خبر يوم الناخب -معاريف

الساعة 09:11 ص|28 نوفمبر 2011

يوم الناخب -معاريف

بقلم: ايلي أفيدار

من مواليد الاسكندرية، المستشار السياسي لارئيل شارون ورئيس الممثلية الاسرائيلية في قطر

(المضمون: مصر، مثل دول عربية اخرى، من شأنها أن تغرق في السنوات القريبة القادمة في نقاش داخلي. الغالبية الساحقة من مواطنيها سيعنون بمستقبل بلادهم وبمصاعبهم اليومية. علينا ان نمتنع عن صرف الخطاب السياسي الى اتجاهنا المصدر).

        هذا الصباح سيخرج المواطنون المصريون للتصويت في انتخابات ديمقراطية تاريخية للبرلمان. وتتنبأ التوقعات التعزز الشديد لقوة الاخوان المسلمين ربما لدرجة صعودهم الى الحكم. مخاوف في هذا الموضوع تجد تعبيرها في العناوين الرئيسة للصحف في اسرائيل وتولد رؤى أخروية ستصبح أكثر انتشارا بعد نشر نتائج الانتخابات. ما يجري في مصر يترجم في عيون اسرائيلية كتهديد استراتيجي، وهذا يؤدي الى أجواء جماهيرية هستيرية. في الايام الاخيرة شوهد الاخوان المسلمون في  التلفزيون وهم يكتبون رسائل تهديد بالعبرية الركيكة، بل وبثت صورة غريب أطوار ملتحٍ يتوعد بحرب مقدسة ضد الصهاينة. مستوى الضغط يرتفع، مع ارفاق أنباء عن تعزيز القوى الاسلامية في تونس وفي المغرب، مما يدفع منتخبي الجمهور والمسؤولين على انواعهم الى التنافس الواحد مع الاخر في نبوءات الغضب: واحد يتوقع ثورة اسلامية في مصر، والاخر يقرر بان على اسرائيل أن تستعد لحرب في الجبهة الجنوبية.

        هذه ظاهرة معروفة. تغييرات ذات مغزى في المحيط الذي اعتدنا عليه تفسر كتهديد على الاستقرار، وهذا يعتبر كخطر وجودي. رد الفعل الغريزي الفوري هو الاستعداد لما هو اسوأ. غير أنه في تحديد الاستراتيجية السياسية فان الاعتبارات الواعية والقراءة السليمة للواقع يجب أن تقبع في أساس عملية اتخاذ القرار، وليست الأحاسيس الباطنية. فمصر، حتى تحت سيطرة الاخوان المسلمين، لا يمكنها ان تهدد اسرائيل استراتيجيا. بوسعها أن تؤثر على وتيرة تدفق الوسائل القتالية الى غزة والتحكم بشكل غير مباشر بمستوى الارهاب، ولكن ليس أكثر من ذلك. ليس لمصر مصلحة أو قدرة على الدخول في حرب مع اسرائيل. كل من يصعد الى الحكم في أعقاب الانتخابات اليوم يعرف جيدا بان ليس لبلاده احتمالا للانتصار في مصر هذه المواجهة.

        وفضلا عن ذلك، فان صعود محافل لا تروق للغرب هو نذر شر لاقتصاد الدول الغربية. فالتصنيف الائتماني العالي لا يعطى لدول تسيطر فيها حكومات تسعى الى اعادة خطوة الحياة الى القرن التاسع للميلاد. لجان الاستثمار في المؤسسات الاقتصادية العالمية لا تسارع الى المخاطر بأموال مستثمريها في خدمة حكام معنيون بتصدير الثورة الاسلامية. رجال الاعمال في تلك الدول يميلون الى توجيه أملاكهم وأموالهم الى الاماكن التي يسود فيها القانون الحديث والمنطق الاقتصادي. لقد كانت مصر في وضع صعب منذ عهد مبارك، ومنذ سقوطه تدهور الاقتصاد فقط. عملية اعادة البناء، التي كان يفترض أن تستغرق 15 سنة، ستستغرق ثلاثة عقود، في افضل الاحوال، تحت حكم اسلامي متطرف.

        الاستراتيجية الفهيمة تنطوي على انه حتى في حالة صعود الاخوان المسلمين الى الحكم، فان التأثير علينا سيكون هامشيا. على اسرائيل أن تحترم كل اختيار ديمقراطي للشعب المصري، بل وأن تعلن عن ذلك على الملأ. ينبغي أن نكون يقظين وان نعزز المنظومة الامنية على طول الحدود المصرية، ولكن يجب الامتناع عن الانجراف نحو دوامة التصريحات الخطيرة. مصر، مثل دول عربية اخرى، من شأنها أن تغرق في السنوات القريبة القادمة في نقاش داخلي. الغالبية الساحقة من مواطنيها سيعنون بمستقبل بلادهم وبمصاعبهم اليومية. علينا ان نمتنع عن صرف الخطاب السياسي الى اتجاهنا.

        ساعة مصر بعد مبارك تحل اليوم. هل ستكون هذه بلاد الاخوان المسلمين أم بالذات بلاد وائل غنايم، رجل غوغل الذي اشعل الاضطرابات؟ الشعب المصري يائس، وعن حق. فلم تنهض له زعامة قادرة على ان توجد الفصائل المختلفة وتسير بمصر الى الامام. مشكوك ان تجلب هذه الانتخابات الحالية ايضا البشرى