خبر مدينتان توأمان- معاريف

الساعة 09:17 ص|27 نوفمبر 2011

مدينتان توأمان- معاريف

بقلم: أفيعاد بورليس

في السنة الأخيرة ساءت جدا علاقات اسرائيل مع تركيا. من حليف اقتسم معنا المصالح المتفرعة في الجيش والاقتصاد ساعدت الطرفين جدا، تحولت تركيا الى دولة معادية انقطعت عنا وليست بعيدة جدا عن تعريفها كعدو. المثير للاهتمام هو أنه على مدى كل الفترة التي تدهورت فيها العلاقات، أعربت محافل رسمية في القدس  عن قلها من الوضع الداخلي في تركيا، التطرف الديني، تعزيز قوة المحافل الاصولية – وبالاساس قرار رئيس الوزراء طيب اردوغان اجراء تعديلات على الدستور التركي تؤدي الى اضعاف قضاة المحكمة والفكر العلماني لابي تركيا الحديثة، كمال أتاتورك. اولئك المسؤولون في وزارة خارجيتنا، وبشكل عام، بدأوا يبدون تدخلا نشطا في المشادة الخطرة التي نشأت مع أنقرة، وبدلا من العمل كدبلوماسيين، تصرفوا كحملة بلطات وبلغوا الذروة في اجلاس السفير التركي على كرسي منخفض في لقائه مع نائب وزير الخارجية داني ايالون.

الثورة الحريرية الاسلامية التي نفذها اردوغان في الحكم التركي – دون سفك دماء وعلى حساب الجيش وجدول الاعمال العلماني – والتي ادت ليس فقط الى ابتعاده عن اسرائيل بل وعن الولايات المتحدة والغرب، بالتأكيد ينبغي أن تقض مضاجعنا. القلق الاسرائيلي المتصاعد من هذه العملية مفهوم وشرعي تماما لولا سياقات مشابهة جدا كادت تحصل بالتوازي في القدس نفسها.

الحالم بالدولة بنيامين زئيف هرتسل، وكذا ابو تركيا الحديثة أتاتورك، تبنيا الاعتدال السياسي، تشجيع التعليم العالي، جهاز قضائي مستقل وفصل السلطات. وهما لن يريا بعين طيبة الخروج عن هذا الاتجاه الذي سار فيه بلداهما. في اسرائيل، رئيس الوزراء ليس قويا سياسيا مثل نظيره التركي، ولكنه يقاد من ائتلاف اصولي – ليس بالذات من معتمري القبعات الدينية فقط، بل دينيا بحماسته الثورية – يقوم باعمال شائنة بالاكراه لكل ما سمح على مدى السنين لدولة اسرائيل بان تكون فيلا في الغابة المحيطة بها. وكلما مرت الايام، يتبين أن اسرائيل لم تعد ذات الفيلا، بل انها تسير نحو الانسجام مع الجيران المحيطين.

التعبير الاوضح عن عربدة الرعب هذه، التي تذكر بعهود ظلماء في القرن الماضي، هو يريف لفين. سطحيا، رجل من التيار المركزي وصل لان يكون نائب رئيس رابطة المحامين في اسرائيل. عم أمه كان قائد التلينا، وأبوه رجل حركة العمل. لفين، في مقابلة اجريت معه في "معاريف" يوم الجمعة تحدث عن المحكمة العليا والقاضي أهرون باراك بالشكل الذي تحدث عنهما فيه الحاخام مئير كهانا في مؤتمرات في القدس في بداية الثمانينيات، فيما كان حوله نماذج هاذية ومرفوضة من هوامش المجتمع. قبل ثلاثن سنة كان هذا يعتبر شاذا ومجنونا. أما اليوم فان لفين والسرب الذي يحيط به يعربدون دون أن يكون هناك رجل كبير في السن يجلس فوق ويمنعهم من ذلك.

مما يعني أنه لو كان عقد هذه الايام لقاء قمة بين بنيامين زئيف هرتسل زعيمنا وكمال اتاتورك زعيمهم، لكان من المعقول الافتراض بانهما كانا سيخرجان الى الصحفيين ببيان مشترك يقولان فيه ان حلمهما قد تشوش. وعليه فان جملة "قلق في القدس مما يجري في تركيا" ليست منزوعة عن الواقع جدا. علينا قبل ذلك أن نقلق مما يجري في القدس نفسها.