من تشرين الثاني كان يرمز في حينه إلى حقيقتين تاريخيتين هامتين بدونهما لا يمكن فهم واقعنا اليوم. الأولى هي الاعتراف الدولي في حق اليهود بالراحة والسكينة. كان هذا مثابة منح عفو وكفارة من دول العالم على مئات سنوات اللاسامية والاضطهاد، وبالتأكيد على الكارثة. لم يكن بوسع أي أمة تقريبا، وبالتأكيد في اوروبا الا تشعر بالتحلل من الدين الذي كان لها للشعب اليهودي. أما الحقيقة الثانية، التي ترتبط بالاولى، فهي الضرورة التاريخية الواضح لتقسيم هذه الارض الاقليمية الصغيرة، أرض اسرائيل بين الشعبين. في اليوم الذي اعترفت فيه الامم المتحدة بحق الشعب اليهودي بأرض اقليمية، إعترفت بحق الشعب الآخر الجالس هنا، عرب فلسطين، في دولة. مبدأ الدولتين للشعبين لم يولد في خطاب بار ايلان. ولد في التاسع والعشرين من تشرين الثاني.

هذان الدرسان معقدان أكثر من حيث نقلهما من جيل الى جيل. ليس صدفة أن اختلط التاسع والعشرين في ضباب التاريخ بالخامس عشر من ايار، اليوم الذي أعلن فيه بن غوريون في خطوة جريئة، عبقرية ولكن من طرف واحد عن اقامة دولة اسرائيل. الخامس عشر من أيار أدار الظهر للتاسع والعشرين من تشرين الثاني، ولكنه ما كان ممكنا بدونه.

دروس التاسع والعشرين من تشرين الثاني ليست جزءا من التراث الاسرائيلي. ليس مريحا لنا التفكير في الايام التي فرحنا فيها جدا على كل تصويت الى جانب الدولة تأييدا لحقنا في البلاد. ليس مريحا لنا التفكير في الايام التي كان فيه التقسيم الواضح للارض الاقليمية للشعبين من نصيب العموم، وأحد لم يشكك فيه من الداخل ومن الخارج – باستثناء العربي الذي انطلق الى الحرب. التاسع والعشرين من تشرين الثاني فقدَ مفعوله، وهكذا أصبح حرب الايام الستة، التي أدارت الظهر نهائيا للتاسع والعشرين من تشرين الثاني اليوم الأهم في تاريخ المشروع الصهيوني في نظر أجزاء كبيرة من الاسرائيليين، وفي نظر الآخرين، مصيبته الكبرى.