خبر إخفاق مضاعف- يديعوت

الساعة 09:10 ص|30 نوفمبر 2011

إخفاق مضاعف- يديعوت

بقلم: البروفيسور يوسي شاين

رئيس خطة آبا ايبان للدبلوماسية في جامعة تل ابيب

ان القوة والاخلاق هما عنصران يكمل بعضهما بعضا في معادلة القوة في الدول الديمقراطية. وهذه المعادلة في اسرائيل حرجة على وجه خاص. لاسرائيل تفوق عسكري واخلاقي مهم على أعدائها الذين لا يُخضعون أنفسهم للامتحان الاخلاقي. لكن اسرائيل في ازمة اخلاقية في كل ما يتعلق بالمستوطنات والسيطرة على الفلسطينيين حتى لو قبلنا افتراض انه لا يوجد "شريك في السلام". لهذا ينبغي ان يُبذل كل جهد لا لتعزيز قوة الردع العسكري فقط بل قوة الصمود الاخلاقي للدولة.

ان منعة اسرائيل الاخلاقية في نظر كثيرين من أنصار الدولة مشتقة قبل كل شيء من الحفاظ على قيم الديمقراطية؛ وفي هذا الشأن تحتاج اسرائيل احيانا الى احترام مباديء ديمقراطية تتجاوز حتى المعايير المستعملة في العالم الحر. والمحكمة العليا في اسرائيل تسهم اسهاما مهما في صورة الدولة باعتبارها حامية الديمقراطية. وعلى ذلك فان المس والاضعاف لقضايا الديمقراطية في اسرائيل في سياق التطرف الحريدي أو الديني القومي وفي مسائل دستورية، هما خطر على صورة اسرائيل وعلى الامن القومي.

ان "قانون تحديد التبرعات لجمعيات من دول اجنبية" يثير تساؤلات تتعلق بمقدار الحريات الديمقراطية التي يجب ان تكون في مجتمع مدني مفتوح. وهذا موضوع يثار ايضا في دول ديمقراطية اخرى في سياق الاموال التي تحول الى جمعيات اسلامية.

وفي المبدأ فان مجتمعا مدنيا فوارا وحريات مدنية هما بطاقة زيارة ممتازة للديمقراطية الاسرائيلية باعتبارها نظاما مدنيا لتوازنات وكوابح في مواجهة قوة الساسة. ويُنظر الى المجتمع المدني دائما تقريبا بأنه العنصر الذي يقوي الأساس الديمقراطي للدولة. وبرغم أنه يجب على المجتمع المدني ان يُعبر عن تنظيمات تطوعية داخلية فلا شك أنه توجد في اسرائيل ايضا جهات كثيرة ينبع عملها من تنظيمات في خارج البلاد.

كتب البروفيسور شلومو افنيري مؤخرا ان "ما نسميه مجتمعا مدنيا في اسرائيل هو (احيانا) تعزيز لمصالح سياسية تأتي من خارج دولة اسرائيل"، ففي حين يأتي جزء كبير من الدعم الذي يتلقاه اليمين المتطرف في الدولة من جهات يهودية في الجاليات ومن داعمين من غير اليهود، تأتي التبرعات لليسار الاسرائيلي في الجانب الثاني من القوس السياسية من جهات اوروبية وغيرها تدفع الى الأمام ببرامج عمل مختلف فيها بل معادية للصهيونية. ولهذا وكما يكتب افنيري "تعبير "مجتمع مدني" في دولة اسرائيل ليس تعبيرا نقيا". برغم هذا وبسبب مشكلة الشرعية الشديدة وامتحان الديمقراطية، من المناسب لدولة اسرائيل ان تبذل كل جهد كي تستوعب حتى جهات "اشكالية" في اليسار. وكل عمل لتقييدها يقتضي مساواة في السلوك مع تبرعات لليمين.

يجب ان يكون السياسي القادر على صوغ التوازن الصحيح بين القوة والاخلاق كما كتب هنري كيسنجر في المدة الاخيرة: "ذا رؤيا بعيدة المدى، يؤلف بين خبرة فنان وفيلسوف، ويدبر الدقائق مواجها اوضاعا لا يقين فيها من اجل حصر العناية في فن الممكن لصالح الهدف الكبير، وعن ادراك انه ينبغي قبول مصالحات ضرورية". والقيادة الاسرائيلية اليوم تفشل في مهمة تقوية الجانب الاخلاقي في معادلة قوة الدولة. وهذا الاخفاق مضاعف؛ للسلوك في مسألة المستوطنات واليمين المتطرف والحفاظ من جهة اخرى على الديمقراطية الاسرائيلية وصوغها. يجب على القادة ان يدركوا انه ينتظرهم ان يُبينوا عن تصميم على علاج العنف القومي وعن تسامح مع حريات الديمقراطية الاسرائيلية حتى لو تجاوزت احيانا المعايير المستعملة في دول غربية اخرى. ان الحفاظ على القيم الديمقراطية والصورة الديمقراطية للدولة  باعتبارها ذخرا اخلاقيا في صراعاتها الدولية شرط ضروري لأمنها القومي.