خبر بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني >>عريب الرنتاوي

الساعة 08:47 م|29 نوفمبر 2011

بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني >>عريب الرنتاوي

إن لم يكن التاسع والعشرون من تشرين الثاني/نوفمبر، يوماً لتضامن الفلسطينيين مع أنفسهم وقضيتهم، فمن غير اللائق أن نطلب إلى شعوب العالم ودوله، أن تخرج في مثل هذا اليوم من كل سنة، للتعبير عن تضامنها مع كفاح شعب فلسطين من أجل الحرية والاستقلال.

 

لقد دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها رقم (32/40 ب) الصادر العام 1977، للاحتفال في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، متخذة من ذكرى صدور قرار التقسيم رقم 181 في نفس اليوم من العام 1947 مناسبة للتذكير بـ"الدولة الغائبة"... وقد جاءت أزمنة كان فيه هذا اليوم، مناسبة لتجديد شباب وحيوية حركة التضامن الدولي مع شعبنا العربي الفلسطيني وقضيته المركزية، إلى أن أصبح مناسبة عابرة، يحتفى فيها بصورة بروتوكولية ضيقة، ولست أدري إن كان أحدٌ ما زال يذكر هذا التاريخ وذاك القرار.

 

الذكرى هذه السنة تأتي في ظروف مغايرة... ربيع العرب يجتاح دولاً ومجتمعات عديدة، وهو زاحف في طريقه نحو دول ومجتمعات تأخّر ربيعها... والمناسبة تطل على الفلسطينيين هذه العام، وهم يتحضرون لمغادرة حالة الانقسام التي اعتصرتهم لسنوات خمس عجاف... فيما مسارات التفاوض و"حل الدولتين" يترنح تحت ضربات الاحتلال والعنصرية والاستيطان والحصار.

 

كان ينبغي على فصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، أن تتخذ من هذه الذكرى، مناسبة لتذكير المجتمع الدولي بصورة صادمة بـ"الدولة الغائبة"... كان ينبغي أن نتخذ من هذه المناسبة فرصة لتصحيح المفاهيم وتوحيد المصطلحات، فالحديث عن "حل الدولتين" أكذوبة، تضع الجلاد والضحية في سلة واحدة، هناك دولة إسرائيلية قائمة، وهي دولة عدوانية توسعية، تحتل أراضي وذاكرة وحقوق شعب آخر... وفي هذه البقعة من العالم، وحدهم الفلسطينيون بلا دولة مستقلة تجسد طموحاتهم الوطنية، لأن أرضهم تحت الاحتلال الأخير في العالم... والمطلوب اليوم الكف عن رفع هذا الشعار المنافق، والذي لا يقل نفاقاً عن شعار "عملية السلام"... المطلوب اليوم تسمية الأشياء بأسمائها: كنس الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، هذا هو الهدف الأسمى لكل حراك سياسي ونضالي... هذه هي مآلات الفعل الفلسطيني المقاوم بشتى الطرق والأدوات والأشكال.

 

كان ينبغي على قوى الشعب الفلسطيني الحية، أن تبدأ ثانياً، وبعد أن تخرج الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات والمنافي، في مسيرات مليونية، غائبة حتى اللحظة عن "القاموس الفلسطيني، أن تنطلق في وفود كبرى، تجوب دول الربيع العربي بساحاته وشوارعه وميادينه، مذكرة بالحاجة لجعل هذا اليوم، يوماً من أيام العرب المنتفضين كذلك، فأنظمة الفساد والاستبداد، ضيعت حقوق الفلسطينيين الوطنية، مثلما بددت حقوق شعوبها في الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال والتنمية والرفاه... هي معركة واحدة، يتوجب علينا أن نخوضها جنباً إلى جنب، وكتفاً إلى كتف، لكي تستعيد القضية الفلسطينية ألقها وصدارتها وأولويتها... لكننا مقصرون في هذا المضمار... مقصرون بحق راهننا ومستقبلنا.

 

ثم ينتشر الحراك الفلسطيني ويمتد إلى دوائر إسلامية وإقليمية ودولية، للشعب الفلسطيني فيها ملايين الأصدقاء والحلفاء والمناصرين، الذين لا تعوزهم الإرادة والقدرة والرغبة على التحرك الجماهيري الواسع نصرة للحق الفلسطيني العادل والمشروع، لكن كيف يمكن مطالبة هؤلاء بالخروج إلى الشوارع ونحن قابعون في بيوتنا، ومنصرفون إلى أولويات أخرى وهموم أخرى.

 

آن لنا أن نعيد ضخ دماء جديدة في عروق الحركة الوطنية الفلسطينية، وأن نحقن حركة النضال الفلسطيني بشحنة كفاحية جديدة... آن لنا أن "نستعير" روح ربيع العرب وأدواته وأشكاله الكفاحية... آن لنا أن نستيقظ على دروس البطولة التي يسطرها شبان "التحرير" في مصر، وصبايا "التغيير" في اليمن، ورجالات حمص وأطفالها ونسائها، وثوار بنغازي ومصراته وسرت... .وجماهير تونس وسيدي بوزيد... آن لنا أن نستلهم روح الثورات المغدورة والمكبوتة في غير دولة ومجتمع عربي، تتحين لحظة الانقضاض على آسريها... أقول ذلك حتى لا نغرق في "نرجسية" فلسطينية وأدعو لاستعادة صفحات المجد والبطولة والريادة التي سطرتها الثورات والانتفاضات الفلسطينية التي سبقت ربيع العرب، بعشرات السنين، وكانت المشعل المضيء في ليل الفساد والاستبداد والاستسلام الذي أناخ فوق صدورنا وضمائرنا لأكثر من عشريات خمس من السنين.

 

لدينا فرصة لفعل كل ذلك كله وأكثر... لدينا فرصة لأن نجعل من ربيع حاضنة لربيع فلسطيني، طال انتظاره... لدينا فرصة لجعل بارقة الأمل في استعادة الوحدة والمصالحة، مدخلاً عريضاً للانتقال إلى ميادين الفعل الكفاحي الجماهيري، بدل أن تتحول مساعي إنهاء الانقسام إلى جدل عقيم حول تقسيم المغانم والمواقع والأجهزة والوزارات ووظائف الدرجة الأولى...لدينا فرصة لنضع العالم بمجملة أمام مسؤولياته من جديد، وعلينا أن نبدأ الآن، وأن نبدأ من هنا... من رام الله وغزة ومخيمات الشتات ودنيا المنافي والمغتربات... هنا الوردة فلننطلق من هنا.

 

صحيفة الدستور الأردنية